أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    28-Mar-2024

بنك عودة” في قبضة الرقابة السويسرية… فما هو مصدر الـ 20 مليون دولار التي وفّرها في سويسرا؟
 درج 
 
في الوقت الذي لم ينكشف فيه اسم السياسي الذي قام بتحويل مالي مشبوه إلى حساب مسؤول لبناني رفيع المستوى، والذي امتنع بنك عودة سويسرا عن ابلاغ “مكتب الإبلاغ عن غسيل الأموال” عنه، وهو ما ذكره بيان هيئة الرقابة على سوق المال في سويسرا “فينما” (FINMA)، تساءل خبراء عن مصدر أكثر من 20 مليون دولار التي طلبتها “فينما” ووفّرها المصرف في سويسرا.
 
كانت هيئة الرقابة على سوق المال في سويسرا “فينما” (FINMA) أعلنت عن اكتشاف انتهاكات خطيرة لتعليمات مكافحة غسيل الأموال في بنك عودة (سويسرا)، الذي يعتبر جزءاً من مجموعة عودة المصرفية اللبنانية الضخمة.
 
 فرضت FINMA غرامة على البنك واستعادت أرباحاً غير مشروعة بقيمة 3.9 مليون فرنك سويسري (4.34 مليون دولار أميركي)، وفرضت رسم إضافي على رأسمال المصرف بقيمة 19 مليون فرنك سويسري (أي أكثر من 20 مليون دولار)، وذلك نظراً لـ”علاقات البنك المتبقية مع شخصية ذات مخاطر عالية”. 
 
طالبت FINMA أيضاً بتصحيحات إضافية لآليات التصدّي لغسيل الأموال في البنك. ويُحظر على البنك “الدخول في أية علاقات جديدة مع الشخصيات السياسية المعرضة للمخاطر (Politically Exposed Persons PEPs) أو عملاء الشركات ذوي المخاطر العالية”، لمدة عامين أو حتى يتم تنفيذ هذه التدابير بالكامل. كما ستعيّن FINMA ممثلاً للتدقيق لمراقبة تنفيذ التدابير المذكورة أعلاه.
 
بحسب بيان “فينما”، اتخذ البنك إجراءات تصحيحية، وعلى وجه الخصوص، فقد استبدل أشخاصًا في العديد من المناصب الرئيسية وزاد بشكل كبير من الموارد اللازمة للامتثال، وقام بالتحقيق بشكل أعمق في علاقات معينة مع العملاء… وانفصل أيضًا عن عددٍ من العملاء. ومع ذلك، فقد قرر مواصلة بعض العلاقات مع العملاء ذوي المخاطر العالية.
 
يأتي هذا القرار بعد أن قدّمت عدّة منظّمات مدنية وهي “Accountability Now”، “رابطة المودعين”، “بيروت مدينتي”، “تقدم”، “لحقي” و”الشعب يقاوم الفساد”، شكوى لـFINMA بخصوص عدد من البنوك من بينها بنك عودة وبنك ميد (مجموعة البحر المتوسط). 
 
تقول زينة واكيم، عضو مؤسس في Accountability Now في مقابلة مع موقع “درج”: “أقل من سنة مرت على تقديمنا شكاوى لدى المدعي العام ومنظمة FINMA بحق بنك عودة وبنك مد ومصارف أخرى”، وتضيف: “ومنذ ذلك الوقت أعلنت FINMA أن التحقيقات جارية بحق هذه المصارف، وللدقة بحق 12 مصرفاً، من بينهم خمسة مصارف تواجه شبهات خطيرة، هذا الأمر بحد ذاته مهم جداً، لأنه من غير المسبوق أن تعلن المنظمة عن التحقيقات، ما يوضح حجم عمليات تبييض الأموال التي يتم التحقيق فيها”. 
 
ماذا يعني تبييض الأموال؟
يشرح الكاتب الاقتصادي منير يونس في لقاء مع “درج”، طبيعة الانتهاكات التي ارتكبها البنك، يقول: “ماذا يعني تبييض أموال؟ يعني عمليات مشبوهة لم يبلغ عنها [البنك] ومنها عملية تحويل بين سياسي لبناني ومسؤول لبناني ولم يتم تبرير الغرض من هذا الشيء، هذا طرف الخيط للعلاقات المشبوهة بالتحويلات المصرفية بين السياسيين والمسؤولين النافذين وخصوصًا رياض سلامة فيما خص التحقيقات الأوروبية”.
 
يضيف يونس:”علما أن البنك أثناء التدقيق الداخلي اشتبه بالعملية، ولكن لم يبلغ عنها، يعني تستر عليها… وهذا طبعًا مخالفة جسيمة بالنسبة لهيئة الرقابة السويسرية”.
 
تقول واكيم شارحة طبيعة العقوبة التي خضع لها بنك عودة :”هذه ليست غرامة ولكنها عائدات من عمليات جرمية، هذه هي الأرباح التي حققها بنك عودة من هذه العملية عبر تبييض أموال عائدة لسياسيين لبنانيين فاسدين، وما قامت به المنظمة هو مصادرة هذه الأموال وهذه ضربة موجعة بالنسبة للبنك، هذه الأموال تم توزيعها كأرباح لبنك عودة في لبنان، وتم توزيعها على المساهمين في المصرف، ما يعني أن هناك أربعة ملايين دولار يتوجب على بنك عودة دفعها، فضلاً عن أكثر من 20 مليون دولار يجب ضخها على رأس المال وهذه ضربة قوية لميزانية المصرف”.
 
 
 
يرى يونس أنّ المفارقة تكمن بـ “أن البنك التزم، وضخ أموال في الوقت الذي هو ممتنع  فيه عن رد الودائع إلى اللبنانيين بالشكل اللازم. وامتثل للسلطات السويسرية بزيادة رأس المال ودفع الغرامات. يعني عنده ملايين يدفعها حتى يخرج من هذه الورطة، وليس لديه ما يكفي حتى يزيد سحوبات المودعين بلبنان”. فيما ذكر يونس في تغريدة أنّ هناك المزيد من الاستقالات في بنك عودة قريباً.
 
 
من هو سمير حنّا؟
يقول يونس لـ “درج”، “بنك عوده هو أكبر بنك في لبنان، ومعروف بحسب الأوساط المصرفية أنه بنك المنظومة. لماذا؟ بسبب مصالح سياسية، وخلال فترة تملّك نجيب ميقاتي حصصاً فيه ثم بيعها”.
 
أمّا عن سمير حنّا، فيذكر تحقيق سابق لموقع “درج” بعنوان “”شخصيّات الظلّ” في كواليس الانهيار اللبناني: سمير حنّا الذي بُدّدت ودائع اللبنانيين لإنقاذ مصرفه!” أنّ البداية كانت منذ 60 عاماً، من العام 1963 عندما انضمّ سمير حنّا إلى بنك “عوده” وتقلّد الكثير من المناصب في أقسام مختلفة من البنك إلى أن تم تعيينه مديراً عاماً لبنك عوده عام 1986 وعضواً في مجلس إدارته في عام 1990.  في 10 نيسان/ أبريل 2017، تمّ انتخابه رئيساً لمجلس إدارة بنك “عوده” خلفاً لريمون عوده.
 
ومنذ ذلك الوقت، هو رئيس مجلس إدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة بنك “عوده”، وهو المصرف الأكبر في لبنان. حنّا صديق مقرّب لحاكم المصرف المركزي السابق، رياض سلامة، وهو من أتقن لعبة سندات الخزينة.
 
سمير حنا هو أيضاً عضو في مجلس إدارة بنك “عوده” (سويسرا) وOdea Bank، فرع بنك عوده في تركيا، وشغل سابقاً منصب رئيس مجلس إدارته منذ إنشائه في عام 2012 وحتى تشرين الثاني/ نوفمبر 2020.
 
 
بنك عودة وشركات الأوف شور
كشف تحقيق سابق لموقع “درج” و”مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد” OCCRP أنّه في عام 2016 أي السنة التي أجريت فيها الهندسات الماليّة، استثمر بنك “عوده” في شركة Crossbridge Capital، التي يمتلك ندي رياض سلامة أسهماً فيها. 
 
على رغم أنّ الهندسات الماليّة التي وضعها سلامة عام 2016 أفادت جميع المصارف، الّا أنّ بنك عوده حقّق الربح الأكبر، أي نحو 1.6 مليار دولار أميركي عام 2016، بحسب لجنة الرقابة على المصارف في لبنان. 
 
بنك “عوده” استثمر في شركة Crossbridge “من خلال صفقات مهيكلة بطريقة حجبت روابطه مع شركة “كروسلاند أسيتس” Crossland Estates. والأخيرة هي “شركة غامضة مسجلة في بنما” لم يكن عمرها شهرين عندما اشترت أسهم شركة Crossbridge لمصلحة شركة “ويستليك كوميرشال إنك” (Westlake Commercial Inc) الوهمية. 
 
أمّا Crossland Estates فلها ارتباط بشركة أخرى في بنما وهي ميريون “كابيتال إس إيه” (Merrion Capital S.A التي أعطت رياض سلامة شقة فاخرة في لندن، مقدّرة بـ4.1 مليون دولار أميركي، بعدما اشترتها عام 2010، ونقلت الشركة الشقة إلى رياض سلامة في كانون الثاني/ يناير 2017 وبعدها أصبحت هذه الشقّة ملك ندي سلامة، بحسب  تحقيق درج وOCCRP.
 
والأكثر شبهة هو أنّ شركة Crossbridge حصلت على قرض بقيمة 14.5 مليون دولار من شركة “بيريت إنترناشيونال إن في” (Beryte International N.V) المسجّلة في كوراساو وتتبع “بنك عوده”.
 
 وفي كانون الأول/ ديسمبر 2016، اشترت بيريت إنترناشيونال أسهم كروسبريدج كابيتال من كروسلاند أسيتس”بقيمة قُدّرت بـ 2.06 مليون دولار حين نُقِلت إلى شركة أخرى تابعة لبنك عوده بعد ستة أشهر”، بحسب التحقيق المذكور سابقاً. 
 
وأصبح بنك عوده يملك 23 في المئة من Crossbridge Capital. فيما امتلك “بنك عوده سويس أس أي” 19 في المئة من Crossbridge Capital في كانون الأوّل 2014 بقيمة نحو 9.5 مليون دولار أميركي، “لكنها لم تُبرَم حتى أيلول/ سبتمبر 2019 – بعد شهر تقريباً من توقف ندي سلامة عن إدارة المال لمصلحة عملاء “كروسبريدج””، بحسب تحقيق “درج” وOCCRP، علماً أنّ التحقيق كشف أنّ الرئيس التفيذي لبنك عوده سويس فيليب صيدناوي أصبح له مقعد في مجلس إدارة شركة Crossbridge منذ أوائل عام 2019.
 
دور الـ FINMA وصلاحياتها
 هيئة الرقابة على سوق المال في سويسرا “فينما” FINMA هي الهيئة المسؤولة عن تنظيم الأنشطة المالية في سويسرا. وتشمل الأدوار الرئيسية للهيئة:
 
– حماية الدائنين والمستثمرين وحاملي وثائق التأمين وضمان سلامة عمل الأسواق المالية.
 
– الإشراف على البنوك وغيرها من المؤسسات المالية.
 
– إصدار التراخيص للعاملين في السوق المالية ومراقبة أنشطتهم.
 
– فرض الامتثال لقوانين.
 
-فرض العقوبات وفي حال الضرورة تصفية الشركات.
 
– التنبّه بشكل خاص بشأن غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
 
– استقبال شكاوى حول أصحاب التراخيص وإصدار تحذيرات عامة عند الضرورة.
 
تعمل FINMA بشكل مستقل عن الإدارة الفدرالية المركزية، ولها شخصية قانونية مستقلة. لدى FINMA الصلاحية لاتخاذ القرارات، ويمكن أن يكون لقراراتها تأثيرًا كبيرًا على الكيانات التي تشرف عليها. تتضمن صلاحياتها مثلًا:
 
– اتخاذ إجراءات فورية لمنع حدوث أضرار للنظام المالي أو لعملاء السوق المالية.
 
– طلب التصرف لاستعادة الامتثال للقانون: إذا تبين أن الكيان قد انتهك القانون، يمكن لـ FINMA أن تطلب منه اتخاذ إجراءات تصحيحية. 
 
– إصدار أوامر التوقف عن العمل وحظر النشاط و/أو سحب الترخيص، التصفية، والإفلاس: في الحالات الخطيرة، يمكن لـ FINMA سحب ترخيص الكيان، مما يمكن أن يؤدي إلى تصفيته أو إفلاسه.
 
– استرداد الأرباح التي تمّ تحقيقها بشكل غير قانوني.
 
هل تتحقق العدالة؟
“كل البنوك اليوم متعثرة منها المفلس ومنها المتعثر، ويؤجل الإصلاح طبعاً بشكل مقصود. وعايشين مع بنوك زومبي”، وهنا لا بدّ من التدقيق في الودائع المشروعة وغير المشروعة، بحسب يونس، الذي يرجّح أنّه إذا تمّ التحقيق في التحويلات المشبوهة من بنوك لبنان إلى بنوك خارجية في جميع المصارف، فسيتبيّن أن عمليات تبييض أموال ستكون بالمليارات أو حتى بعشرات المليارات.
 
الّا أنّ هذه الخطوة غير المسبوقة من “فينما” هي بالفعل حسب واكيم: “رسالة مهمة لكل الناشطين في لبنان، عليهم أن لا ييأسوا من معركتهم. هناك مجموعة قضاة مستقلين وشجعان في أوروبا مستعدون لمتابعة الشكاوى التي نتقدم بها، بهذه الطريقة سوف تحقق العدالة في جرائم الفساد”.