أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Jun-2020

كيف ننجح في تحقيق إقتصاد زراعي تغييري يحقق الاكتفاء ؟*عماد عبدالرحمن

 الراي

لا يختلف اثنان على ان المرحلة الحالية التي تمر بها البلاد من اصعب واخطر المراحل التي مرت على الدولة منذ تأسيسها قبل نحو مئة عام، لظروف إقتصادية وسياسية وصحية طارئة،أدت مجتمعة الى أزمات لكل القطاعات الحيوية في الدولة سواء كانت عامة أم خاصة، خدمية أو انتاجية، سياحية او صناعية او زراعية.
 
ولأن القطاع الزراعي حظى بقصب السبق وبإهتمام خاص هذه الايام كونه من القطاعات الواعدة التي من الممكن أن تحقق الاكتفاء الذاتي، والامن الغذائي المطلوب، ولوجود قدرات زراعية لدى معظم الاردنيين، كونها كانت مهنة الاباء والاجداد قبل الانصراف الى الوظيفة العامة والقطاع الخدمي، تتجه الحكومة لمبادرات من شأنها استنهاض القطاع الزراعي الاقرب الى «الخمول» وتوجيه الشباب المهدد بشبح البطالة للإنخراط بهذا المجال تحقيقا للإكتفاء الذاتي، ولإقتصاد بديل، لا بل امكانية التصدير للخارج كون الاسواق المحيطة معظمها تعاني من شح الانتاج الزراعي.
 
قبل ايام افتتحت وزارة الزراعة خمساً وعشرين بئراً جديدة في محافظة المفرق بهدف التشجيع على الزراعة وتوفير المياه التي تعتبر العنصر الاساسي لإنجاح اي مشروع زراعي، هذه مبادرة جيدة جداً، لكن هل هذا الاجراء كافٍ لتحقيق نهضة زراعية شاملة تعيد الالق للقطاع الزراعي وتضعه في موقع متقدم على صعيد الناتج القومي الاجمالي؟.
 
بالتأكيد نحتاج الى ما هو اكثر في هذا المجال لكي نحقق الطفرة الزراعية المستدامة والمنشودة، فلا ضير هنا من تفاعل أكبر لوزارة الزراعة مع المزارعين او المقبلين على مهنة الزراعة من خلال إجراءات إرشادية وتحفيزية، ودعم لوجستي، فلا يكفي ان تتوفر لديك النية بالزراعة، المطلوب ان تحقق القيمة المضافة المطلوبة، كونك ستنفق اموالاً قد تكون على شكل ديون، أو تستجلب المياه للزراعة من خلال الاعتماد على مدخراتك، بالتالي من الضروري نجاح مثل هذه المشاريع في بداياتها كونها تُطرق لاول مرة من قبل الكثيرين، فلماذا لا تبادر وزارة الزراعة لتوزيع الاشتال والبذور المُأصلة والمحسنة والصحة الملاءمة للبيئات المختلفة في المملكة، او تنظيم دورات جديدة لتربية النحل، حتى القطاع الخاص يمكنه المبادرة أيضا في هذا المجال.
 
صحيح ان الاغلبية لا تمتلك اراضي زراعية حتى وإن كان لديها الرغبة بطرق باب هذا القطاع، لكن في هذه الحالات هل يمكن الاستفادة من أسطح المنازل والحواكير الخلفية، والاراضي المهجورة، لتحقيق هذه التطلعات، وبناء نموذج إقتصادي تعاوني تغييري ؟، نعم هناك تجارب كثيرة في دول كثيرة أثبتت نجاحها وحققت للمواطن إكتفاء ذاتيا، ومنتج خال من المواد العضوية، ووفرت أماكن تبعث على الراحة لتسجية أوقات فراغ هادئة، ليكون المشروع الاقتصادي والاجتماعي الخاص لكل مواطن، يحقق تغييراً جذرياً في طريقة التفكير ونمط العيش التقليدي والتحول الى الانتاج بدلا عن الاستهلاك فقط.
 
ما يقلق الان التوجه قسراً نحو الريعية من خلال تقديم الدعم النقدي لأكثر من 2،5 مليون مواطن عبر أذرع الدعم المختلفة في الدولة،خصوصا بعد جائحة الكورونا، وهذا قد ينجح على المدى القصير، لكنه بالتأكيد له تداعياته الخطيرة على الاقتصاد الوطني، ودولة الانتاج واهتزاز الثقة بين المواطن والحكومة، / دعم الخبز كنموذج/، فجل ما نحتاجه الان في ظل التحديات الخطيرة التي تواجه المملكة وكثير من الدول، الى مبادرات جديدة وتشبيك صحيح عبر منصات إلكترونية زراعية متخصصة، تربط المزارع مع المستهلك مباشرة، لتعميم التجارب الناجحة، وتعزيز ثقافة المنتج الوطني المستقل البعيد عن الاحتكار وتذبذب الاسعار، ولا ضير من اللجوء للتبادل السلعي بـ«المقايضة» كما كان يفعل اباؤنا وأجدادنا، بدلا من العملات الصعبة لتسهيل انسياب السلع والاحتياجات بين الناس.