أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    13-Jun-2019

الليمون يكوي جيوب المصريين بعد وصول سعره إلى 100 جنيه للكيلو الواحد

 رويترز: 100 جنيه (حوالي 6 دولارات) لكيلوغرام الليمون.. هكذا ودون سابق إنذار يتضاعف سعر سلعة كانت حتى عهد قريب زهيدة الثمن، لتنفتح جبهة جديدة على البسطاء في غلاء الأسعار الذي يحرق جيوب المصريين منذ سنوات.تباينت آراء المزارعين والتجار عن الأسباب، في حين لجأت كثرة من رُبّات البيوت المصريات إلى سلاح المقاطعة أو الشراء بالقطعة وعند الضرورة القصوى فقط، وأوقفت المقاهي الشعبية وبعض المطاعم تقديم عصير الليمون حتى إشعار آخر.

من المعتاد أن تتباين أسعار الخضراوات والفاكهة الطازجة بشدة من منطقة إلى أخرى في مصر، وهو ما يتبدى بوضوح أكبر بين الأرياف والمدن. لكن الغلاء كان جليا أينما اتجهت رويترز في جولة في الأسواق الشعبية والمتاجر الكبيرة في عدة محافظات، للوقوف على سعر الثمرة المستخدمة في عمل كوب عصير كان حتى وقت قريب ملاذا لإراحة أعصاب المصريين.
وفي سوق النجاح في محافظة البحيرة (غرب الدلتا»، أحد أكبر أسواق الليمون في مصر، وصل سعر الجملة إلى حوالي 40 جنيها للكيلوغرام من الليمون الكبير، وبين 30 و36.5 جنيه للكيلوغرام من الليمون متوسط الحجم.
 
ارتفاع معدلات التضخم
 
وتراوحت أسعار التجزئة بين 40 و50 جنيها في القليوبية، وبين 60 و80 جنيها في السويس والفيوم وكفر الشيخ والمنيا. أما في القاهرة والإسكندرية، أكبر مدينتين، فكانت الأسعار بين 60 و100 جنيه في عدد من الأسواق الشعبية والمتاجر الكبرى. وبلغ السعر 40 إلى 50 جنيها في الشرقية، أكبر محافظة لإنتاج الليمون بالبلاد.
وأشار تقرير «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» إلى أن ارتفاع أسعار الليمون، الذي كان باعة الخضراوات والفاكهة يستخدمونه بديلا للفئات النقدية الصغيرة، بنسبة 63.7 في المئة في مايو/أيار كان من ضمن أسباب ارتفاع معدلات التضخم خلال الشهر. يقول مزارعون وتجار ومسؤولون ان عوامل شتى تضافرت لترفع أسعار الليمون بهذا الشكل غير المسبوق في مصر.
ويرى حمادة مختار، صاحب وكالة خضراوات وفاكهة في كفر الشيخ شمالي القاهرة، سبب ارتفاع أسعار الليمون في نقص المعروض أثناء الفترة الانتقالية بين موسمي الزراعة الصيفي والشتوي.
ويتم جمع ثمار الليمون ثلاث مرات خلال العام: الأولى بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران وهي الأغلى، والثانية من يوليو/تموز وحتى نوفمبر/تشرين الثاني وهي الأرخص، والثالثة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني وحتى منتصف فبراير/شباط.
وعزا وليد أبو محمود، وهو مالك ومستأجر لنحو 27 فدانا لزراعة الليمون في محافظة البحيرة حيث بورصة الليمون في مصر، ارتفاع الأسعار إلى تزامن آخر يوم لجمع المحصول مع فترة ما قبل عطلة عيد الفطر بأربعة أيام.
وقال ان هذا أدى إلى «تعطيش السوق وارتفاع الأسعار في أسواق الجملة في البحيرة إلى ما بين 60 و65 جنيها، وبالتالي زيادة الأسعار في أسواق التجزئة بعد ذلك».
وقال هيثم عبد الرحمن، وهو تاجر في محافظة البحيرة ومالك لمزارع ليمون، «لا يوجد عمالة لجمع الثمار بجانب التغيرات المناخية التي أدت لسقوط الثمار وقلتها.. هذا يحدث في نفس التوقيت سنويا.
«مع العروة الجديدة في يوليو ستجدنا نبيعه بين أربعة وخمسة جنيهات (للكيلوغرام) بالسوق ولن نجد من يشتريه».
لكن مسؤولا في مديرية الزراعة في محافظة الفيوم التي تبعد 103 كيلومترات جنوبي القاهرة قال طالبا عدم نشر اسمه «ارتفاع أسعار الليمون يرجع إلى انخفاض مساحة زراعته عما كان سابقا… الليمون من السلع التي تخضع للعرض والطلب ولا يمكن تسعيرها ولذلك لن تجدي رقابة التموين أو غيرها من الأجهزة التنفيذية».
من جهة ثانية يشكو المزارعون أيضا من عدم اهتمام وزارة الزراعة وغياب الإرشاد الزراعي أو الجمعيات الزراعية لمساعدتهم في حل مشاكلهم.
ويقول حنا ممدوح، مزارع ليمون من قرية النجاح في البحيرة ولديه نحو 20 فدانا، «لا يوجد إرشاد زراعي ولا جمعيات زراعية والعوامل الجوية أثرت بشدة على المحصول هذا العام ولذا انخفضت الثمار بشكل كبير. من الأسباب أيضا زيادة الأمراض وخاصة مرض التصمغ والنيماتودا الذي يقضي على شجرة الليمون بالكامل وينتقل للأشجار الأخرى. وزارة الزراعة ليس لديها حلول للأمراض».
وقال إبراهيم ممدوح الدماطي، مزارع من قرية الإسراء والمعراج في محافظة البحيرة، «الشجر نشف من عفن الجذور. عندي 400 شجرة اقتلعت منها 38 حتى الآن، ومازال المرض ينتشر في الأرض لأنه مرض معد والأدوية مغشوشة ولا تنفع. أين وزارة الزراعة؟ آلاف الأفدنة جفت ولا نجد علاجا للمرض».
 
لا تقصير رسمي
 
وتحدث رائف تمراز، أمين سر لجنة الزراعة في مجلس النواب، عن «عدم فاعلية مراكز متابعة تغير المناخ في وزارة الزراعة وإرشاد الفلاحين. تلك التغيرات من أهم أسباب ارتفاع أسعار الليمون مع بعض موجات ارتفاع الحرارة التي تعرضت لها البلاد. نسبة كبيرة من الفلاحين اقتلعوا أشجار الليمون الفترة الماضية لضعف الإنتاج نتيجة عدم فاعلية المبيدات أو عدم معرفة الفلاحين كيفية التعامل معها».
لكن محمد القرش، المتحدث باسم وزارة الزراعة المصرية، نفى أي تقصير رسمي قائلا «كان عندنا حملة قومية للموالح، قام فيها الإرشاد الزراعي بعمل وُرَش عمل للفلاحين لتدريبهم ونقوم بذلك بشكل مستمر».
وأضاف قائلا «لم يطلب أي مزارع منا أي مساعدة ونحن رفضنا.. لدينا مكاتب الجمعيات الزراعية والإدارة الزراعية قريبة من جميع الفلاحين».
وقال سامي الريس، المستأجر لنحو 50 فدانا لزراعة الليمون ولديه وكالة تجارية لبيعه «المبيدات المغشوشة من أهم أسباب قلة المعروض وزيادة الأسعار، وسط غياب الإرشاد الزراعي والجمعيات. اشتريت مبيدات بنحو ثلاثة ملايين جنيه ولم يكن لها أي مفعول لمقاومة مرض التصمغ. المبيدات مغشوشة حتى الأسمدة يتم غشها.. لا توجد رقابة في الأسواق».
ورد القرش على ذلك قائلا «لدينا لجنة دائمة لمتابعة المبيدات ومراجعتها ونتخذ إجراءات فورية إذا وجدنا أي مخالفات أو مبيدات غير مطابقة للمواصفات. سبب إصابة الموالح بمرض التصمغ هو عدم انتظام عملية الري للأشجار… ننتج حاليا في الوزارة شتلات لمقاومة الفيروسات والتصمغ».
وتابع «ارتفاع أسعار الليمون يرجع إلى ارتفاع الطلب خلال عطلة العيد وقلة المعروض … الارتفاع مؤقت لأيام معدودة ولظروف محددة».
وتزرع مصر نحو 35 ألف فدان من الليمون وفقا لبيانات «الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء» عن السنة المالية 2016-2017، ولم يحدث من قبل أن كانت تلك المساحة غير كافية لتلبية معظم الطلب المحلي أو أن شهدت السوق مثل تلك الطفرة السعرية.
يشار إلى ان المصريين يعيشون في السنوات الأخيرة أجواء غلاء تشمل جميع السلع والخدمات، وهو ما تفاقم بعد تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وما تبعه من برنامج إصلاح اقتصادي تضمن تقليص الدعم وفرض ضريبة قيمة مضافة الأمر الذي أجبر المصريين على إعادة ترتيب الأولويات التي لم يعد الليمون من بينها أخيرا.
وقال البنك الدولي في تقرير صدر في أبريل/نيسان ان حوالي 60 في المئة من المصريين إما فقراء أو معرضون للفقر، وأن التفاوتات الاقتصادية في تزايد. يقول رضا شاكر من محافظة المنيا بصعيد مصر «قلت لأسرتي بلاها ليمون، يعني احنا هنموت من غيره!»
واتفقت معه فوزية منصور من كفر الشيخ في أقصى الشمال قائلة «نعم، بلاها ليمون. لن أترك الضروريات الأخرى من الغذاء لأشتري الليمون بسعر 80 جنيها، يعني أغلى من التفاح».
وفي السويس وكفر الشيخ والمنيا، أكد عدد من التجار لمراسلي رويترز أنهم يبيعون الليمون بالواحدة حاليا بعد ارتفاع الأسعار.
وتقول هناء مصطفى من محافظة الفيوم «الليمون أصبح كالطماطم كل يوم بسعر.. هل كان أحد يتخيل أن يصل سعره إلى 80-100 جنيه. لازم يبقى فيه رقابة. كل حاجة تغلى نقول علشان قلة المعروض».
واعتاد المصريون أيضا التندر بوفرة الليمون ورخص ثمنه إذ يضربون به المثل في كثرة ما يمكن شراؤه منه بثمن زهيد فيقولون «العدد في الليمون».
«الدولار يساوي 16.70 جنيه مصري).