قوبلت فكرة انشاء المدينة الجديدة بالعديد من الانتقادات والتقليل من إمكانية تحقيق المشروع في ضوء التحديات الاقتصادية التي تواجه الأردن وغياب العمل المؤسسي في الجهاز الحكومي بمعنى أن كل مقترح يموت مع رحيل الحكومة التي أطلقته وبالتالي عدم الجدية فيما يطرح من ناحية واتساع فجوة عدم الثقة بين المواطنين وحكوماتهم من ناحية أخرى.

يحاول البعض اجراء مقاربات واطلاق أحكام مسبقة على المشروع واستحضار تجارب بلدان عربية أخرى اضافت أعباء ضخمة لاقتصاداتها بسبب انشاء هكذا مشروع على نطاق أكبر وأوسع واليوم تعاني لأسباب تخصها وهي أدرى فيها .

المشروع مازال في مرحلة الدراسات والمسوحات اللازمة واعداد المخططات الشمولية والتنظيمية . سبق وأن صدرت تأكيدات رسمية بان المدينة الجديدة لن تكون عاصمة جديدة بديلا عن عمان والمنظور أن تأتي بمثابة مشروع توسعي للعاصمة باعتبارها الأكثر معاناة نتيجة للضغط السكاني وتواصل هجرة المواطنين من القرى والمدن الأخرى اليها وتركز معظم الأنشطة الاقتصادية والخدمية فيها .

اتخاذ خطوات عملية للبدء بتنفيذ المشروع ضرورة اجتماعية وتنموية في هذه المرحلة بالتوازي مع انطلاقة رؤية التحديث الاقتصادي للسنوات العشر المقبلة بما يسهم في توفير مساحات واسعة من الأراضي ببنى تحتية متكاملة تحاكي المدن الذكية في العالم ولو بالحد الأدنى بحكم الامكانيات تسهم في استيعاب الزيادة السكانية خاصة في عمان والزرقاء وتحسن الجاذبية الاستثمارية في تلك المناطق في العديد من المجالات مع التركيز على قطاعات العقار والتكنولوجيا والخدمات وبالشكل الذي يخدم الاستثمارات الصناعية في المناطق القريبة منها .

ما يريح المواطن أكثر ويرد على تساؤلات طرحت سابقا أن أراضي المشروع والمحيطة بها جميعها أراض حكومية وبالتالي لن تكون هنالك كلف مالية لغايات الاستملاك مع سهولة اعداد المخططات الشمولية والتنظيمية للمدينة بشكل يعالج الاختلالات التي تعاني منها العاصمة وكافة المدن بسبب غياب التخطيط السليم و اليوم من أزمات نقل وكثافة المباني وضيق الشوراع والطرق الرئيسية والفرعية فيها .

ومعروف أن عمليات التحديث والتطوير التي تشمل أي مناطق ينتج عنها عوائد مالية واقتصادية مباشرة وغير مباشرة بالنسبة للمواطنين وخاصة مالكي الأراضي والعقارات المحاذية والقريبة فمثلا فتح شارع جديد في منطقة معينة كما حدث ويحدث يؤدي الى قفزات في أسعار الأراضي والعقارات ما يحسن الأوضاع المالية لأصحابها وترتفع السيولة النقدية في السوق برغم ما يتم تداوله أحيانا عن تداخل المصالح الشخصية عند التخطيط والتنظيم.

أي فكرة تستهدف تعزيز الجهود التنموية وتعالج مشكلات أساسية يفترض أن تلقى الدعم وعدم التقليل من شأنها لاننا اليوم بأمس الحاجة الى تنفيذ مشاريع كبرى ولو أخذت وقتا طويلا .

المهم عدم اضاعة مزيد من الوقت والتردد في اتخاذ القرارات الاستراتيجية وتنفيذها ولو بالتدرج وضرورة النظر الى الغد وما يمكن أن تصبح عليه أوضاع العاصمة بسبب الضغط السكاني والحاجة الفعلية للتوسع العمراني والاستثماري .