أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    05-May-2018

شركات اليابان تكسر قالب العزلة المجيدة .. بالاستحواذ خارجيا
فايننشال تايمز - 
في ذروة الفقاعة المالية التي حدثت في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، أدت صفقة واحدة تميز بها ذلك العصر إلى تمزيق الحكمة التقليدية بشأن دوافع اليابان، كصانع صفقات عالمي.
كانت صفقة شركة بريدجستون لشراء نظيرتها الشركة الأمريكية الصانعة للإطارات فايرستون بقيمة 2.6 مليار دولار، هي أكبر صفقة في الخارج شهدتها اليابان على الإطلاق.
لقد أجبرت الصفقة الجميع في جميع أنحاء العالم على إعادة النظر في فكرة التزام الشركات اليابانية بالنمو العضوي فحسب، وبالتالي إعادة تعيين الافتراضات حول التصميم والثقة في مجالس الإدارة في طوكيو وأوساكا وكويوتو.
بعد 30 سنة بالضبط من ذلك، وبصفقة أكبر بـ25 مرة، فعلتها اليابان مرة أخرى. كان الارتفاع في تدفق صفقاتها الخارجية لافتا للنظر منذ عام 2014، لكنه الآن، كما تقول الشركات ومستشاروها، انتقل إلى مرحلة جديدة.
عرض "تاكيدا" بقيمة 65 مليار دولار للاستحواذ على "شاير"، كما يقول مصرفيون ومحامون مختصون بعمليات الاندماج والاستحواذ، في حدث يمثل لحظة محورية لليابان.
يجب على رؤساء الشركات الذين يواجهون حقائق شيخوخة السكان المتسارعة، أن يعترفوا رسميا بأن النمو طويل الأجل لا يمكن أن يوجد إلا خارج بلدهم المتقلص.
يقرر الرؤساء التنفيذيون الآن أن هذا النمو يجب أن يتم شراؤه. كانت عملية الاستحواذ على شركة فايرستون، كما يشرح أحد المصرفيين، عملية شراء خارجية "من الجميل أن تحدث". ويضيف: "كل شيء تفعله اليابان من الآن فصاعدا ’هو أمر لا بد منه‘".
سواء أكان ذلك ناجحا أم لا، يمثل عرض “تاكيدا” لشركة شاير ذروة الضغوط التي أصبحت الآن ملموسة في جميع أنحاء مجالس الإدارات اليابانية، مع دخول حقبة برنامج آبي الاقتصادي المعروف بآبينومكس للتمويل الرخيص وإصلاح الحوكمة عامه السادس.
هناك حجة مقنعة للقيام بعمليات الاستحواذ في الخارج: حكومة كانت منذ 2013 واضحة في دعمها للصفقات الخارجية؛ والضغط المدفوع بحوكمة الشركات لتحقيق عوائد أفضل على حقوق المساهمين؛ والقطاع المصرفي الذي يرى تمويل الاستحواذ على أنه واحة من النمو في السوق المحلية المتعطشة لطلب القروض.
تشترك صفقة "تاكيدا" مع كثير من الشركات اليابانية، في المخاطر المالية ومخاطر التنفيذ الكبيرة الناجمة عن كل هذه الضغوط. وفي حين أن هناك ثقة بالغة في أن الصفقات يمكن القيام بها، إلا أن هناك توترا عميقا بشأن ما يحدث بعد ذلك - خاصة الآن بعد أن بدأ حملة الأسهم المحليون يعبرون عن انتقاداتهم للإدارة بشكل أكثر صخبا.
كان المشهد في عام 2017، إعلان شركة البريد الياباني عن خسارتها لأول عام كامل لها كشركة مدرجة، بعد عملية شطب ضخمة حول شرائها عام 2015 لمجموعة الخدمات اللوجستية الأسترالية تول، مقشعرا للأبدان.
يقول الرئيس التنفيذي لمجموعة صناعية مقرها أوساكا إن ميزان المخاطرة في الوقت الراهن يؤيد القيام بالصفقة. ووفقا للبيانات الحكومية الأخيرة، يتقلص عدد السكان الأصليين في اليابان الآن بمعدل 1000 شخص يوميا.
ليس من قبيل المصادفة أن تسعا من أكبر شركاتها، بما في ذلك هيتاشي وريكو وسوميتومو كيميكال وفوجي فيلم أعلنت فيما بينها، نية إبرام ما قيمته 30 مليار دولار من الصفقات الخارجية خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وحتى قبل عرض "تاكيدا"، فإن اليابان - التي شاركت في 238 صفقة خارجية بقيمة 29 مليار دولار على مدى الأشهر الأربعة الماضية، وفقا لشركة طومسون رويترز – تفوقت على الصين في عمليات الاندماج والاستحواذ الخارجية في عام 2018. وقد أبرمت شركة فوجي فيلم وحدها صفقتين بقيمة 6.9 مليار دولار هذا العام.
يقول كينيث ليبرون، محامي عمليات الاندماج والاستحواذ في شركة شيرمان آند سترلينج في طوكيو، إن عددا قليلا من الشركات اليابانية يفكر في مستويات عالية فعلا، لكنه يضيف: "إذا حصلت على ما يكفي من هذه الأمثلة، فستكون هناك ظاهرة اتباع القائد".
حتى عند المقارنة بسلسلة حديثة من الصفقات الضخمة اليابانية لشركات مثل سوفت بانك وسنتوري وصناعة التأمين، فإن عرض "تاكيدا" هو عرض استثنائي.
بالنسبة لكثيرين في البلاد، لم يعد ينظر إلى هذه الشركات على أنها شركات يابانية الآن بشكل فريد، لأن رؤساءها التنفيذيين ومديريها الماليين وموظفي الجودة العالمية غير يابانيين.
تحت إدارة الفرنسي كريستوف ويبر، لدى الشركة المصنعة للدواء التي تبلغ من العمر 237 عاما، مجلسا يضم أغلبية من أعضاء مجلس الإدارة المستقلين، وفريقا تنفيذيا يتخذ اللغة الإنجليزية لغة للعمل.
يقول ستيفن باركر، المحلل في CLSA: "أعتقد أنه كان من غير المرجح أن يحاول فريق الإدارة الياباني القيام بشيء على هذا النطاق. لا يتوافر لدى أي فريق إدارة في شركة أدوية يابانية أخرى هذا المستوى من الخبرة الدولية".
إضافة إلى ضغوط الصناعة الدوائية التي تسببت في موجة من عمليات الاندماج والاستحواذ على مدى السنوات الخمس الماضية، كانت الصفقة مدفوعة، وفقا للأشخاص المشاركين، بطموح ويبر الشخصي في شركة واجه فيها في وقت من الأوقات حملة الأسهم المنشقين، الذين يتهمون شركة تاكيدا لمحاولات اختطافها من قبل مصالح أجنبية.
مع توطيد الصناعات ومواجهة السوق المحلية لتراجع لا مفر منه، يقول التنفيذيون في الشركات ذات المجالس اليابانية الخالصة إنه يتعين عليهم أخذ المقامرة نفسها قبل أن يفقدوا الفرصة للعمل.
في الوقت الحالي، تنظر الشركات إلى الخارج لأنها تتمتع بصحة جيدة بما يكفي لشراء الأصول الخارجية. يقول يوكي أوي، الشريك في شركة نيشيمورا آند أساهي القانونية: "يدرك كثير من المديرين التنفيذيين أنهم بحاجة إلى الاستثمار طالما كان ذلك في إمكانهم".
ميتسو ساواي، رئيس شركة ساواي للأدوية، هو أحد هؤلاء الرؤساء التنفيذيين. وفي العام الماضي، أكملت شركة الأدوية التي تتخذ من أوساكا مقرا لها استحواذا بقيمة 1.1 مليار دولار على شركة الأدوية العامة "الجنيسة" لمختبرات أبشر سميث في الولايات المتحدة، وهي أول عملية شراء لها في الخارج.
وكما يقول: "أردت بعملية الاندماج والاستحواذ هذه أن نتمكن من التوسع في الولايات المتحدة، ونبني دعامة النمو الثانية في المستقبل في الوقت الذي تستمر فيه مبيعات الأدوية العامة في النمو في اليابان".
ويوضح توسع الصفقات الخارجية للاعبين متوسطي الحجم مثل شركة ساواي أن عمليات الاستحواذ أصبحت الآن أساسية لشركات اليابان. وكما يقول كويتشي ييدا، الرئيس التنفيذي لـ"ميزوهو للأوراق المالية": "عمليات الاندماج والاستحواذ الخارجية بدأت تصبح بالتأكيد غريزة طبيعية للشركات اليابانية، وعقبات التوجه إلى صفقات خارجية بدأت في الاختفاء".
يتوقع المحللون أن عدد الصفقات سيستمر في الارتفاع. إذا كانت هذه هي الحال، فإن من بين أكبر الرابحين المصارف اليابانية مثل MUFG، ومجموعة ميزوهو المالية ومجموعة سوميتومو ميتسوي المالية، لأن نماذج أعمالها لا تتآكل بشكل مباشر بسبب الشيخوخة في اليابان، وتقلص الديموغرافيات، ولكن أيضا منذ عام 2016 شاهدت تراجع هوامشها الأساسية بسبب سياسة سعر الفائدة السلبية لبنك اليابان "المركزي".
وقد سعت المصارف العملاقة، كما هي الحال مع كثير من عملائها من الشركات، إلى تحقيق النمو في الخارج، ولا سيما حيث يرون أن الصناعة اليابانية آخذة في التوسع.
يحاول MUFG، على سبيل المثال، إتمام شراء بنك دانامون الإندونيسي بقيمة ستة مليارات دولار، على خلفية صفقات في فيتنام وتايلاند والفلبين.
الهوامش المتوافرة من تمويل عمليات الاستحواذ في الخارج من قبل الشركات اليابانية تعطي دليلا قويا.
وتشير الشركات المصرفية المشاركة في هذا النشاط إلى أنها تستطيع الحصول على ما لا يقل عن 30 نقطة أساس أكثر من متوسط أسعار الفائدة المفروضة على القروض طويلة الأجل الجديدة.
ويقول المحللون الذين يغطون هذا القطاع إن المصارف قد تلعب الآن دورا نشطا في دفع المشترين إلى محاولة القيام بعمليات استحواذ أكثر جرأة مما كان متوقعا من قبل.
وبصرف النظر عن التشجيع الذي تتلقاه الشركات من وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة في اليابان، تحول المصارف أحلامها الكبيرة في عمليات الدمج والاستحواذ إلى واقع عملي.
يقول كينيث سيجل، الشريك المنتدب في شركة المحاماة موريسون آند فوريستر، إن الخلفية النقدية لبرنامج آبي الاقتصادي "تدفع المصارف إلى دعم عمليات الاستحواذ الخارجية بقوة أكبر نظرا للأسعار الأفضل لتمويل الاستحواذ".
وقد ساهمت المصارف أيضا في الشعور العام في الشركات اليابانية بأن الإطار الزمني لاختتام هذا النوع من الصفقات الضخمة والتحويلية محدود.
يقول ليبرون: "إذا انتظرت الشركات اليابانية عشر سنوات أخرى، فإن سوقها المحلية ستكون قد تقلصت بالفعل وقد لا تكون لديها ميزة التمويل بعد الآن. قد تكون هذه هي الفرصة الوحيدة التي يتوافر فيها المال الرخيص وكثير من السيولة المتاحة للقيام بهذا النوع من الصفقات، التي تسمح للشركات بالازدهار خلال الثلاثين سنة المقبلة".
خطر الإفراط في التوسع، كما يحذر بعض المحللين، هو خطر كبير. يقول النقاد إن القروض المصرفية النشطة يمكن أن توجد "مخاطر أخلاقية" حيث تتوسع الشركات بشكل مفرط للحصول على هدفها.
استحواذ "تاكيدا" على شركة شاير قد يؤدي إلى زيادة ديونها ستة أضعاف من تريليون ين إلى ستة تريليونات ين (55 مليار دولار)، وذلك وفقا لوكالة موديز.
يقول مصرفيون إن الرغبة في عمليات الاستحواذ الكبيرة في الخارج تراجعت بشكل حاد في النصف الأول من العام الماضي، بعد أن تسببت عمليات شطب الأصول في الخارج إلى التشكيك في مستقبل "توشيبا"، وأدت إلى خسائر كبيرة في "البريد الياباني".
وردت وزارة التجارة على ذلك بدليل يتكون من 178 صفحة حول كيفية تنفيذ صفقات ناجحة، مع تحذير بألا يصدقوا كل ما يقوله المستشارون الماليون والنظر إليهم بنوع من التشكك.
بالنسبة لبعض الشركات، لا توجد بدائل كثيرة إذا أرادوا البقاء على قيد الحياة. ويجادل كثيرون حول أن الصفقات الكبيرة يمكن أن تصبح الآن القاعدة في قطاعات مثل الأدوية والمشروبات والتكنولوجيا.
يقول كويشيرو دوي، رئيس عمليات الاندماج والاستحواذ في اليابان في بنك جيه بي مورجان، إن القوى المحركة وراء الصفقات الخارجية آخذة في التطور ويظهر جيل جديد من الرؤساء التنفيذيين لتوجيه هذه القوى.
يقول دوي: "التغيير الرئيسي هو توليد مديرين تنفيذيين جدد لديهم موقف أفضل بشأن كيفية إدارة أعمالهم في السياق الدولي، وهم على استعداد لخوض المزيد من المخاطر".
ماساميتشي تيراباتاكي، 52 عاما، الذي تم تعيينه رئيسا تنفيذيا لشركة التبغ اليابانية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، من بين هذه المجموعة الجديدة من الرؤساء التنفيذيين. لقد شهد التحول العالمي للشركة من خلال استحواذها على شركة جالاهير في المملكة المتحدة في عام 2007 بقيمة 7.5 مليار جنيه استرليني، وقد أمنت المجموعة استحواذا بقيمة 1.7 مليار دولار في روسيا هذا العام.
كما غيرت شركات مثل سوني وهيتاشي وباناسونيك مواقفها من بيع الأصول الطرفية التي تقول الشركات المصرفية إنها يمكن أن تعزز عمليات الشراء في الخارج، في الوقت الذي تحدد فيه الشركات كفاءاتها الأساسية.
كما يقول يوشيهيكو يانو، رئيس عمليات الاندماج والشراء في بنك جولدمان ساكس في طوكيو: "في السابق، كان هناك ميل لنكون حرصاء على الشراء، ولكننا كنا مترددين في البيع. والآن، بدأنا نرى نهجا استراتيجيا أكثر لتبسيط المحافظ، حيث أصبحت الشركات أكثر ارتياحا في بيع الأصول غير الأساسية واستخدام العائدات لإجراء عمليات شراء أكثر إنتاجية".
يقول مصرفي آخر في مجال الدمج والاستحواذ، سيكون من الخطأ تفسير الشراء على مدى السنوات الخمس الماضية على أنه تبخر للغرائز الحذرة التي طالما انتقد من أجلها "الرؤساء التنفيذيون برواتب" - الذين أحرزوا تقدما في شركاتهم بدلا من تأسيسها.
ويضيف: "في معظم الحالات التي نتعامل معها، نراقب تحولا من محافظ إلى محافظ أخرى نوعا ما".
في السنة التالية على استحواذ "بريدجستون" على "فايرستون" أدت عملية الاستحواذ إلى خسارة 350 مليون دولار. في السنة التي تلت ذلك، توسعت خسائر شركة فايرستون لتصل إلى 500 مليون دولار، بحيث جرجرت أرباح الشركة الأم إلى نحو الصفر، وحولت رمزا من رموز الطموح الياباني إلى ما يبدو أنه دليل على الغطرسة.
بعد مرور 30 سنة، أصبحت "بريدجستون" أكبر شركة في العالم لصنع الإطارات من حيث المبيعات، وينظر الآن إلى صفقة "فايرستون" على أنها كانت العامل المساعد لتلك الهيمنة العالمية.
يقول شينسوكي تسونودا، رئيس عمليات الاندماج والاستحواذ في وكالة نومورا للأوراق المالية في طوكيو: "قبل سنتين، كانت فورة الشراء التي شهدناها عبارة عن شركات يابانية تسعى للنمو خارج اليابان – كانوا يشترون في أسواق يرون أنهم يستطيعون النمو فيها من خلال إضافة شركات أسهم خاصة شركة أخرى إلى منصتها من الشركات التي تملكها. الآن الأمر يتعلق أكثر بالاستجابة لعمليات تصويب وتعزيز الأوضاع عالميا. لا يريدون البقاء خارج الساحة".