أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    18-Jan-2023

1 % من الأثرياء يحوزون أموال العالم*تهاني روحي

 الغد

كل ملياردير في العالم يمثل فشلا للسياسات العامة. بهذه الكلمات حذرت منظمة اوكسفام الخيرية العالم تزامنا مع افتتاح منتدى دافوس الاقتصادي العالمي، داعية إلى خفض عددهم إلى النصف بحلول عام 2030 وفرض ضرائب تصل الى 5 % لتوفير 1,7 تريليون دولار سنويا، ما يكفي لانتشال ملياري شخص من براثن الفقر، ولكن هل سيكون الحل بفرض الضرائب العالية عليهم؟ هذا إن علمنا بحسب التقرير بأن أغنى أغنياء العالم نسبتهم 1 % من الأثرياء يستحوذون على 63 % من اموال العالم.
واذا ما وصفنا الفقر على أنه الافتقاد لتلك الموارد الأخلاقية والاجتماعية والمادية التي نحتاجها لتطوير القدرات اللازمة للأفراد والمجتمعات والمؤسسات – اذن ولكي نكون واضحين- فالهدف امام المجتمعين في دافوس ليس فقط في تفكيك الاسباب المؤدية إلى الفقر بل شغل انتباههم للأسس الصحيحة اقتصاديا لبناء نظام عالمي عادل، خاصة ان البنك الدولي قد حذر بأننا نشهد أكبر زيادة في عدم المساواة والفقر على مستوى العالم منذ الحرب العالمية الثانية!
وتؤخذ الاعتبارات الاقتصادية بالحسبان في تخفيف وطأة الفقر على تكوين الثروة، إلا أنه لم يؤخذ في الاعتبار التمركز الشديد للثروة في أيدي الأفراد القلائل، ففي عالم شديد الترابط، اوضح التقرير بالأسماء والارقام لثروة أغنى أغنياء العالم وهي تفوق الإنتاج المحلي لدول بأكملها، وهذا يشير إلى أن الفقر المدقع والغنى الفاحش يتواجدان جنبًا إلى جنب.
قد يكون أحد العناصر الجوهرية لاستراتيجية تطويرية مستدامة هي إعادة إصلاح السياسات الزراعية، إذ يعد إنتاج الطعام والزراعة مصدرا مهما للتوظيف وينقذ العالم من مجاعات محققة حذر اليها الخبراء في ظل مرور عام على حرب روسيا واوكرانيا، كما ان الفقراء في الدول النامية يعيشون في المناطق الريفية ويعتمدون على الزراعة كمصدر للرزق. ورغم أن الزراعة فقدت قيمتها لدى جيل الشباب الذين ينشدون العمل القليل والارباح الطائلة، إلا أنها ما تزال اللبنة الاساسية للحياة الاقتصادية.
أما توفير عمل ذي فائدة مجتمعية لا بد له لأي جهد يهدف إلى تخفيف حدة الفقر، ثم إن المشاركة الجدية للشباب تصبح أكثر أهمية مع تزايد تواجد الأحياء الفقيرة والتي ترتفع فيها معدلات الإجرام وتعاطي المخدرات والبطالة والتفكك الأسري والانعزال الاجتماعي. إن الفقدان لتوظيف ذي معنى يغذي إحباطهم وخيبة أملهم، فلسنا بحاجة لإعادة النظر في كم العمل فحسب، بل إلى إعادة النظر في نوعية ومعنى العمل أيضًا. مهما يكن، فيجب ألا يُقَلّل هذا العمل إلى مجرد وسيلة لكسب سلع أكثر أو كسب كلفة إنتاج مستهان بها ويمكن التخلص منها، فالعمل، بالنسبة لأي شخص، هو الوسيلة لتطوير حرفته، وصقل شخصيته، والمساهمة في خير وتقدم المجتمع.
ولعل مشاركة أكثر من 50 رئيس دولة وحكومة في منتدى هذا العام، وهو رقم قياسي، إلى جانب رؤساء البنوك المركزية ووزراء المالية، بالإضافة إلى عمالقة عالم الأعمال، مؤشر ينبئ بحجم الركود الاقتصادي وكيفية انقاذ العالم منه، وكما نتمنى كما اوكسفام ألا يكون تجمع النخبة العالمية هذا، مقتصرا على الوعود والخطط دون الأفعال فيما يتعلق بحل مشاكل الفقر، حيث تؤكد المديرة التنفيذية لمنظمة أوكسفام الدولية، بأن الناس العاديين يقدمون تضحيات يومية تتعلق بالضروريات اللازمة للحياة الاساسية مثل الطعام، وإن فاحشي الثراء تفوقوا حتى على أكثر أحلامهم وحشية، وأضافت هل يمكن ان يكون «البقاء للأغنى»؟
واخيرا، الموضوع معقد ويحتاج بالإضافة للجهود المبذولة في مجال استئصال الفقر من قبل الخبراء، ألا نغفل عن امرين في غاية الاهمية: العدل والوحدة، فهما يشكلان أساس الرؤية لتطور يخدم فيه التقدم المادي كوسيلة للتقدّم الأخلاقي والحضاري للبشرية، ويَوفر العدل الوسيلة لاستئصال الفقر من بيننا، عن طريق تطبيق القانون، وتعديل الأنظمة الاقتصادية، وإعادة توزيع الثروة وإتاحة الفرص والتمسك بأعلى المعايير الأخلاقية في الحياة الشخصية والعامة دون أدنى تقصير. أما الوحدة فتؤكد على أن التقدم يتصف بأنه شمولي كلي منظم ومرتبط بعضه ببعض، وأنه يجب أن يوجه جهودنا لتخفيف وطأة الفقر اهتمامًا بسلامة وكمال وحدة الأسرة والمجتمع المحليّ والوطنيّ والعالميّ.