رغم التحديات الإقليمية.. الأردن يثبت معدلات الفقر ويحول دون انفلاتها
الغد-يوسف محمد ضمرة
رغم الحروب والظروف الإقليمية الصعبة التي تحيط بالأردن، إلا أنه استطاع تثبيت نسبة الفقر وفقا لما تظهره التقارير الدولية.
ويأتي ذلك نتيجة العمل الحكومي المتراكم طوال عقد ونصف، بالقيام بتنفيذ إصلاحات هيكلية على مستوى الاقتصاد الكلي وحصافة إدارة البنك المركزي، بالحفاظ على الاستقرار النقدي، إلى جانب نعمة الأمن والامان التي تتمتع بها المملكة.
كما نشرت "الغد" في وقت سابق، تقريرا أصدرته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "إسكوا"، أن الفقر "متعدد الأبعاد" في الأردن لم يشهد تراجعا يذكر منذ 14 عاما.
المتتبع للمنطقة، يجد أنه في العقد ونصف مرت المنطقة بظروف صعبة، حيث شهدت ما يسمى بـ"الربيع العربي" وتدفق اللاجئيين السوريين بنحو 1.2 مليون نسمة وجلهم من القوى البشرية، وقد تعامل الأردن بصورة إنسانية حتى سمح لهم بوظائف كانت مغلقة للوافدين بمعنى أنه منحهم معاملة الأردنيين.
والكيان الصهيوني يواصل هجومه وحرب الإبادة ضد الأشقاء في غزة، مما يعزز حالة عدم اليقين التي تلقي بتبعات على الاقتصاد الوطني.
وتضمن التقرير الذي صدر تحت عنوان "الفقر متعدد الأبعاد، مهمة لم تنجز بعد في البلدان العربية"، الذي تشير بياناته حول "مؤشر الفقر العربي متعدد الأبعاد" خلال الفترتين الزمنيتين 2000-2011 و 2011-2023، إلى أن الأردن يصنف ضمن الدول ذات الأداء الوسيط في مؤشرات الفقر متعدد الأبعاد، الذي لا يقاس فقط بالدخل، بل يشمل التعليم والصحة والخدمات الأساسية.
ووفقا للتقرير الذي ترجمته الـ"الغد"، ما تزال نسبة الفقر متعدد الأبعاد المسجلة حاليا مستقرة ومماثلة لمستوياتها في المسح السابق العام 2011، التي بلغت حينها 11.2 %، إذ يعكس هذا الاستقرار رغم كل الظروف والتحديات على مدار السنوات الماضية، تقدما بطيئا في معالجة هذا النوع من الفقر.
ويقيس مؤشر الفقر متعدد الأبعاد (mpi)، أوجه الحرمان المترابطة في مجال الصحة، التعليم ومستوى المعيشة التي تؤثر بشكل مباشر على حياة الشخص ورفاهيته.
وعند التحليل أكثر لنسب الفقر متعدد الأبعاد للدول العربية نجد موريتانيا:
91.1 % من السكان مصابون بالفقر متعدد الأبعاد، وفي اليمن: تقدر نسبة الفقر متعدد الأبعاد بـ80%، والسودان:
35 % يعانون من فقر متعدد الأبعاد، ومصر: 21 % من السكان فقراء متعددو الأبعاد، وفي تونس: 17.5 % نسبة السكان الذين يعانون من الفقر متعدد الأبعاد.
ويكشف تحليل لمسببات الفقر متعدد الأبعاد في البلدان العربية الثلاثة المصنفة أكثر فقرا (موريتانيا، اليمن، جزر القمر)، عن أن مستويات المعيشة والتعليم هما العاملان الرئيسيان المساهمان. وتحديدا، يعد الحرمان من الالتحاق بالمدارس العامل الرئيسي في مؤشر الفقر متعدد الأبعاد في موريتانيا، بينما يعد الحرمان من التغذية عاملا حاسما في جزر القمر واليمن.
كما لا يفوتنا ما شهده العالم والأردن أيضا من معاناة جائحة "كورونا"، وتعطل الحياة والإغلاقات، وتوقف العديد من القطاعات، بل شللها وخصوصا القطاع السياحي الذي كان يحقق قبل الجائحة معدلات نمو جيدة، وقيام الحكومة بعمل وإنفاق كبير لاستيعاب أثر الجائحة والزيادة في الإنفاق خصوصا في مجال الحماية الاجتماعية.
وبلغ معدل البطالة 21.3 %، خلال الربع الأول من العام الحالي، بانخفاض مقداره 0.1 نقطة مئوية عن الربع الأول من العام الماضي، حيث بلغ آنذاك 21.4 %.
ومن هنا، تتمحور رؤية التحديث الاقتصادي للمملكة، حول شعار "مستقبل أفضل" وتقوم على ركيزتين استراتيجيتين: النمو المتسارع من خلال إطلاق كامل الإمكانات الاقتصادية، والارتقاء بنوعية الحياة لجميع المواطنين، بينما تشكل الاستدامة ركنا أساسيا في هذه الرؤية المستقبلية. ويمكن للأردن أن يحقق من خلال الركيزة الأولى قفزات نوعية في النمو الاقتصادي واستحداث فرص عمل خلال العقد المقبل، مع النمو المستمر لصافي دخل الأفراد. ويمكن أن يصل من خلال الركيزة الثانية، إلى تحسين نوعية الحياة بشكل ملموس ليكون في طليعة دول المنطقة في هذا المضمار.
ويبقى الفقر مشكلة اجتماعية واقتصادية تؤثر سلبا على الأفراد والمجتمعات، وبالتالي ينبغي التركيز على التنمية المستدامة، للحد من تفاقم المشكلات الاجتماعية والاقتصادية.