الرباط: «الشرق الأوسط»
قال بنك المغرب المركزي يوم الخميس إنه يعتزم وضع سقف لأولى عملياته على الإطلاق لشراء سندات الخزانة لتعزيز السيولة عند 25 مليار درهم (2.5 مليار دولار)، مشيرا إلى التأثير السلبي لعدم اليقين بشأن توقعات أسعار الفائدة على الطلب.
وضخ البنك المركزي حتى الآن 16.2 مليار درهم (1.6 مليار دولار) من خلال مشتريات سندات خزانة يومي 9 و16 يناير (كانون الثاني) الحالي. وقال يونس عصامي من إدارة السياسة النقدية والصرف الأجنبي بالبنك في مؤتمر صحافي إن هذه الخطوة تأتي في غمرة انخفاض الطلب على سندات الخزانة بسبب مخاوف المستثمرين بشأن تحركات سعر الفائدة.
وزاد بنك المغرب سعر الفائدة الرئيسي في ديسمبر (كانون الأول) 50 نقطة أساس إلى 2.5 في المائة في إطار سعيه لكبح التضخم.
وقال عصامي إن معظم المستثمرين لا يمكنهم توقع مسار أسعار الفائدة، ويفضلون الانتظار وليس الاستثمار. وذكر أن البنك المركزي قصر عمليات الشراء على السندات التي يقل أجل استحقاقها عن عام وصدرت قبل أقل من شهر. وأوضح عصامي أن شراء سندات الخزانة هو أداة لتعزيز السيولة دون التأثير على السياسة النقدية للبنك المركزي. وقال إن المغرب يدرس إصدار سندات دولية في 2023 ستكون على الأرجح بالدولار الأميركي.
ويأمل المغرب في استعادة درجته الجاذبة للاستثمار، بينما يتوقع الخروج من «اللائحة الرمادية» لمنظمة مجموعة العمل المالي التي يزور وفد منها البلاد حاليا. وأوضح عصامي أن إصدار السندات غير مشروط باستعادة الدرجة الاستثمارية التي فقدها المغرب في 2020.
ومثلت الديون الخارجية 15.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المغربي في 2022، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 16.5 في المائة عامي 2023 و2024 وفقا لبيانات البنك المركزي.
والأسبوع الماضي، توقعت المندوبية السامية للتخطيط في المغرب انتعاشاً نسبياً للنمو الاقتصادي هذا العام بمعدل 3.3 في المائة، بعد تراجعه إلى 1.3 في المائة العام الماضي، وفق ما أعلنت الخميس، شرط أن يكون أداء القطاع الزراعي جيدا.
وأوضح الكاتب العام للمندوبية عياش خلاف في مؤتمر صحافي بالرباط، أن هذا المعدل يظل رهنا «بانتعاش الأنشطة الزراعية»، منبها إلى أن «شبح عودة الجفاف لا يزال قائما رغم تهاطل الأمطار في ديسمبر الماضي».
وجاءت توقعات المندوبية، وهي هيئة رسمية، أقل تفاؤلا من تقديرات الحكومة التي تراهن على نمو بمعدل 4 في المائة هذا العام. ولا تزال القيمة المضافة للقطاع الزراعي أساسية في نمو الاقتصاد المغربي، لكنّ أداءه يظل مرتبطا بالظروف المناخية، حيث عانت المملكة العام الماضي من جفاف حاد. وهو ما تسبب في تباطؤ النمو 1.3 في المائة، إلى جانب تداعيات الحرب في أوكرانيا، وارتفاع معدل التضخم إلى مستوى قياسي قدرته المندوبية في 5 في المائة.
وإلى جانب المناخ سيكون نمو الاقتصادي المغربي هذا العام رهناً أيضاً بعوامل خارجية، خصوصاً تداعيات الحرب في أوكرانيا، وتطور معدلات الفائدة والمخاطر الوبائية، وفق ما أضافت المندوبية.
وعلى الرغم من أن الطلب الخارجي سيتراجع هذا العام إلى 3.2 في المائة (من 7.6 في المائة العام الماضي) بسبب الانكماش المرتقب للتجارة العالمية، فإن المندوبية تتوقع ارتفاع الطلب الداخلي بـ3.2 في المائة «ليشكل المحرك الأساسي للنمو».
ويرتقب أن يستفيد الطلب الداخلي من تراجع معدل التضخم إلى 1.9 في المائة، و«تسارع خفيف لمستوى استهلاك الأسر». وعانى المغرب العام الماضي من ارتفاع أسعار المحروقات ومواد غذائية، ما أثر على القدرة الشرائية لذوي الدخل المحدود، والفئات الوسطى خصوصا.
وعموماً عانى الاقتصاد المغربي «رغم صموده النسبي صدمات خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة»، تسببت في فقدان نحو 22 ألف منصب عمل محتمل العام الماضي، وفق تقديرات المندوبية.