أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    16-Jan-2023

عمان و«شقيقتها» الجديدة!*احمد ذيبان

 الراي 

الذين عايشوا مراحل نمو العاصمة عمان، التي بدأت بأحياء ومتاجر محدودة تحيط بسيل عمان، يذكرون أن حدودها الغربية حتى مطلع السبعينيات، كانت منطقة الدوار الثالث والمدينة الرياضية، وعمان الشرقية كانت الاشرفية وجبل التاج وماركا، أما المناطق المحيطة بها فكانت عبارة عن قرى صغيرة ومساكن متناثرة.
 
وبين السبعينيات وحتى الألفين تضخمت عمان واتسعت بصورة مهولة، وتبلغ مساحتها اليوم نحو 1680 كم² مربع، فيما يزيد عدد سكانها عن أربعة ملايين نسمة، ولا بد من التأكيد أن سوء التخطيط وتجارة الاراضي، هي التي أوصلت عمان إلى حالة الانفجار السكاني والضغط الهائل على الخدمات والاختناقات المرورية، وأصبحت أي عملية إصلاح تبدو صعبة مع تدفق أعداد هائلة من السكان من الاطراف والقرى والمدن البعيدة، التي تفتقر هي الأخرى الى خدمات ونسبة الفقر فيها مرتفعة، وتبدو طاردة للكفاءات والأيدي العاملة التي تتجه الى عمان، بحثا عن فرص عمل وخدمات أفضل.
 
ولأن عمان هي مركز القرار السياسي ومقر الحكومة والبرلمان، فذلك يشكل عنصر حافز إضافي للوصول اليها، حتى الكثير من النواب عندما ينتخبون من قبل قواعدهم في المدن والمناطق البعيدة عن عمان، يسكنون في العاصمة ويزورون مناطقهم في المناسبات أو بشكل أسبوعي، وأذكر أنه في عام 1989 عندما أجريت أول انتخابات برلمانية عامة بعد انقطاع استمر اكثر من عقدين، حضرت مناظرة انتخابية في مدينة السلط، وتحدث أحد المرشحين في حينه وقال عبارة شهيرة صار يرددها الكثيرون فيما بعد: «إذا أوصلتموني الى عمان سأفعل كذا.. وكذا »، بمعنى أن الوصول الى عمان هدف للطامحين لتولي المراكز السياسية، سواء كانت حقائب وزارية أو أعضاء في السلطة التشريعية أو وظائف عليا في الدولية.
 
ومن يشاهد عمان اليوم من الجو، لا يصدق أنها تضخمت بسرعة جنونية خلال ثلاثة عقود ولا تزال تتوسع يوما بعد آخر، وأنا شخصيا أسكن في منطقة كانت في منتصف تسعينيات القرن الماضي أراضي زراعية، يسكنها عدد صغير جدا من أصحاب تلك الاراضي، لكنها اليوم ازدحمت وأصبحت متخمة بالعمارات السكنية وهجمت عليها شركات العقارات، تشتري وتبني وتبيع بالديون من خلال البنوك التي تستنزف مدخرات ودخول من يحتاجون إلى مأوى.
 
وقبل أيام أعلنت الحكومة قرار إنشاء «مدينة جديدة» قرب العاصمة على مراحل قد تستغرق عشرات السنين، تتطلب ضخ مليارات الدنانير فيها لم يعرف بعد كيف سيتم توفيرها، وهو مشروع سبق أن روجت له حكومة سابقة، ورغم الصورة الجميلة التي تم رسمها للمدينة الجديدة لجهة التخطيط المسبق لها، وتصنيفها ك «مدينة ذكية»، الهدف منها تخفيف الضغط عن عمان يصعب التكهن بنسبة نجاح الفكرة، وينبغي الحذر من تحولها الى رافعة لتجارة الاراضي في الموقع الجديد، وتحولها الى عمان أخرى يهاجر اليها أعداد كبيرة أخرى من المدن والاطراف.