أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    20-Apr-2024

كيف نعوض نقص الكفاءات المهاجرة لتحقيق التنمية المنشودة؟

 الغد-هبة العيساوي

 عقب دراسة حديثة أكدت اغتراب ما يقارب مليون أردني بحثا عن العمل والعلم، أكد خبراء على سلبيات هجرة العقول والكفاءات والأثر الذي تتسبب به على التنمية الاقتصادية.
 
 
وبين الخبراء، في حديث لـ"الغد"، أن على الحكومة البحث عن أسباب هجرة العقول وإيجاد الحلول لبقائها، كونها تشكل استثمارا مهما للبلد.
 
وأكدت دراسة حديثة صادرة عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "الإسكوا"، أن نحو 924 ألف مغترب أردني غادروا البلاد إلى الخارج بحثا عن فرص للعلم والعمل.
وأعدت هذه الدراسة بالشراكة بين "الإسكوا" والمجلس الأعلى للسكان في الأردن، وهي تندرج ضمن الجهود التي تبذلها الحكومة للوفاء بالتزاماتها بتحقيق أهداف عدد من الأطر العالمية، بما في ذلك الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية وخطة التنمية المستدامة.
الخبير العمالي والاقتصادي جواد عباسي، قال إن هجرة العقول والكفاءات لها ايجابيات وسلبيات، فمثلا معظم المغتربين الأردنيين في الخليج متعلمون ومهنيون، وهم عماد تحويلات المغتربين ورافد أساسي للعملة الصعبة والاقتصاد.
ورأى عباسي أن السلبيات عديدة أيضا، وهي حرمان الوطن من إسهاماتهم في البناء والتطور وأيضا خسارة ثقافية. وأضاف أن الأمل أن تكون الهجرة أساسا مؤقتة، بحيث لا يفقدون، وأبناؤهم معهم، ارتباطهم بالبلد وتصبح خسارة دائمة.
وبين عباسي أن تحفيز النمو الاقتصادي في الأردن عبر سياسات تشجيع المنافسة والاستثمار ومنع أي احتكارات، قد يساعد في زيادة فرص العمل في البلد وتصبح نقطة جذب للمتعلمين للبقاء في الأردن. ولفت إلى أن المغتربين والمهاجرين قد يصبحون أهم مستثمرين في البلد إن توفرت الظروف المشجعة.
بدوره، قال رئيس النقابات المستقلة المهندس عزام الصمادي، إن الأردن تعرض وبسبب موقعه الاستراتيجي وبسبب طبيعة ونشأة وتفكير الأردنيين وتشابك علاقاتهم الاجتماعية بدول الجوار، إلى موجات متلاحقة من الهجرة عبر التاريخ، منها ما كانت قسرية نتيجة النزاعات التي اندلعت في المنطقة، ومنها هجرة اليد العاملة.
وبين الصمادي أن هذه الهجرة، وخاصة القسرية، أسهمت في زيادة النمو السكاني للأردن بشكل غير طبيعي، مما رتب أبعادا وآثارا اقتصادية واجتماعية وديموغرافية وتنموية على الداخل الأردني، الأمر الذي رتب تحديات على جميع الأصعدة.
ورأى أن السؤال الذي يطرح نفسه كيف تعاملنا مع موجات الهجرة التي تعرض لها الأردن؟
وتابع الصمادي "لم نحسن على الإطلاق التعامل مع الهجرات القسرية التي استقبلها الأردن؛ حيث شكلت هذه الهجرات ما نسبته حوالي (30 %) زيادة على سكان الأردن في العام 2022 لأننا لم نستطع إشراك المجتمع الدولي بشكل فعال في تحمل مسؤوليته تجاه هذه الهجرات القسرية والناتجة عن النزاعات التي اندلعت في المنطقة". ولفت إلى أنه شكل عبئاً إضافياً على موازنة الدولة وعلى القطاعات الخدمية المختلفة كافة.
أما بالنسبة لهجرة اليد العاملة الأردنية للخارج أو هجرة العمالة الوافدة للأردن، فيقول الصمادي "إن علينا، بداية، التحدث عن هجرة الأردنيين للخارج، فهناك أسباب متعددة لذلك، منها: عدم وجود فرص عمل كافية لاستيعاب الداخلين الجدد لسوق العمل والرغبة كذلك في تحسين الأوضاع المعيشية لمن يسعى للهجرة".  ويتوافق الصمادي مع الرأي القائل إن هناك إيجابية لوجود مهاجرين أردنيين يعملون في الخارج، وهذه الإيجابية تتمثل في التحويلات المالية للداخل والتي يقومون بتحويلها، وكذلك اكتساب الخبرة والمهارة التي يسعى لها كل باحث عن فرصة عمل خارج الأردن، لكن في المقابل يخسر الأردن نتيجة هذه الهجرة عقولاً وخبرات أردنية كان من الممكن الاستفادة منها في بناء وتطوير البلد.
"وفي سبيل التخفيف من الآثار السلبية لهجرة اليد العاملة الأردنية للخارج أو التخفيف منها ما أمكن والتعامل بشكل إيجابي مع اليد العاملة الوافدة إلينا للعمل، يجب علينا العمل بشكل جدي لتنظيم سوق العمل الأردني وتوفير بيئة عمل ملائمة للقوى العاملة الأردنية تتمثل بتوفير الأجر المناسب الذي يؤمن عيشا كريما للعامل الأردني، بحيث لا يتم دفعه للهجرة الخارجية، وكذلك توفير الحمايات الاجتماعية له وتأمين بيئة عمل تلتزم بتوفير الصحة والسلامة المهنية"، وفق الصمادي. 
بدوره، قال رئيس بيت العمال حمادة أبو نجمة "إن هجرة الكفاءات الأردنية تشكل ظاهرة خطيرة على المستقبل الاقتصادي للأردن، فمغادرة أصحاب الخبرات والمعارف وذوي التعليم العالي تخلق فجوة مهارية يصعب تعويضها، وتضعف القدرة على الابتكار والتطوير، وتعيق تنفيذ المشاريع الاستراتيجية وتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية".
وبين أبو نجمة أنها تسهم في ازدياد معدلات البطالة، وارتفاع تكلفة توظيف الكفاءات البديلة التي يتم استقطابها من الخارج، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع قدرة الشركات والمؤسسات الأردنية على المنافسة في السوقين المحلي والعالمي، كما تؤدي إلى إضعاف إمكانية استقطاب الاستثمارات الأجنبية أو الحفاظ على الاستثمارات القائمة، وكذلك إلى فقدان فرص العمل الاستثمارية، وتراجع دور الأردن في مجالات البحث العلمي والتقدم التكنولوجي.
ورأى أنه للتصدي لهذه المشكلة، يجب العمل على تحسين فرص العمل وضمان شروط العمل اللائق، وتوفير الأجور والمزايا التنافسية التي تجذب الكفاءات وتحفزها على البقاء، وخلق بيئة عمل تشجع على الإبداع والابتكار، ودعم مشاريع الريادة وريادة الأعمال لخلق فرص عمل جديدة.
ودعا أبو نجمة إلى ضرورة العمل على تطوير السياسات التعليمية ومعالجة الاختلالات فيها، بتحديث المناهج الدراسية لتواكب احتياجات سوق العمل، والتركيز على مهارات التفكير النقدي ومعالجة المشكلات، وتعزيز التعاون بين الجامعات ومؤسسات القطاع الخاص.
ولفت إلى تعزيز دور البحث العلمي بزيادة الاستثمارات فيه، ودعم إنشاء مراكز أبحاث متقدمة في مختلف المجالات، وتشجيع التعاون الدولي في مجال البحث العلمي.
وبين أبو نجمة أنه يتطلب الأمر كذلك العمل على خفض تكاليف المعيشة، خاصة السكن والرعاية الصحية، وتوفير خدمات البنى التحتية المتطورة، وتحسين منظومة العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.
يشار إلى أن الدراسة الحديثة عن الهجرة ترمي إلى سد الفجوة المعرفية بشأن واقع الهجرة في الأردن، وتقديم الأدلة العلمية الكمية والنوعية في هذا المجال، وهي تسهم في تجديد الأولويات ونقاط التدخل بهدف تطوير إطار حوكمة الهجرة والأمل معقود على أن تشكل أرضية علمية لإعداد إستراتيجية الهجرة للأردن التي من شأنها أن تسهم في تحقيق رؤية الأردن 2025، ورؤية التحديث الاقتصادي.
واقتصرت الدراسة على البحث في قضايا الهجرة من الأردن وإليه، واستثنت من تحليلها التفصيلي قضايا اللجوء نظرا إلى توفر الكثير من الدراسات التي تناولت ملف اللاجئين.
وأوضحت الدراسة أن الأعداد الكبيرة من الداخلين الجدد من غير الأردنيين إلى سوق العمل، شكلت ضغطاً متواصلاً على فرص العمل المحدودة في سوق العمل الأردني خلال السنوات الماضية، والذي يعد أصلا سوقا محدود الإمكانيات بسبب ضعف الاستثمارات الأجنبية والمحلية من جهة، وضيق القطاعات الاقتصادية المشغلة للعمالة من جهة أخرى، مما أدى إلى زيادة البطالة في ظل محدودية الاستثمار والمشاريع الجديدة القادرة على استيعاب المزيد من الأيدي العاملة.