الراي
في ظل التصعيد الإقليمي الأخير وتوقف إمدادات الغاز ، وجد الأردن نفسه أمام تحدٍ جديد في قطاع الطاقة، حيث اضطر إلى العودة إلى استخدام زيت الوقود الثقيل والديزل لتشغيل محطات توليد الكهرباء، وسط تحذيرات من تداعيات اقتصادية وبيئية قد تطال مختلف القطاعات.
بدائل مكلفة وعبء متزايد على الموازنة:
تشير البيانات الرسمية إلى أن الأردن كان يعتمد بنسبة 73٪ على الغاز في توليد الكهرباء، قبل أن تتوقف الإمدادات مؤخرًا بسبب الأحداث الجارية. وقد دفع ذلك الحكومة إلى تفعيل خطط الطوارئ، التي تشمل الاعتماد على زيت الوقود الثقيل (المازوت) والديزل، وهي بدائل أقل كفاءة وأكثر تكلفة.
ووفقًا لأسعار السوق العالمية، يبلغ سعر الطن من زيت الوقود (1% كبريت) نحو 600 دولار ، بينما يصل سعر الطن من النوع الأقل جودة (3.5% كبريت) إلى 550 دولارًا . أما سعر الديزل محليًا فيقارب 0.92 دولار للتر مما يزيد من كلفة إنتاج الكهرباء مقارنةً بالغاز الطبيعي الذي كان يُستورد بسعر 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية .
خسائر بمليارات الدولارات وتأثير على قطاع الكهرباء
كشفت مصادر في شركة الكهرباء الوطنية عن أن الخسائر المتراكمة للشركة بلغت 8.7 مليار دولار بنهاية عام 2024، بسبب الارتفاع المستمر في أسعار الوقود. كما أن العودة إلى استخدام المازوت والديزل ستزيد من فاتورة الطاقة، التي بلغت 1.44 مليار دولار العام الماضي.
وليس هذا جديد على الأردن، فبين عامي 2011 و2015 ، كلف انقطاع الغاز المصري المملكة ما يقارب 6 مليارات دولار ، نتيجة التحول إلى الوقود البديل. واليوم، يعيد التاريخ نفسه، لكن في ظل ظروف اقتصادية أكثر صعوبة.
تداعيات بيئية وتراجع في خطط الطاقة النظيفة :
لا تقتصر التحديات على الجانب المالي فحسب، بل تمتد إلى الآثار البيئية، حيث يُنتج زيت الوقود انبعاثات كربونية أعلى بكثير من الغاز الطبيعي، مما يعرقل جهود الأردن في خفض الانبعاثات والتحول نحو الطاقة المتجددة، التي كان يطمح لأن تشكل 50% من مزيج الطاقة بحلول 2030.
بدائل مؤقتة وحلول طويلة الأمد :
في محاولة للتخفيف من الأزمة، بدأت مصر بضخ 100 مليون قدم مكعب يوميًا من الغاز عبر خط الأنابيب العربي، لكن هذه الكمية لا تكفي لسد العجز. كما يعتمد الأردن على الغاز المسال المستورد عبر ميناء العقبة، لكن تكلفته المرتفعة تجعله خيارًا غير مستدام.
من جهة أخرى، تساهم محطة العطارات للصخر الزيتي بتوليد 450 ميغاواط ، أي نحو 20% من احتياجات المملكة، لكنها لا تغني عن الحاجة .
تأثيرات متوقعة على الصناعة والسياحة
أدى تحويل الغاز من المصانع إلى محطات الكهرباء إلى تعطيل بعض المنشآت الصناعية، مما قد يؤثر على الإنتاج المحلي. كما أن ارتفاع تكاليف الطاقة قد ينعكس سلبًا على قطاع السياحة، الذي شهد نموًا بنسبة 16% مطلع العام الجاري، وفقًا لوزارة السياحة.
أزمة تحتاج إلى حلول استراتيجية
في الوقت الراهن، يبدو أن الأردن أمام خيارين صعبين: إما تحمل تكاليف باهظة للوقود البديل، أو البحث عن مصادر طاقة بديلة بشكل عاجل. وفي كلتا الحالتين، تبرز الحاجة إلى تسريع خطط تنويع مصادر الطاقة وتعزيز الاستثمار في المشاريع المتجددة، لتجنب تكرار هذه الأزمات في المستقبل.
الحكومة لديها خطط لانتاج 418 قدما من غاز الريشة في عام 2030 وهو يحقق الاكتفاء الذاتي ويصدر الفائض.
وهناك اتفاقيات للتعدين والتنقيب عن النفط والغاز والمعادن لكن يجب على الحكومة التوجه الى مشاريع اضافية للاستفادة من الاحتياطيات الضخمة من الزيت الصخري.
ولعل من اهم حلول المستقبل هو التوجه الى مشاريع ضخمة في الطاقة المتجددة.