أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    13-Jan-2018

هل تنجح «قناة إسطنبول» في ربط البحرين الأسود ومرمرة وجلب المليارات لتركيا؟

 القدس العربي-إسماعيل جمال: يحمل مشروع «قناة إسطنبول» لربط البحرين الأسود ومرمرة عبر ممر مائي موازي لمضيق البوسفور الكثير من الأسماء أبرزها: «المشروع المعجزة» و»حلم أردوغان» و»مشروع العصر»، في إشارة إلى ضخامة وصعوبة تنفيذ المشروع الذي تقترب الإجراءات التمهيدية لإنشاءه على الانطلاق.

وعقب سنوات طويلة من الجدل حول المشروع وتأجيل انطلاقه عاماً بعد آخر، حسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأمر بالإعلان عن أن أعمال دراسة المشروع والتحضيرات له اقتربت من نهايتها، وأن إحالته للشركة المنفذة لبدء العمل عليه ستتم العام الجاري.
لكن الأحدث هو ما أعلنه وزير النقل والمواصلات التركي أحمد أرسلان، أمس الأول والذي أكد لأول مرة أن مرحلة التحضير واختيار مسار المشروع قد انتهت فعلياً، وأنه سوف يتم الإعلان عن ذلك وتوضيح المسار الذي جرى اختياره خلال أيام فقط.
وكان أردوغان، الذي يؤكد دائماً على أن حزبه وحكومته يعملان على تحقيق الأحلام والمشاريع التي تبدو مستحيلة في البلاد، وعد بأن يكون مشروع قناة إسطنبول «رائداً على مستوى العالم»، ومؤكدا على أن هذا المشروع «كان حلمه»، فيما اعتبر رئيس الوزراء بن علي يلدريم أن «حكومته تحول الأحلام إلى حقائق عبر شق قناة إسطنبول التي ستكون مخصصة لعبور السفن». طوال السنوات الماضية، أطلقت العديد من التكهنات عن تفاصيل المشروع، لا سيما ما يتعلق بالمسار المتوقع له، لكن وبعد دقائق من إعلان الوزير عن اختيار المسار بشكل نهائي، كشفت صحيفة (صباح) المقربة من الحكومة عن ما قالت إنها التفاصيل النهائية للمشروع.
وحسب التفاصيل المنشورة، فإن القناة التي ستكون موازية لمضيق البوسفور وتربط البحرين الأسود ومرمرة من الجانب الأوروبي لإسطنبول، سوف تكون بطول 42.2 كيلومتر وتمتد من مناطق مركزية في إسطنبول منها مناطق أفجيلار، كوتشوكتشيكمجي، باشارك شهير، أرنفوت كوي. وسوف تكون القناة الجديدة بعمق 25 متراً وعرض 150 مترا.
ومن المتوقع أن تصل تكاليف إنشاء القناة إلى 65 مليار ليرة تركية (قرابة 17 مليار دولار أمريكي) وسيعمل فيها خلال مرحلة الإنشاء 6000 شخص، وقرابة 1500 في مرحلة التشغيل. وسيتم إنشاء ميناء ومركز خدمات لوجستية على ضفتي القناة على البحر الأسود وبحر مرمرة.
 
أهداف القناة وجدواها الاقتصادية
 
حسب الإعلانات الرسمية، فإن هناك هدفين أساسيين للقناة، يتمثل الأول في تخفيف الآثار السلبية لكثافة مرور السفن التجارية من مضيق البوسفور السياحي وسط إسطنبول، وخاصة السفن التي تنقل المواد الخطيرة والبترول. أما الهدف الثاني والأبرز فيتمثل في تحقيق مكاسب اقتصادية ضخمة.
يقول خبراء ملاحة وحقوقيون ان المعضلة الأساسية التي تعاني منها تركيا هي القيود التي ما زالت مفروضة عليها بموجب اتفاقية «مونتيرو» التي وقعت عام 1936 وتهدف إلى تنظيم حركة السفن في أوقات السلم والحرب عبر البحر الأسود، بما يشمل المضائق التركية وخاصة مضيق البوسفور. فقد أجبرت تركيا بموجب هذه الاتفاقية على عدم الحصول على رسوم مجزية عن مرور السفن عبر البوسفور باعتباره مضيقا عالميا. لذلك تفرض تركيا رسوماً رمزية مقابل «تنظيم مرور السفن من المضيق».
وحسب آخر إحصائية نشرت قبل أيام، فإن 42 ألف و978 سفينة عبرت مضيق البوسفور خلال عام 2017، فيما عبرت 44 ألفا و615 سفينة مضيق الدردنيل خلال العام الماضي، ولم تتجاوز إيرادات المضيقين 312 مليون ليرة تركية (نحو 82.5 مليون دولار أمريكي) تحت بند «خدمات المنارة البحرية والإغاثة والإرشاد».
ومضيق البوسفور طوله 29.9 كم، وتتمثل أهميته بأنه يمتد من البحر الأسود إلى بحر مرمرة، ويعد واحد من أبرز ممرات الملاحة البحرية في العالم. أما مضيق الدردنيل فهو ممر مائي تركي يربط بين بحري إيجه ومرمرة، ويعتبر أحد الممرات الإستراتيجية على الضفة الشمالية الشرقية للبحر الأبيض المتوسط.
وتقول صحيفة (صباح) التي نشرت تقريرا موسعا حول القناة انه إبان مناقشة اتفاقية «مونتيرو» كانت تمر عبر مضيق البوسفور 3 آلاف سفينة سنوياً فقط، في حين وصل العدد حالياً إلى متوسط 50 ألف سفينة سنوياً، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 65 ألف في عام 2030، وإلى 100 ألف عام 2050.
من خلال هذه الأرقام تتوقع تركيا أن تلجأ السفن التجارية إلى المرور من القناة الجديدة بدلاً من الاضطرار إلى الانتظار لعدة أيام في انتظار دورها للمرور من مضيق البوسفور، وستكون الرسوم المفروضة على المرور من القناة الجديدة أقل من مصروفات انتظار السفن. وبالتالي يتوقع اقتصاديون أن تُدر القناة الجديدة ما لا يقل عن 8 مليارات دولار سنوياً على خزينة الدولة.
الحديث عن الجدوى الاقتصادية للقناة لا يتوقف عند الرسوم التي سوف تحصلها الدولة من السفن التي ستعبرها، بل يتناول تطوير منطقة بعيدة على أطراف إسطنبول إلى مركز جديد تتحول فيه ضفتي القناة الجديدة إلى ما يشبه مضيق البوسفور. فالقناة الجديدة سوف تكون قريبة من مشروع مطار إسطنبول الثالث الذي سوف يتحول إلى المطار المركزي الأول في إسطنبول وسيكون أحد أكبر المطارات في العالم. ومن المقرر أن يجري افتتاح المرحلة الأولى منه في الفصل الأول من العام الجاري كما ستكون القناة قريبة من جسر اسطنبول الثالث (يافوز سليم) الذي افتتح العام الماضي. وستكون ومحيطها مربوطة بخطوط مواصلات واسعة تشمل جسور والمطار الجديد وخطوط مترو تربط كل المنطقة الجديدة بقلب اسطنبول التاريخي.
ومن المتوقع أن تؤدي حزمة المشاريع هذه إلى إحياء منطقة جديدة من إسطنبول تُبني فيها مشاريع عقارية ضخمة، ربما تشمل بعد عدة سنوات ملايين السكان الجدد وتساهم في تخفيف الضغط على وسط إسطنبول المزدحم جداً.
 
تعزيز السياحة
 
بالإضافة إلى ذلك يتوقع أن تعزز القناة السياحة وتسهم في تحويل إسطنبول إلى ممر للتجارة العالمية، بشكل أكبر مما هي عليه الآن، وهو ما سينعكس بشكل أكبر على الاقتصاد التركي والتصدير والتبادل التجاري مع دول العالم.
غير ان مشروع إنشاء القناة لا يسير بسهولة حيث توجد معارضة سياسية وبيئية له.
وتقول المعارضة التركية، التي يتهمها أردوغان بأنها تعارض أي شيء يقوم به من باب المعارضة فقط، ان المشروع غير مضمون النتائج، وأنه يعبر فقط «عن جنون العظمة لدى أردوغان»، وأنه سيؤدي لرفع أسعار العقارات وبناء مشاريع عقارية تصب في صالح الحكومة ورجال الأعمال المرتبطين بها.
كما يحذر خبراء في مجالات البيئة والبحار من الآثار البيئية السلبية التي يمكن أن يتسبب بها المشروع لا سيما فيما يتعلق بربط مياه البحرين بشكل غير مدروس، وما قد يتسبب ذلك في تغيير التركيبة الطبيعية لهما. وقال أحد البيئيين»كما أن الماء والزيت لا يختلطان.