أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    02-Jun-2019

لماذا يخسر الناس أموالهم في سوق الأسهم؟
أرقام - في أوائل العام 1942 وفي خضم الحرب العالمية الثانية بدأت غواصات الـ"يو بوت" الألمانية مهاجمة السفن المارة بالقرب من السواحل الأمريكية. وخلال الأشهر التسعة التالية خسرت الولايات المتحدة كميات هائلة من المؤن والبضائع -بمعدل 650 ألف طن في الشهر- غرقت مع السفن التي كانت تحملها.
 
 
الخسائر التي تكبدها الأمريكيون بسبب الهجمات الألمانية كانت موجعة لدرجة أنها جعلت كبير خبراء البحرية الأمريكية في قيادة حرب مكافحة الغواصات الكابتن "وايلدر بيكر" يذهب في 24 يونيو من نفس العام إلى قائد البحرية الأمريكية ويقول له: "لقد خسرنا المعركة في المحيط الأطلنطي".
 
 
 
 
 
هذه الهجمات التي أذلت الحلفاء حرفياً في المحيط الأطلنطي لم تكن لتُحدث ذلك التأثير لو أن الأمريكيين استفادوا من التجربة البريطانية في مكافحة نفس الشكل من الهجمات. فقد كان البريطانيون يستخدمون نظام القافلة لحماية سفن الشحن التجاري.
 
 
استغرقت الولايات المتحدة أكثر من 6 أشهر قبل أن تتبع أخيراً الاستراتيجية البريطانية وطبقت نظام القوافل، ولكن ذلك حدث بعد أن خسرت أعدادا كبيرة من السفن بسبب تقاعسها عن التعلم من تجارب الآخرين (البريطانيين) الذين واجهوا مشكلة مماثلة.
 
 
الوضع نفسه في سوق الأسهم. فأغلب المشاركين في السوق لا يحرصون على التعلم من تجارب غيرهم أو حتى الاعتراف بأخطائهم. وكلما حاولت نصحهم كي تحول دون خسارتهم لأموالهم لا يستمعون لك في أكثر الأحيان إلا بعد فوات الأوان. وحين يعترفون بأخطائهم أخيراً يكونون قد خسروا بالفعل معظم أموالهم.
 
 
والمشكلة ليست في ارتكاب الأخطاء، بل على العكس الخطأ جزء من عملية التعلم، ولكن المشكلة هي عدم الاعتراف بها. وبالمناسبة، لا يوجد دليل أكثر وضوحاً على أنك ارتكبت خطأ من خسارتك للمال. فخسارتك لـ10% من قيمة أي استثمار تعني أن هناك مشكلة ما.
 
 
وفي هذا التقرير سنستعرض معاً بشكل سريع الأخطاء التي يقع في شراكها أغلب المشاركين في السوق بشكل يومي تقريباً بهدف مساعدتهم على تجنبها وتجنب خسارة أموالهم بسببها.
 
 
علمتني الخسارة
 
 
اسأل أي مستثمر أو متداول من ذوي الخبرة في السوق وسيخبرك بأنه في سوق مثل سوق الأسهم يتعلم الواحد منا من قراراته الخاطئة التي تتسبب في خسارته للمال أكثر مما يتعلمه من تلك التي تحقق له المكاسب.
 
 
فأحد أسوأ الأشياء التي حدثت للمستثمرين الجدد الذين دخلوا سوق الأسهم السعودي في الأعوام الثلاثة السابقة على فقاعة فبراير 2006 هي أنهم كسبوا المال في السوق بسرعة وسهولة رغم أن معظمهم لم يكن يعرف ما يفعله بالضبط. فالحالة التي كان يمر بها السوق أغوتهم وساعدتهم على تحقيق تلك المكاسب.
 
 
لذلك، عندما انفجرت الفقاعة وتراجع السوق وتوقفت الأموال السهلة، لم يكن لدى الكثير منهم أي فكرة عما يجب فعله في هذه الحالة. الكل أصيب بما يشبه السكتة الدماغية التي جعلتهم عاجزين عن التصرف. ولكن لماذا؟ ببساطة هذه كانت أول مرة يتعاملون فيها مع الخسارة، وللأسف لم تكن خسارة عادية، فبعضهم خسر ربما كل أمواله.
 
 
 
 
 
الفكرة هي أن خسارتك للمال (جزء منه طبعاً وليس خسارته بالكامل) أثناء تقلبات السوق الطبيعية قد تكون مفيدة لك. فإذا خسرت 10% مثلاً من رأس مالك يجب أن تفهم أن هناك خطأ ما تحتاج إلى اكتشافه ومعالجته.
 
إنكارك لوجود المشكلة ودفنك لرأسك في الرمال والتصرف على أساس أن خسائرك ليست سوى خسائر ورقية (وهي كذلك نظرياً) قد يكلفك الكثير في المستقبل.
 
 
 
اقبل الخسارة واحرص على عدم ارتكاب نفس الخطأ مرة أخرى، وراجع استراتجيتك الاستثمارية من وقت لآخر في ضوء التغيرات التي قد تطرأ على المعطيات في السوق. وراقب حالة الأساسيات عن كثب.
 
 
الباكين على الأطلال
 
 
خطأ آخر يرتكبه بعض المشاركين في السوق وهو التمسك بالأسهم الخاسرة أطول من اللازم. فلأسباب مختلفة يحتفظ بعض المستثمرين بأسهمهم الخاسرة لفترة طويلة. وفي الحقيقة إن فشل هؤلاء في التخلص من الأسهم الخاسرة في وقت مبكر هو ربما السبب الأول وراء تدمير قيمة محافظهم.
 
الأسباب التي تجعل الناس يتمسكون بأسهمهم الخاسرة أكثر من اللازم هي أسباب النفسية بالمقام الأول. فأغلب هؤلاء يرفضون التخلص من السهم الخاسر بسبب رفضهم الاعتراف بخسارتهم وبأنهم كانوا مخطئين حين اتخذوا قرار الاستثمار فيه. للأسف يغريهم الأمل ويعميهم الجشع، وفي نفس الوقت يقنعون أنفسهم بأن السهم سوف يرتد ويعود إلى سابق عهده يوماً ما.
 
 
البعض للأسف يعيش أحياناً في حالة من الإنكار لحقيقة أن سهمه المفضل لن يعود أبداً لسابق عهده. هذه الحالة تتسبب في خسارة الناس ليس لمكاسبهم فقط وإنما لاستثماراتهم الأصلية أيضاً، ليخرجوا من السوق وليس في أيدهم سوى الفتات.
 
 
أبرز مثال على هذه الحالة ربما هو ما حدث لسهم شركة الاتصالات السويدية "إريكسون" المدرج بالبورصة الأمريكية خلال أواخر التسعينيات. ففي عام 1998 كان باستطاعة المستثمرين شراء ذلك السهم مقابل ما يقرب من 20 دولاراً.
 
 
ولكن بداية من عام 1999 شهد السهم موجة صعود قوية وصلت ذروتها حين بلغ سعر السهم في فبراير من عام 2000 حوالي 81 دولاراً. أي شخص عبقري أو محظوظ بالأحرى كان من الأفضل له أن يبيع السهم عند تلك النقطة.
 
 
بنفس وتيرة الصعود هبط السهم مرة أخرى. فبحلول مارس تراجع سعر السهم دولارين ليصل إلى 79 دولاراً، قبل أن يهبط إلى 75 دولاراً في أبريل وظل يتراجع إلى أن وصل سعره إلى دولار و20 سنتاً في سبتمبر 2002، كما يتضح من الرسم البياني التالي:
 
 
 
 
 
الشاهد هو أن هناك من ظل جالساً بجوار ذلك السهم من عام 1999 ينتظر الانتعاش الذي لم يأت قط. وبينما هو على هذه الحال خسر كل أمواله تقريباً.
 
 
لا تخدعك نفسك
 
 
سوق الأسهم تحديداً ليس لكل الناس، وخصوصاً أولئك الذين لا يمتلكون القدرة على التحكم بعواطفهم. فالاستثمار لعبة خطرة وهناك أموال كثيرة على المحك، وفي ظروف مثل هذه لا يستطيع بعضنا السيطرة على عواطفهم مما يقودهم إلى اتخاذ قرارات خاطئة قد تقضي عليهم تماماً.
 
 
أغلب المشاركين في السوق يخسرون أموالهم بسبب خوفهم من الخسارة أكثر من اللازم، وآخر شيء يحتاج إليه المستثمر هو ذلك الخوف المبالغ فيه. قبل أن تدخل السوق يجب أن تدرب نفسك على أن تكون مستعداً لا خائفاً. فكل المستثمرين المحترفين يأملون دائماً أن يحدث الأفضل، ولكنهم في نفس الوقت مستعدون للأسوأ.
 
 
 
 
 
أكبر خطأ قد يرتكبه المستثمر هو الاعتقاد بأن أسهمه لن تنخفض. خطورة طريقة التفكير تلك هي أنها تجعله غير مستعد للتعامل مع أي هزة أو حدث غير متوقع قد يصدم السوق. ولكن حتى لو كنت لا تتوقع حدوث هزة أو كارثة مالية يجب أن يكون لديك خطة طوارئ مبنية على المنطق السليم وليس الخوف هدفها تجنيبك خطر الانهيار.
 
 
هناك أيضاً خطأ شائع يقع فيه الكثير من المستثمرين وخصوصاً أولئك الذين يتمكنون في أيامهم الأولى بالسوق من تحقيق بعض المكاسب وهي الثقة المفرطة. فعلى الرغم من أن الثقة بالنفس هي صفة أساسية يجب أن يتحلى بها أي مستثمر إلا أن تجاوز هذه الثقة لحدها بشكل يؤثر على منطق قراراتك هي علامة لا تبشر بالخير أبداً.
 
 
الكثير من المستثمرين الذين يدخلون إلى السوق وهو في حالة صاعدة تمكنهم من تحقيق مكاسب يعتقدون خطأ أنهم عباقرة، غير أنهم في الحقيقة ليسوا إلا مجموعة من المحظوظين دفعهم إلى الأعلى الاتجاه التصاعدي للسوق. وكما يقولون "لا يوجد عباقرة في سوق صاعدة".
 
 
 
 
 
الخطير هو أن الثقة الزائفة التي تسيطر على هؤلاء تعميهم عن حقيقة هامة جداً وهي أن موجة الصعود التي صعدوا على أكتافها ستنتهي عاجلاً أو آجلاً، لأنه لا موجات الصعود تدوم ولا موجات الهبوط كذلك.
 
 
أخيراً، هناك نقطة بديهية جداً وقد يراها البعض ساذجة ورغم ذلك يجب أن نذكّر بها كافة المشاركين في السوق وهي أننا كمستثمرين لسنا موجودين في سوق الأسهم من أجل خسارة المال، ولذلك ليس من المنطقي ألا نعترف بأخطائنا التي تكلفنا أموالنا التي كسبناها بشق الأنفس ونتعلم منها ونحرص على عدم تكرارها.