أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    20-May-2019

في الدفاع عن الصناعات الدوائية* إبراهيم سيف

 الغد-على مدى عقود من الزمان، تطورت في الأردن قصص نجاح في مجال تصنيع الأدوية والمستحضرات الطبية وغيرها، بنى الرعيل الأول هذه الصناعات استنادا الى الميزة النسبية ورأسمال بشري وفره التعليم والتدريب الجيد، وكان النجاح بشكل عام حليف تلك الصناعات، وباتت شركة مثل “الحكمة” التي أسسها المرحوم سميح دروزة، احدى الشركات العالمية، فيما تم تصدير خبرات شركات أخرى لتصبح الشركات الأردنية عاملة في الدول المتقدمة سواء في أوروبا او الولايات المتحدة. 

وفي ظل الظروف المتقلبة التي سادت منطقتنا، حافظت تلك الصناعات على سمعتها، ونسبيا على أسواقها، وبتنا فخورين بوجود المنتجات الأردنية في العديد من الأسواق، وكانت هذه الصناعة نموذجية على نحو ما، إذ مزجت المعرفة الفنية والعلم الحديث مع الكوادر البشرية المتميزة والكفؤة، وهي الميزة الأولى للأردن، وبعد ان تجاوزت تلك الصناعات مرحلة النضوج، بات التحدي يتمثل بكيفية الحفاظ على الميزة التنافسية وتعزيزها. 
على مدى الأسابيع الماضية، تتعرض هذه الصناعة ومنتجاتها وبعض الأصناف المستوردة الى حملة تشويه غير مبررة، وتستند الى مقارنات غير عادلة في الأسعار بين الأردن وعدد من الدول، تحديدا مصر، سورية وتركيا، ومع التعاطف الشديد من يستخدم تلك الأدوية التي يجب البحث في صيغ لتوفيرها بأسعار معقولة، إلا أن سياسة تسعير الأدوية عالميا تخضع لمعايير مختلفة، والدول الثلاث التي تجري المقارنات معها، توفر الدواء في أسواقها المحلية بأسعار مدعومة لاعتبارات عديدة، فسورية لا تقوم بالتصدير، ومصر وتركيا تعمل وفقا لاقتصادات الحجم الكبير ولديها هامش واسع داخل أسواقها مقارنة بالشركات التي تنتج محليا وتقوم بالتصدير لأسواق خارجية منافسة. 
وفي العادة فإن أسعار التصدير للأدوية ترتبط أيضا بالأسعار في بلد المنشأ، وهذا ما تقرره الدول والحكومات التي تقوم بالاستيراد، وهنا فإن المصدرين في الأردن يتعاملون مع واقع، ولا يستطيعون التأثير في السياسات العالمية التي تتحكم بسوق الدواء العالمي الذي يقدر حجمه العالمي بحوالي 150 مليار دولار سنويا، وهناك احتجاجات ليس في الأردن فقط بل في بعض الدول مثل أميركا وأوروبا على الآليات التي يتم من خلالها تحديد الأسعار، ولكن ائتلاف الشركات العالمية الكبرى يبرر التحكم بالأسعار أيضا بالمبالغ التي تنفق على الأبحاث والتطوير ودرجة المخاطر العالية والحساسية في الأسواق وغيرها من المتغيرات، والأردن والحال كذلك يتعامل ضمن هذه المعطيات. 
عموما لا نريد الذهاب بعيدا في المسائل الفنية، لكن الضجة المثارة فيما يخص بعض أنواع الادوية وأسعارها ترتبط أحيانا بضرائب محلية أو رسوم كضريبة المبيعات الـ 4 في المئة التي يتم الحديث عنها، وهذا قرار حكومي، أما المقارنات ببعض الدول فهي ليست امثلة يمكن القياس عليها، ومن الناحية الاقتصادية صدرت الصناعات الدوائية خلال العام الماضي ما يتجاوز قيمته المليار دولار، في حين يتبع الأردن سياسة السوق المفتوح في الاستيراد. 
يجب التفريق بين بعض الممارسات الخاطئة وضبطها، وبين صناعة وطنية شكلت قصة نجاح قابلة للتوسع وتحتاج الى المساندة وليس شن حرب عليها كونها نجحت خلال بعض اصعب المراحل، ذات الصناعة التي تتعرض للهجوم محليا تعمل في أسواق مثل تركيا والعراق ومصر والجزائر والبرتغال واليونان والولايات المتحدة، والحل بتعزيز التنافسية وإجراء حوار عقلاني مدعوم بالحقائق.