أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    18-May-2018

المتقاعدون *صبري ربيحات

 الغد-يقصد بالتقاعد خروج أو إخراج الفرد العامل من المجال أو المهنة أو الوظيفة التي جرى استخدامه فيها أو اعتاد على ممارستها، وذلك لأسباب محددة من بينها التقدم في السن أو فقدان القدرة أو الإخلال بالواجبات والشروط والالتزامات التي تحكم العمل أو لإفلاس المؤسسة وإعادة التنظيم، كما يأتي التقاعد بناء على طلب المستخدم أو لأسباب غير معروفة أحيانا.

في العديد من بلدان العالم، تضع المؤسسات أنظمة وقوانين تنظم الاستخدام والتدريب والترقية والتقاعد وتحدد حقوق الأفراد وواجب المؤسسات حيالهم، وبموجب هذه القواعد والتشريعات، يعرف الأشخاص المواعيد التي قد تنتهي فيها خدماتهم ويضعون الخطط والبرامج لاستثمار أوقاتهم وتنظيم شؤون حياتهم ما بعد التقاعد.
في الولايات المتحدة وأوروبا، يصادفك بعض الأشخاص ممن يعملون في الجيش أو التعليم والسياسة، وقد يقول لك إنه سيترك الخدمة بتاريخ كذا وكذا محددا لك اليوم والتاريخ بدقة، وقد يستطرد في عرض خطة التقاعد وما سيقوم به بالتفصيل. فهو يعرف أين سيقيم والأنشطة التي سيقوم بها والدخل الذي سيحصل عليه والأماكن التي سيزورها. ويستبعد تماما أن يفاجأ بقرار الإحالة على التقاعد أو الاستغناء عن خدماته. ففي هذه المجتمعات لا توجد مساحة لمزاج وأهواء الأشخاص ولا مكان للحسابات الشخصية التي قد تنهي المسيرة المهنية للبعض.
الأشخاص يحتفلون بذكرى تقاعدهم ويديمون علاقة إيجابية مع من يخلفهم في الموقع، كما يتابعون من وقت لآخر تطور العمل في المواقع التي أشغلوها، فالمؤسسة تحرص على بناء وتكريس الانتماء لها حتى بين المتقاعدين والرواد وكل من كان له دور في خدمة أهدافها وتنفيذ رسالتها.
في بلادنا، هناك قوانين تحدد سن التقاعد وحقوق المتقاعدين. المؤسف أن الطريقة التي تتخذ فيها القرارات ويبلغ بها المعنيون لا تسهم في فهم وتقبل الأشخاص لها. فالكثير من المتقاعدين يفاجأون بقرار إحالتهم والبعض لا يعرف به إلا بعد صدوره. عشوائية القرارات وعدم خضوعها لأسس واضحة تغذي مشاعر العداء والرفض وتضعف ثقة المتقاعد بالمؤسسات والقائمين عليها. في الكثير من الحالات قد تشكل القرارات صدمة نفسية للمتقاعد يبقى يصارع آثارها مدى الحياة من دون أن ينجح في تجاوزها.
لا أعرف بالضبط أعداد المتقاعدين لكنهم منتشرون في كل مكان. في الريف والبادية والمدن تصادف يوميا المئات من الرجال والنساء الذين لا يعملون بالرغم من امتلاكهم القدرة والخبرة والمهارة التي تمكنهم من العمل. بعض الأشخاص يتقاعدون وهم ما يزالون شبابا، والبعض الآخر في أوج العطاء.
الكثير من المتقاعدين عملوا في صفوف الجيش والأجهزة الأمنية والتعليم، والبعض الآخر أمضى سنوات من العمل في مؤسسات القطاع العام والمصانع والشركات. البعض ترك العمل بناء على الرغبة أو الطلب، لكن الكثيرين أحيلوا بقرارات لم يكن للمستخدم دور في الوصول اليها ولم يكن على دراية مسبقة بأن رحلته العملية قد انتهت.
في بعض الحالات، يكون التقاعد الوسيلة الوحيدة التي تملكها الإدارة للتخلص من الحمولات الزائدة. فهناك عمال وموظفون جرى استخدامهم بطرق غير شفافة وفشلت برامج التدريب في تطوير إمكاناتهم ومهاراتهم بما يتناسب والأدوار التي تنتظرهم. في العديد من المؤسسات العامة يوجد المئات من المستخدمين بلا أدوار حقيقية وذات معنى.
في كل مرة أقرأ فيها خبرا عن إحالة جمع من العاملين الى التقاعد، يقفز الى ذهني الطريقة التي صنع فيها قرار الإحالة والطريقة التي سيعرف أو عرف بها المتقاعدون عن تقاعدهم ونوعية المشاعر التي كانوا يحملونها نحو المؤسسة والدولة قبل وبعد التقاعد.