أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    18-May-2025

قانون الكهرباء الأردني الجديد*هاشم عقل

 الدستور

سلاح تشريعي في مواجهة الاعتداءات على الشبكة الوطنية
 
في خطوة تعكس إدراك الدولة الأردنية لخطورة الاعتداءات المتكررة على شبكات الكهرباء، أقرّ مجلس النواب الأردني قانون الكهرباء الجديد لعام 2025، متضمّنًا عقوبات صارمة تهدف إلى حماية هذه البنية التحتية الحيوية، وردع كل من تسوّل له نفسه العبث بها أو سرقة التيار الكهربائي. ويأتي هذا التعديل التشريعي في ظل ارتفاع مقلق في حالات التعدي على الشبكة الكهربائية، والتي باتت تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
 سرقات الكهرباء  نزيف مستمر في شبكة تعاني
 بحسب بيانات هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن، تم ضبط أكثر من 15 ألف حالة سرقة كهرباء منذ بداية العام، ما يكشف عن حجم التحدي الذي تواجهه الدولة في حماية مواردها من الفاقد الكهربائي غير الفني، والذي يكلف خزينة الدولة والمستهلكين مبالغ ضخمة سنويًا. ويشير خبراء في قطاع الطاقة إلى أن هذه الاعتداءات لا تقتصر على الخسائر المالية، بل تؤدي إلى تراجع جودة الخدمة وانقطاعات متكررة تضر بالمواطنين والمؤسسات على حد سواء.
 العقوبات الجديدة: لغة القانون تتحدث بصرامةجاء القانون الجديد ليرفع سقف العقوبات على مختلف أنواع التعدي على الشبكة الكهربائية. فكل من يضبط بجرم الربط غير المشروع أو سرقة التيار الكهربائي يواجه الآن عقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، وغرامة مالية تصل إلى 10 آلاف دينار أردني. كما نصّ القانون على معاقبة من يعبث بالعدادات أو يفضّ أختامها بقصد السرقة بالحبس وغرامات تصل إلى 7 آلاف دينار.
وفي خطوة أخرى، يعاقب القانون من يعتدي على منشآت الكهرباء أو يعطلها عمدًا بالحبس أو غرامة قد تصل إلى 100 ألف دينار، مع إمكانية الجمع بين العقوبتين، وتُضاعف العقوبة إذا نجم عن الفعل خطر على السلامة العامة. وتلك التشديدات تمثل تحولًا لافتًا في السياسة العقابية، حيث لم تعد الاعتداءات على الشبكة تُعتبر مجرد مخالفات إدارية، بل جرائم تمس الأمن الوطني.
 أثر القانون على أرض الواقع: ردع وتحفيز للالتزام
 من الناحية التطبيقية، بدأت ملامح القانون تنعكس ميدانيًا. فقد أفادت شركات توزيع الكهرباء بتراجع طفيف في بعض مناطق المملكة في عدد حالات السرقة، خاصة بعد تنفيذ حملات إعلامية توعوية مرافقة لتطبيق القانون. ويؤكد مسؤولون في هيئة تنظيم الطاقة أن الهدف لا يكمن فقط في المعاقبة، بل في خلق ثقافة قانونية تحترم الملكية العامة وتدرك خطورة التعدي على البنية التحتية.
 ويرى مراقبون أن القانون قد يشكّل نقطة تحول في مكافحة هذا النوع من الجرائم، إذا ما رافقته إجراءات تنفيذية صارمة، وتعاون بين مختلف الجهات المعنية من بلديات وأجهزة أمن وشركات توزيع.
 التحدي الأكبر: العدالة والردع دون الإضرار بالفقراء
 رغم أهمية الردع، يبرز تساؤل مهم حول كيفية التمييز بين الحالات التي تُرتكب بدافع الفقر والحاجة، وتلك التي تعكس جرائم منظمة أو استغلالًا متعمدًا. وهنا، يتطلب الأمر حساسية عالية في تطبيق القانون، بحيث لا يُستخدم كأداة قمع للفئات الأضعف، بل كإطار لتنظيم الخدمة وضمان وصولها بعدالة وكفاءة.
 إحصائيات رئيسية:
عدد حالات الاعتداء على الكهرباء: منذ بداية عام 2025 وحتى أبريل، تم ضبط 15,511 حالة اعتداء ، منها 8,692 حالة من قبل هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن، و6,819 حالة من قبل شركات توزيع الكهرباء .  
نسبة الفاقد الكهربائي: يصل متوسط الفاقد الكهربائي على شبكات التوزيع إلى 12%، منها 4-5% تُعزى إلى الاعتداءات والفاقد غير الفني.  
التوزيع الجغرافي لحالات الاعتداء : في عام 2024، تم ضبط حوالي 14,629 حالة استجرار غير مشروع للكهرباء ضمن اختصاص شركة الكهرباء الأردنية، و3,980 حالة في منطقة امتياز شركة توزيع الكهرباء، و5,133 حالة ضمن اختصاص شركة كهرباء إربد.  
التحصيلات المالية: بلغت التحصيلات الناتجة عن حالات العبث بالكهرباء حوالي 38 مليون دينار أردني، مما يُشير إلى الأثر المالي الكبير لهذه الاعتداءات على الاقتصاد الوطني.  
 تُبرز هذه الإحصائيات أهمية العقوبات المشددة التي نصّ عليها قانون الكهرباء الجديد، والتي تهدف إلى حماية البنية التحتية الكهربائية، وتقليل الفاقد الكهربائي، وضمان استدامة الخدمات للمواطنين
حماية الكهرباء مسؤولية وطنية
 يبقى قانون الكهرباء الجديد خطوة ضرورية في مسار طويل يتطلب جهودًا تكاملية. فحماية الشبكة الوطنية من الاعتداءات ليست مسؤولية الحكومة وحدها، بل تتطلب وعيًا مجتمعيًا، وتطبيقًا عادلًا، واستثمارًا في العدالة الرقمية التي تراقب وتكشف التجاوزات قبل وقوعها. وفي ظل التحديات الاقتصادية والضغط على الموارد، فإن صيانة الكهرباء من السرقة والعبث هي صيانة لأمن الكهرباء واستقرارها.