أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    07-Mar-2019

تَعيِينات أم تنفيعات؟*سلامة الدرعاوي

 الدستور-هل يُمكن لنا أن نُشاهد اِنشغال مواطني دولة ما بتعيينات الحُكومات كما هو حاصل في الأردن؟

لا اعتقد أن هذه الظاهرة موجودة في أي مكان ما مِثل الحالة الاردنيّة الناقمة على التعيينات الرسميّة على اختلاف مُستوياتها.
سياسة التَعيينات التي اتبعت في السنوات السابقة كانت احدى أهم أسباب استِياء الشّارع من الحُكومات وفقدان الثِقة بخطابها، والحقيقة أن كثيرا من تلك التَعيينات كانت تُخالَف وعود الجهات الرسميّة بِاتباع أَقصى درجات الشَفافيَّة والنَزاهة فيها، لكن للأسف، الواقع كان يُخالف الوعود.
ما حدث من تراكمات في سياسيات التعيين على مدى السنوات الماضيّة ولد حالة من الاحتقان الشديد في الشّارع الذي شعر بالغبن وفقدان العدالة الاجتماعيّة في تلك السياسة التي جعلت المَنصب العام للأسف منصبا لا يليق بتاريخه وسمعته.
نتائج التعيين العشوائيّ والمبنيّ على أساس التدخلات والفساد الإداريّ أدت إلى تَرهل القطاع العام، فغالبية الوزارات والمؤسسات العامة اليوم تُعاني من شلل في عملياتٍ الإنتاج والانتماء، وهذا أمر منطقيّ لان غالبيتهم جاؤوا بالبراشوت على الوظيفة العامة، مُتجاوزين خطوط العدالة والنزاهة والشفافيّة.
للأسف من مارس هذه العملية ليس فقط النوّاب كما يعتقد البعض، فهؤلاء من المعروف انهم نواب خدمات لقواعدهم الانتخابيّة، ولو كان هناك عدالة وأسس في التعيينات مُطبقة وفق أحكام القانون لما استطاع احد اختراقها، لكن الجميع مارس التغوّل على العدالة من وزراء ونوّاب ومتنفذين ورجال أعمال، وكأن الأمر بات تسابقا بين الجميع على كعكة التعيينات.
للأسف حتى الصالحون من المتنافسين على الوظائف العامة هم أهل لها، هم أول الناس اختراقا للقانون واللجوء إلى الوساطات لفقدانها الثِقة بالنظام المعمول به في التعيينات، لأدراكهم وتأكدهم المُطلق أن هُناك من سيخترق القانون ويجعل من منظومة التعيينات منظومة للتنفيعات لا اكثر، وهم محقون في ذلك فالممارسات التراكميّة أدت إلى تشكيل هذه الصورة السوداويّة لدى الجميع.
للأسف وصلنا في قضية التعيينات لِمرحلة سلبيّة للغاية وهي أن الجميع بلا استثناء لا يثق بالنظام المعمول به وان الواسطة والتدخل الخارجيّ والبراشوت هي الأدوات الرئيسيّة للتعيين، وهذا الانطباع عند المؤهلين قبل غيرهم من غير المؤهلين مع كُلّ أسف.
لا شَكّ أن ما حدث في بعض التَعيينات خاصة في بعض المناصب خلال السنوات الماضيّة يُشكل خللا في السياسات الحكوميّة وإجراءاتها، والتي ساهمت للأسف بهدم جِدار الِثقة بين الحكومة والمواطنين نتيجة ما رأوه من غُبْن لحقهم وتجاوز على مفهوم دولة القانون وتلاعب واضح على قواعد الحوكمة والشَفّافيَّة والنَزاهة.
بعض ما حَدَثَ في السنوات السابقة من تعيينات يشكل أيضا شكلاً من أشكال الفساد الإداريّ الرسميّ، والذي لغاية يومنا هذا لم تتم مُحاسَبة أي مسؤول على سلوكه الإداريّ ولا حتى على حنْثه بالقَسَم الذي أداه لخدمة البلاد.
لا يمكن للحكومة أن تُقنع المواطن بتغيير النَهْج والسير قُدماً في مسأَلة الإصلاح الحقيقيّ دون مُعالجة التشوهات الحاصلة في التَعيينات وملء الشواغر الرسميّة بطريقة تُخالف النهج التقليدي الذي يعزز الفساد والمحسوبية.
نعم، التَعيينات محلُ جدل دائم في الشّارع الأردنيّ، وأكبر انتقاد لها ظَهَرَ في السنوات الماضيّة لأن بعض التَعيينات لا تتم على أُسُس الكفاءة والمهنيّة، وأن المَحسوبيَّة والواسطة كانت هي أساس بعض التَعيينات في المناصب الرسميّة المُختلفة، لا بل أن غالبية منها يقتَصَر على أبناء المسؤولين وأصحاب الذوات، وهو أمر يثير اسْتِياء كبيرا في نفوس باقي الأردنيين، لأن التمييز يولد احتقانا واسْتِياءً يُساهم في إثارة الفتن والقلاقل.
الحكومة مُطالبة اليوم بالاقتراب أكثر من المواطن وبناء جدار الِثقة معه من خلال تحقيق العدالة في التَعيينات، والانتفاضة على سلوكيات سابقة، من خلال اعتماد معايير الكفاءة والنزاهة بكل موضوعيّة وشفافيّة، وخلق مفهوم دولة القانون وتعزيز ثقافته بين كافة شرائح المجتمع.