أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Aug-2018

مصدر: تأجيل طرح أسهم «أرامكو» سيؤثر على ثقة المستثمرين

 القدس العربي-إبراهيم درويش

 ناقشت مجلة «إيكونومست» في عددها الأخير موضوع وقف بيع حصص من شركة النفط السعودية العملاقة «أرامكو» وطرح جزء من أسهمها في السوق المالية. وأشارت تحت عنوان «غباشة في الرؤية» إلى أن القرار سيؤثر على ثقة المستثمرين في التحولات نحو التحديث. وقالت « تغير كل شيء في الظهران حيث المقرات الرئيسية لشركة ارامكو كبرى شركات النفط في العالم فالمصرفيون الذين كانوا يعملون على ما افترض أنه أضخم عرض أسهم في الأسواق المالية لم يغادروا إلى بلادهم لقضاء عطلة الصيف بل وربما لن يعودوا أبدًا». وحل محلهم أشخاص يعملون على إمكانية شراء شركة «سابك « للبتروكيماوات المملوكة من الحكومة. وبعد أن نشرت «وكالة أنباء رويترز» في 22 آب (أغسطس) تقريرا قالت إن السعودية ألغت خطة الطرح المحلي والعالمي لشركة أرامكو والذي كان سيعد الأضخم من نوعه في التاريخ، أصدرت الحكومة السعودية بياناً قالت فيه إن «التكهنات» غير صحيحة وأنها لا تزال ملتزمة بالطرح ولكن «في الوقت الذي تختاره وعندما تسنح الظروف».
وتعلق المجلة أن العملية في الحقيقة متوقفة وفي المستقبل المنظور.
 
الخشية من الشفافية
 
وأضافت أنه منذ أن كشف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لها في بداية عام 2016 عن خطط خصخصة أرامكو فقد كان الأمر بمثابة مخاطرة حظها من النجاح غير واضح. ولكنه، أي بن سلمان أفشل العملية عندما وضع سقفاً عاليا للسعر وهو تريليونا دولار قبل أن يقوم أحد بفحص شهية المستثمر لها. ولم يكن القصر السعودي قادراً على اختيار مكان الإعلان سواء في نيويورك، لندن أو أي مكان آخر خاصة أنه فشل في فهم تداعيات اختياراته. ولم يستطع القصر إقناع السعوديين أن بيع حصص من الشركة سيعمل في صالحهم كما يقول جيم كرين، الخبير في مجال الطاقة في جامعة رايس.
كما يخشى الحكام السعوديون من الشفافية التي يتطلبها الطرح العام والكشف عن طريقة إدارتهم الداخلية للشركة. لكن منطق البيع كان صحيحاً كما تقول المجلة خاصة أن الطرح المحلي والعالمي لأسهم الشركة يمثل الحجر الأساسي لرؤية 2030 التي يريد ولي العهد تنفيذها وتهدف لإبعاد السعودية عن النفط كمصدر رئيسي للإقتصاد. وكان يريد استخدام عائدات الطرح للإستثمار في صناعات تسهم في تنويع الإقتصاد. 
وتقول المجلة إن الكثير من العمل التحضيري للطرح قد تم، من ناحية جعل استصدار شهادة عن الإحتياط وجعل الشركة شركة يديرها المساهمون فيها. ومن هنا فتأجيل الطرح العام لحين نجاح أرامكو في السيطرة على شركة البتروكيماويات (سابك) سيجعل الكثير من المستثمرين حذرين بشأن خطط التحول. خاصة أن الثقة قد تأثرت بعد اعتقال الأمراء والأغنياء السعوديين في فندق في الرياض العام الماضي وعمليات الملاحقة للمعارضة وقمعها. 
وترى المجلة أن ربط الطرح بسابك التي تقدر قيمتها بـ 100 مليار دولا هو الخيار الثاني الأفضل حيث ستقوم أرامكو بوضع 70 مليار دولار في هيئة الاستثمار العامة مقابل حصوله على حصة 70% من شركة البيتروكيماويات. والخطورة في هذه الخطوة أنه قد يتم إنفاق الأموال على مشاريع تهدف للظهور والتفاخر الزائف ولا تخدم اقتصاد البلد. وهي موجودة في طرح أسهم من ارامكو ولكن المملكة ستكون قادرة على توليد المال من خلال بيع أسهم أخرى. وربما كان شراء ارامكو سابك خطوة جيدة. ويقول كرين إن شركة النفط ظلت ولسنوات تقدم لسابك مواد خامة مدعمة. وستؤدي سيطرة أرامكو على شركة البتروكيماويات على خلق شركة للطاقة متنوعة مثل إكسون موبيل ورويال داتش شل. وستظل النسبة 30% من أسهم شركة سابك في السوق المالي الباب الخلفي لطرح أسهم أرامكو وهو أمر يحتاج للإنتظار.
إلى ذلك كتب المحرر الاقتصادي في صحيفة «غارديان» لاري إليوت أن المملكة العربية السعودية واعية بما يجب القيام به من تنويع مصادر الدخل الاقتصادي ولكن أمامها طريقاً طويلاً لتحقيق هذا. 
وتحدث إليوت في معرض التقرير الذي نشر في وكالة أنباء «رويترز» عن وقف السعودية جهودها لوضع شركة النفط السعودية (ارامكو) في السوق المالي، في وقت نفت فيه السلطات السعودية هذا، إلا أن القرار على ما يبدو جاء بعد تردد وتأجيل وفوات المواعيد المحددة.
ويبدأ إليوت بالقول: «في 2 آذار (مارس) 1938 كانت السعودية عبارة عن مجتمع يعتمد على سياحة جانبية من موسم الحج إلى مكة، وفي اليوم التالي اكتشف النفط في الظهران وتم نقل البلد بطريقة لا رجعة فيها». وجاء اكتشاف النفط في وقت انشغل فيه العالم بأمور أخرى ولهذا استغرقت معرفة حجم الاحتياطي النفطي السعودي وقتًا، ولكن بنهاية الحرب العالمية الثانية بدا واضحاً أن تحت رمال الصحراء كميات كبيرة جداً من النفط ويمكن التنقيب عنها وضخه.
 
مصدر وحيد للصادرات
 
ويقول إن النفط السعودي الرخيص ظل مكوناً مهماً من الاقتصاد العالمي في فترة الإزدهار التي تبعت مرحلة ما بعد الحرب. وأسهمت واردات النفط ببناء الطرق والجسور والشقق على الطراز والمعايير الغربية. إلا أن الجانب السلبي في كل هذا هو أن الاقتصاد السعودي ظل معتمدًا على النفط حيث تصل نسبته في عائدات الميزانية 87% أي أكثر من 40% من إجمال الناتج المحلي و 90% من صادراتها. وحتى يظل الاقتصاد السعودي منتعشاً وفي عافية فيجب أن تظل آبار النفط تضخ الذهب الأسود ويجب أن يظل سعره مرتفعاً. فحينما كان سعر برميل النفط الخام فوق 100 دولار كان بإمكان الحكام السعوديين الحفاظ على مستوى ضرائب منخفض وزيادة الإنفاق على مشاريع الرفاه والاستثمار في البنى التحتية. وكانوا قادرين على تخصيص ميزانيات كبيرة للدفاع والتنافس مع إيران. وفي هذا السياق تمت الموافقة على بناء برج جدة الذي صمم لأن يكون أطول بناية في العالم عندما كان سعر برميل النفط 120 دولاراً. ثم حدث تطوران، الأول هو انخفاض سعر البرميل لأقل من 100 دولار عام 2014 ولم تتعاف أسعاره منذ ذلك الوقت. وبحلول عام 2016 كان سعر البرميل أقل من 30 دولاراً وهو ما أدى إلى ركود اقتصادي وزيادة كبيرة في العجز في الميزانية.
أما الأمرالثاني فهو التحرك العالمي لتخفيض الانبعاثات الغازية من الدفيئات (البيوت الخضراء). وتم الاتفاق عام 2015 في العاصمة الفرنسية، باريس على اتفاقية المناخ حيث الزمت المجتمع الدولي للحد من ارتفاع درجة الحرارة وجعلها أقل من درجتين مئويتين لكل مستوى صناعي. وبالنسبة للسعوديين فتداعيات اتفاقية باريس كانت واضحة وهي أن الدفعة العالمية لتخفيف الانبعاثات الكربونية/الغازية في الاقتصاد العالمي عنت بقاء معظم نفطهم تحت الأرض. وبدت التحذيرات التي أطلقها وزير النفط السعودي السابق أحمد زكي اليماني مع بداية الألفية الجديدة ملحة حيث قال: «بعد ثلاثين عاماً من الآن فستكون هناك كميات كبيرة من النفط تحت الأرض ولا مشتر له» وأضاف: «وسيتم الحفاظ على النفط تحت الأرض، فقد انتهى العصر الحجري ليس بسبب النقص في الحجارة وسينتهي عهد النفط ليس بسبب نقصه».
 
عقبات كبيرة
 
ورد حكام السعودية على هذين التحديين وأقنعوا الدول الأخرى المنتجة للنفط للحد من الإنتاج الذي سيقلل عمليات تزويده بشكل رفع سعر النفط الخام إلى 70 دولاراً للبرميل. وعلى المدى البعيد تخطط السعودية لتنويع النفط من خلال رؤية 2030 التي أعلنت عام 2016، بعد فترة قصيرة من هبوط سعر النفط لدرجات متدنية. وتقوم الفكرة التي يقف وراءها الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد على تحويل السعودية لمملكة استثمار عملاقة وتحويلها إلى مركز يربط القارات الثلاث: أوروبا وآسيا وأفريقيا وقلباً للعالمين العربي والإسلامي. وكان بيع حصص من شركة النفط «أرامكو» جوهر تحقيق الخطة حيث كانت تقوم على تحويل عائدات البيع إلى هيئة الاستثمار العامة، الصندوق السيادي والذي سيقوم باستثمار المال في شركات التكنولوجيا مثل شركة السيارات الكهربائية تيسلا وأوبر. وقد تبنى صندوق النقد الدولي «رؤية 2030» لكن الخطة أمامها عقبات كبيرة خاصة أن اقتصاد السعودية لا يزال يعتمد على 6 ملايين من العمالة الوافدة في وقت لا تزال فيه مشاركة المرأة ضعيفة في سوق العمل.
وتتعرض الرياض لضغوط بسبب ملاحقتها للمعارضين وقتل المدنيين في اليمن وتخوض حروباً بالوكالة مع إيران. وبالنسبة لبيع حصص أرامكو تقول الحكومة إنها لا تزال ملتزمة بالبيع في مرحلة ما ولعل الأمر مرتبط في معظمه بعدم استعداد السعودية للكشف عن الشركة ودور الدولة فيها، أي الشفافية وكذا الكشف عن حجم الاحتياطي النفطي السعودي. ولا تزال السعودية مجتمعاً محافظاً وكما هو الحال بناقلات النفط العملاقة فتغيير المسار يحتاج لوقت».