أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    09-Sep-2018

الإضطهاد الوظيفي ودولة القانون*د. عبدالله محمد القضاة

 الراي-ذات يوم حدثني صديق يعمل موظفا في احدى المؤسسات عن نيته ارتكاب جريمة بحق رئيسه المباشر وبعض اعوانه من المدراء، اعتقدت للوهلة الأولى أنه»يشبح»أمامي ويستعرض»مراجله»، لكنني اقتربت منه كثيرا بإصغاء مركز؛ وكونه يحبني كثيرا؛ فقد أسر لي بنيته الأكيدة بقتل رئيسه رميا بالرصاص وعلى رؤوس الأشهاد !!.

 
كان لزاما علي نصرته؛ وذلك بثنيه عن هذا الفعل؛ ولكن بالمقابل؛ كان علي أيضا تحليل الدوافع الرئيسة وراء تصميمه على هذا الأمر، وخاصة أنه من أكفا وأذكى موظفي مؤسسته، لابل؛ موظفي الدولة.
 
وبتحليل الأسباب؛ يقول صديقي: «الا يقتل القاتل؟» ، قلت: بلى، فقال: إذن سأقتل من قتلني معنويا، فقلت وكيف يكون ذلك؟!، فقال: عندما يتم تجاهلي وتجميدي وعزلي معنويا واضطهادي مع سبق الاصرار والترصد بهدف النيل من شخصي والتقليل من شأني، وهز ثقتي بنفسي وثقة الآخرين بي، وتقديم «الرويبضة» علي، الا يكفي هذا الارهاب المنظم لثورة اقودها للثأر لنفسي؟!، فقلت أجل، ولكن لنفكر بأسلوب آخر، فلعل من قائد حكيم يعلو رئيسك فيثأر نيابة عنك، فاقتنع برأيي وتم ما أردناه !.
 
في عام 2010، انتحر”كيفين موريسي“، محرر مجلة”فيرجينيا“الأدبية وذهب ضحية تعذيب نفسي دام ثلاث سنوات على يد مديره”تيد جينوايز“. كانت إدارة الجامعة على علم بشكوى”موريسي“، لكنهم فشلوا في وقف مضايقات ”جينوايز“.بعد انتحار”موريسي“، وصفت أخته ما حدث”بالبلطجة“، الأمر الذي أحدث ضجة كبيرة في الأوساط الأكاديمية.
 
الاضطهاد الوظيفي، والذي أصبح ينتشر في مؤسساتنا، وللأسف كثيراً ما يقع ضحيته، موظفون أكفاء ومخلصون إذ إن معارضتهم لبعض القرارات، أو رفضهم لبعض الأوضاع غير السليمة، واجتهادهم وحرصهم على أداء مهامهم بكل أمانة، وعدم اتقانهم لفن التدليس والمجاملة، كل هذه الأسباب وغيرها كثيرة تؤدي بهؤلاء الإرهابيين، إلى وضعهم في قائمة المغضوب عليهم، وترويعهم بممارسة صنوف التعذيب النفسي عليهم، مستخدمين طرقاً ووسائل مادية ومعنوية مختلفة،هذا الإرهاب سيؤدي حتما لعواقب وخيمة.
 
وحتى لا تتفاقم الأمور؛ فإنني اقترح على الحكومة وعلى وجه السرعة، إتخاذ إجراءات وقائية لحماية الكفاءات الوظيفية في مؤسسات القطاع العام من الاضطهاد الوظيفي المنظم الذي يمارس عليهم، وتحت شعار سيادة القانون وحقوق الانسان التي يختبئ خلفها بعض كبارالمسؤولين.
 
مطلوب تفعيل الشفافية في القرارات الحكومية وترسيخ مبادئ التظلم؛ وقد يتطلب الأمر تشكيل لجنة وطنية عليا للمظالم يشترك بعضويتها وزير العدل وعدد من كبار القضاة وممثلين لمجلس النواب والأعيان ومؤسسات المجتمع المدني؛ يلجأ اليها كل من تقع عليه مظلمة؛ وتدرس هذه اللجنة واقع الحال وتنسب لرئيس الحكومة إتخاذ القرار الصائب، إضافة الى السماح بنشر أي تجاوزات او ممارسات تشكل تميزا وانتهاكا لحقوق الإنسان، وبذلك نكون قد سجلنا خطوة للأمام باتجاه دولة القانون والمؤسسات التي ينادي بها سيد البلاد.