أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    22-Oct-2017

من سیقود بنك الاحتیاط الفیدرالي الأمیركي في عام 2018؟! *د. عدلي قندح

 الراي-انتهى الرئيس الاميركي دونالد ترمب من مقابلة خمسة من كبار الاقتصاديين

الاميركيين المتميزين بهدف اختيار احدهم ليكون مرشحه لرئاسة بنك الاحتياط
الفيدرالي الأمريكي في شهر شباط 2018 .ومن المقرر أن يعلن الرئيس الاميركي عن أسم
ذلك المرشح خلال الايام القليلة المقبلة.
وبعد أن كانت السيدة جانيت يلين لوقت قريب مستبعدة أن تكون مرشحة للاستمرار
في منصبها كرئيس لبنك الاحتياط الفيدرالي الاميركي، قرر الرئيس ترمب اعطاءها
فرصةً، فقابلها قبل عدة أيام، ولكنه بنفس الوقت قابل أربعة اقتصاديين لامعين آخرين
هم: جاري كوهن رئيس المجلس الاقتصادي القومي الاميركي؛ وجيروم باول المحافظ في
بنك الاحتياط الفيدرالي والذي عمل سابقاً في وزارة الخزانة (المالية) الاميركية؛ وجون
تايلور الاقتصادي الشهير في جامعة ستانفورد وموظف وزارة الخزانة سابقاً، والمعروف
بقاعدته الشهيرة Rule s›Taylor التي يمكن بموجبها تقدير درجة استجابة معدل سعر الفائدة الفيدرالي الاسمي للتغيرات في معدل
التضخم ومعدل نمو الناتج المحلي الاجمالي. كما قابل كيفن وارس الاقتصادي والمحافظ السابق في بنك الاحتياط الفيدرالي. فعلى من
سيقع خيار الرئيس ترمب من هؤلاء الاقتصاديين الكبار لترؤس بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي؟!
لا شك بأن مقابلة السيدة جانيت يلين منحتها ثقة الرئيس من حيث كيفية ادارتها لسياسة بنك الاحتياط الفيدرالي والاقتصاد الاميركي
بشكل عام، بما في ذلك سياستها الحذرة في الانفكاك من سياسات التحفيز التي تبناها مجلس الاحتياط الفيدرالي عقب الازمة المالية
العالمية. كما أن هذه اللفتة تتبع التقليد السابق للرؤساء الاميركيين السابقين، حيث جرت العادة تجديد مدة الرئاسة لرئيس بنك
الاحتياط الفيدرالي الذي تم تعيينه من قبل رئيس سابق ينتمي لحزب آخر. وللتذكير، فقد أصبحت السيدة يلين رئيسة لبنك الاحتياط
الفيدرالي في بداية عام 2014 ،عندما كانت أسعار الفائدة قصيرة الأجل قريبة من الصفر، وقامت برفع اسعار الفائدة أربع مرات منذ شهر
تشرين الثاني 2015 ويتوقع لها أن ترفعها مرة خامسة في شهر كانون الأول المقبل. كما ومن المقرر لها أن تبدأ بعملية تقليص ميزانية
بنك الاحتياط الفيدرالي في الشهر الجاري بعد أن تضاعفت أكثر من أربع مرات لتصل الى 5.4 تريلون دولار نتيجة لشراء مختلف أنواع
السندات بقيمة 7.3 ترليون دولار خلال الفترة 2008-2014 .ومن المعلوم أن الاقتصاد الاميركي قد تمكن من استعادة عافيته خلال السنوات
القليلة الماضية فاصبح ينمو بمعدلات جيدة نسبيا ستصل الى 7.2 بالمئة هذا العام وانخفضت معدلات البطالة الى 2.4 بالمئة في نهاية
أيلول 2017من حوالي 10 بالمئة عام 2009 وهو أدنى مستوى لها منذ عام 2001.
ان عملية اختيار رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي تعتمد بالطبع على عدة عوامل منها؛ مدى توافق تفكير الرئيس الاميركي ترمب مع
السياسات التي يؤمن بها الشخص المرشح، ومدى قرب المرشح سياسيا من الرئيس ترمب، ومدى رغبة الرئيس ترمب في الابقاء على
مسار السياسة النقدية الحالية لبنك الاحتياط الفيدرالي، وهي سياسة تتسم بالتوجه نحو تشديد السياسة النقدية من خلال الاستمرار
في رفع أسعار الفائدة وتقليص حجم ميزانية بنك الاحتياط الفيدرالي. وهذه السياسة لا تتوافق بالطبع مع توجه السياسة المالية لوزارة
الخزانة الاميركية التي تتجه نحو اجراء تخفيضات واسعة على معدلات الضريبة. ونظرا لمزاجية الرئيس ترمب، فإنه يصعب التنبؤ وتحديد
من هو الشخص الاكثر حظاً في الترشيح من قبل الرئيس، وقد يخرج علينا الرئيس ترمب بمفاجأة ويقوم بترشيح شخص لم يكن اسمه
مطروحا سابقاً.
ومن المعلوم أن الرئيس ترمب كان قد انتقد السيدة جانيت يلين أثناء حملته الانتخابية عام 2016 واتهمها بانها شخصية سياسية، كما
اتهم سياسات بنك الاحتياط الفيدرالي أثناء ولاية الرئيس أوباما بتضخيم اسواق الاسهم بصورة مصطنعة، لكنه غير رأيه بها في شهر
نيسان 2017 في مقابلة له مع جريدة وول ستريت قائلا إنه يحبها ويحب سياسة أسعار الفائدة المنخفضة. وهذا قد يعني أنها قد تحظى
بترشيح الرئيس ترمب لها والتجديد لها لفترة جديدة تمتد لأربع سنوات مقبلة. السؤال الذي يُطرح هو «هل ستتغير سياسة بنك
الاحتياط الفيدرالي اذا جاء شخص آخر غير جانيت يلين لرئاسة بنك الاحتياط الفيدرالي؟»
المتابع لسياسات بنك الاحتياط الفيدرالي عبر القرن الماضي يجد انها كانت مستقلة عن توجهات الرئيس الاميركي وتنبع من ظروف
الاقتصاد الأمريكي بالدرجة الأولى والاوضاع الاقتصادية العالمية بالدرجة الثانية. لذلك فبغض النظر عن من سيترأس بنك الاحتياط
الفيدرالي في العام المقبل، فإنه يتوقع لسياسة بنك الاحتياط الفيدرالي الاستمرار على نفس النهج المتبع حاليا وهو التوجه نحو
تشديد السياسة النقدية من خلال الاستمرار في رفع أسعار الفائدة والبدء بتقليص حجم ميزانية بنك الاحتياط الفيدرالي المتضخمة جداً.
ونظرا لأن الاقتصاد الاميركي يمر بحالة قريبة جداً من التشغيل التام (حيث معدلات البطالة قريبة من معدلات البطالة الطبيعية) ونظرا
لتحقيقه لمعدلات نمو تراوح حول 3 بالمئة منذ سنوات، وانتعاش اسواق الاسهم مقارنة بغيرها من الاسواق المالية العالمية، فإن كل
هذه الظروف لا تستدعي تغييراً في نهج السياسة النقدية لبنك الاحتياط الفيدرالي في المرحلة الراهنة والقريبة المقبلة.
ومع ذلك دعونا نكشف باختصار شديد عن بعض توجهات شخصيات المرشحين الأربعة الاخرين فيما يتعلق بالسياسة النقدية، ونقدر
توجهاتهم ومدى انعكاسها على سياسة بنك الاحتياط الفيدرالي في حالة ترأس أحدهم لمنصب رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي.
ففيما يتعلق بالسيد جاري كوهن،فاذا ما ترأس بنك الاحتياط الفيدرالي سيكون أول شخص منذ بول فولكر (رئيس بنك الاحتياط
الفيدرالي خلال الفترة 1979-1987 (لا يحمل درجة الدكتوراه على سدة رئاسة البنك. وقد كان كوهن في مقدمة المرشحين لتسلم دفة
قيادة بنك الاحتياط الفيدرالي في شهر تموز الماضي، لكنه قد يكون فقد تلك الفرصة عقب رده على العنف في مظاهرة بيضاء في
شارلوتسفيل في شهر آب الماضي. أما السيد جيروم بأول ، فأنه يؤمن الى حد كبير بما تقوم به السيدة جانيت يلين وخاصة في الرفع
البطيء لأسعار الفائدة والتخفيض التدريجي لحجم ميزانية بنك الاحتياط الفيدرالي عن طريق التخلص من السندات في جانب
الموجودات. فخلال مدة خدمته لمدة خمسة سنوات كمحافظ في بنك الاحتياط الفيدرالي كان حليفاً للسيدة يلين. فلم يعارض أبداً خط
التصويت للسياسة النقدية ولم ينحرف عن توافقات مجلس الاحتياط الفيدرالي. لكنه دعى الى تخفيف بعض القواعد المصرفية في
قانون دوود-فرانك عام 2010 وهو موقف ينسجم مع جدول أعمال الرئيس ترمب. كما دعى الى التخفيف من بعض اختبارات التحمل
المصرفية وأيد مراجعة بعض المهام الاشرافية لمجالس ادارات البنوك. أما السيد جون تايلور، فقد كان مستشاراً لمدة طويلة للرؤساء
الجمهوريين والمرشحين للرئاسة، معارضاً صريحاً لسياسات التسهيل الكمي لبنك الاحتياط الفيدرالي التي أُعتمدت لتحفيز الاقتصاد
خلال الازمة المالية وبعدها. وكما ذكرنا سابقا، فقد اشتهر بقاعدة تايلور التي وضعها عام 1993 ، حيث وفرت صيغة رياضية لتحديد
أسعار الفائدة، وقد استخدمها المصرفيون المركزيون كمعيار لقياس سياساتهم الخاصة، ولكنهم كانوا مترددين في الالتزام بها.
ويذكر أن تطبيق هذه القاعدة كان من شأنه رفع اسعار الفائدة بشكل أكبر مما كان يقوم به بنك الاحتياط الفيدرالي عملياً. وقد طالب
السيد تايلور بزيادة اسعار الفائدة في السنوات القليلة الماضية بصورة أسرع. وانتقد برنامج بنك الاحتياط الفيدرالي لشراء السندات
واسع النطاق لأنه يقلل من الحافز لدى البنوك لتقديم تسهيلات ائتمانية ويعمل بالتالي على كبح النمو الاقتصادي. الا أن الواقع كان
عكس ذلك. أما السيد وارس، فقد كان مديرا في مورجن ستانلي وخدم في مجلس الاحتياط الفيدرالي خلال الازمة المالية العالمية، وكان
معارضاً لسياسة تشديد السياسة النقدية وأعرب عن شكوكه في سياسة سعر الفائدة وانتقد برنامج التسهيل الكمي الذي اتبعه بنك
الاحتياط الفيدرالي خلال الفترة 2008-2014.
برأيي الشخصي، وفقا لمعظم المعطيات المذكورة أعلاه، تعتبر فرصة السيدة جانيت يلين كبيرة في الاستمرار بترؤس بنك الاحتياط
الفيدرالي لمدة أربع سنوات مقبلة حتى شهر شباط 2022 .غير أن كلا من السيد جيروم باول والسيد جون تايلور يحظيان بنفس الفرصة
اذا رغب الرئيس ترمب اجراء تغيير جندري، هو بغنى عنه، على رئاسة مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي. كثير من الاشارات تشير الى
رغبته بإجراء تغيير. واذا كان كذلك فأنا أميل الى ترشيح السيد جون تايلور صاحب قاعدة تايلور لأنه اقتصادي متفهم للخلفية النظرية
والعملية للسياسة النقدية، وبغض النظر عن معارضته لتوجهات وسياسات بنك الاحتياط الفيدرالي السابقة والحالية، ولطالما
استخدمنا قاعدته ونحن طلاب وباحثين للتنبؤ بتوجهات السياسة النقدية المحلية والدولية. الأيام القليلة القادمة ستكشف ما هو
مخبأ.