الغد
من العوامل التي تعزز الاستقرار الاجتماعي في أي مجتمع هو تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص، من هنا تأتي أهمية المسؤولية الاجتماعية لأي مؤسسة إنتاجية أكانت مصرفية أو خدمية ومساهمتها في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمجتمع والمساهمة كذلك في تقديم بعض الحلول التي تؤدي إلى زيادة الوعي الاجتماعي لأفراد المجتمع، فعلى الرغم من حداثة هذا الموضوع إلا أنها تعمل على تحسين الصورة الذهنية والسمعة الإيجابية للمؤسسة لدى المجتمع العاملة به، إضافة إلى تعزيز المناخ الإيجابي وروح التكافل سواء بين العاملين أو مع أفراد المجتمع عموما كذلك مساهمتها في تلبية احتياجات المجتمع، إلى جانب ما يترتب على الدولة من القيام به، وبناء على هذا المفهوم فقد أوردت دائرة مراقبة الشركات في الأردن في أدبياتها مفهوما للمسؤولية الاجتماعية يراعي دورها وأهميتها في المجتمع ولا يستثني فيها هوية المؤسسة وطبيعة عملها فعلى سبيل المثال، فإنها لم تفرق في النظام المصرفي بين المصارف الإسلامي وغيرها، بل هي المبادئ التي تنطبق على الجميع وقد حددت مفهوما بما يأتي:
- إن المسؤولية الاجتماعية للشركات وبرغم حداثتها كموضوع اقتصادي واجتماعي وقانوني، ليست بعيدة عن قيمنا وعاداتنا وإرثنا الإسلامي الغني الذي يحض على التكافل والتراحم وأخلاقيات راعي المنشأة ومستخدميه، وهي صفة لشركاتنا الوطنية التي نعتز بها ونرعاها. فلقد كانت أصيلة على الدوام. - من هذا المفهوم يمكن لنا أن نقدر أهمية المسؤولية الاجتماعية لقطاع المصارف العاملة في الاقتصاد الأردني، وهو بقدر انعكاسها ومساهمتها في النمو لاقتصادي الوطني والاجتماعي والهادف إلى تخفيف عبء البطالة والفقر، كذلك الدور الذي تؤديه في نشر الوعي المعرفي ودعم للمبادرات العلمية والبحث العلمي الذي نحن بأمس الحاجة اليه.
من المنطقي جدا أن نرى البنوك العاملة كافة، في قطاعنا المصرفي الأردني تبادر جميعها إلى إبراز منجزاتها في هذا المجال بما هو مقدر ومخطط له في موازنة العام المالي، ولكننا ننظر إلى الدور والمسؤلية التي تضلع بها مصارفنا الإسلامية مع اتساع رقعة انتشارها على امتداد ساحة الوطن وازدياد حصتها من السوق المصرفي الأردني، فمن الطبيعي أن تضع من ضمن أولوياتها تحمل المسؤولية الاجتماعية تجاه مجتمعها طالما أن المبادئ والأهداف التي تلتزم بتحقيقها التي وضعت مبررا لنشأتها، توجب عليها وضع المسؤولية الاجتماعية بخط مواز للمسؤولية الاقتصادية تجاه المجتمع، أي إن كلا منهما يؤدي رسالة وطنية ملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية، فالأهمية الاجتماعية تتمثل في كون المصرف الإسلامي ليس مؤسسة هدفها تحقيق الربح فقط، بل تسعى إلى تقديم خدمات اجتماعية من شأنها أن تعزز المناخ الاجتماعي السليم وتعمق القيم الأخلاقية، مثل الصدق والأمانة في المعاملات وفق الضوابط الأخلاقية والشرعية التي توظف القوة الكامنة في الإنسان نحو العملية الإنتاجية وبالنتيجة تساهم في زيادة دخل الفرد وزيادة الدخل القومي ومن ثم تقليل معدل البطالة، تلك المعضلة والمتسببة في العديد من المشاكل الاجتماعية التي أصبح من الصعب السيطرة عليها من الدولة منفردة دون مشاركة المؤسسات الإنتاجية في المجتمع كافة، إضافة إلى دعم المشاريع التي تحافظ على البيئة وتكون منسجمة مع أحكام الشريعة الإسلامية والالتزام كذلك بالمعايير الاخلاقية التي تحافظ وتحترم البنيان الاجتماعي للمجتمع وما إلى ذلك.
أما الأهمية الاقتصادية فتعني العائد الاقتصادي الذي يمكن أن يتحقق ضمن الضوابط الشرعية في تنمية رأس المال، فمن المعلوم أن العائد هنا غير مضمون ومبني على عنصر المخاطرة، وكونها مؤسسات مالية “المقصود الإسلامية”، فأنها تؤدي دورا مهما في التنمية الاقتصادية من خلال قدرتها على توفير التمويل اللازم المتأتي من جمع المدخرات الوطنية وإعادة توظيفها في مشاريع تساهم في تحقيق تنمية اقتصادية، تساهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي المنشود.
إن هذا الالتزام بمضمون المسؤولية الاجتماعية ذات المضون الأخلاقي يعطي بعدا للمسؤولية الاجتماعية متوافقا مع المسؤولية الوطنية التي تتطلع إلى تحقيق التنمية المستدامة والتخفيف من عبء الفقر والبطالة في مجتمعنا، ونتطلع إلى أن تسجل إضافة نوعية للصناعة المصرفية الإسلامية.