أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    22-Jan-2023

إعادة الاعتبار لمفهوم القطاع العام*سامح المحاريق

 الراي 

أعادت الدورة الأخيرة للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الكثير من الاعتبار للقطاع العام بوصفه شريكاً أساسياً في صياغة المستقبل القائم على التحول الرقمي، ويأتي ذلك عكس تيار آخر ينظر إلى القطاع العام بوصفه جزءاً من مخلفات الماضي، وأن تقنيات جديدة غير مركزية يمكنها أن تقوم بأدواره على المستوى العالمي مثل سلاسل الكتل «بلوكتشين».
 
الاعتراف متأخر، ويثير مخاوف من الفهم الخاطئ كما فُهمت توجهات سابقة بتحجيم دور القطاع العام حين كان الفهم السائد هو أن تراجعه عن الملكية في المؤسسات التي تقدم خدمات مثل المواصلات والاتصالات، يعني تراجعاً كاملاً ليتيح للقطاع الخاص وضع شروطه التنظيمية المختلفة، وهو الأمر الذي أسفر عن حالة من الإضعاف للقطاع، ولاعتباره مجموعة من الموظفين المتكلسين الذين تجاوزهم التاريخ، وأصبحوا فائضاً على الدولة والمواطنين، لتدخل كوادره في حالة من اللامبالاة، فهم المتهمون بصورة مستمرة وبشكل دائم في تعطيل مسيرة التنمية والنهضة، وتماهى القطاع العام مع هذه الصورة الذهنية حتى أصبحت حقيقةً وقناعةً مستقرة.
 
علاقة الدولة بالقطاع الخاص ليست علاقة ندية، فهو يخضع للسياسات العامة التي توجه أداءه، وهو مع القطاع العام معا يشكلان الرافعة للأنشطة الاقتصادية، ويتوجهان لتحقيق رؤيتها بما يمكنها من أداء أدوارها، وتفهم هذه الخواص في الدولة ضروري على جميع الأصعدة، فالدولة هي التي تظلل السلطة التنفيذية والمعارضة في الوقت نفسه، إذ أن السلطتان التشريعية والقضائية يفترض بهما أن يكونا للجميع، ونفس المنطق ينسحب على القطاعين العام والخاص.
 
ملكية الدولة لشركة مثل الاتصالات لم تكن منتجة في المدى البعيد، خاصة مع التقدم التكنولوجي المكلف الذي كانت حيازته ستتطلب تمويلات ضخمة، وكانت إدارة القطاع العام للاتصالات في كثير من البلدان تجربة سيئة، فوجود الخط الأرضي في أحد المنازل كان يستغرق فترة تتراوح بين أشهر وسنوات، وهي ما تقلصت إلى بضعة أيام مع القطاع الخاص، حتى الوصول إلى تكنولوجيا الهواتف المحمولة، ومع ذلك، لا يعني أن علاقة الدولة مع الشركات المزودة، وغير المملوكة لها، تنحصر في مجرد تحصيل الضريبة، ولكنها تمتد إلى تنظيم ممارسات القطاع بشكل عام، وهنا لا تعني الملكية الخاصة مزاحمة لدور الدولة.
 
مفهوم القطاع العام يتغيب في حالة الاتصالات، فهو يتنازل عن دوره للشركات الخاصة التي تعمل تحت وصاية الدولة، ويجب أن تتوافق مع أولوياتها وقوانينها المختلفة، ويبقى للقطاع العام أن يعمل بكفاءة وفاعلية في المجالات الأخرى، وهو ما يتطلب استعادة الثقة، فلا يعني الخروج من قطاع خدمي معين، أن يعلن أفول القطاع العام، بالعكس من ذلك، فهو يعني زيادة فعاليته من خلال توجيه الموارد إلى مجالات أخرى، والارتقاء بأدائه في المجالات المناطة به بصورة حصرية.
 
فض الاشتباك المفاهيمي حول القطاعين العام والخاص، بوصفهما من أدوات الدولة، كما هي الحكومة والمعارضة، مسألة ضرورية من أجل تمكين القطاع العام من أداء أدواره في ظل المنافسة العالمية التي تحتاج تحشيداً سليماً للإمكانيات المختلفة داخل الدولة التي تبقى أفضل طريقة لإدارة المجتمعات، فهي محصلة تطور تاريخي وليست مجرد محطة في دائرة مفرغة، بما يعني أن دور الدولة لا يجب أن ينحصر في كونه موضوعاً للتوازن الاقتصادي من أجل تحقيق المصالح العامة، ولكن بوصفه غاية أساسية في حياة المجتمع تضمن منجزاته المتحققة وتعمل على حمايته بغض النظر أحياناً عن التكلفة الاقتصادية المباشرة أو النتائج المالية القريبة.