ثلاث قضايا محورية تشكل جوهر الاستدامة والتنمية في الأردن: ندرة المياه، والبطالة، والحفاظ على الإرث الوطني. جاءت هذه الدعوات الثلاثة من سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله خلال فعاليات منتدى تواصل 2025، والذي جاء بتنظيم من مؤسسة ولي العهد بعنوان “حوار حول المستقبل”.

 

 

هذه القضايا ليست جديدة، لكنها اليوم أكثر إلحاحا في ظل التحديات الاقتصادية والمناخية والديموغرافية المتصاعدة.

 

أولاً، ملف المياه، الذي يُعد التحدي الأبرز أمام مستقبل البلاد. فالأردن من أفقر دول العالم مائياً، وتزداد الأزمة تفاقما بسبب التغير المناخي والنمو السكاني غير المتوازن. 

دعوة ولي العهد لإيجاد حلول عملية ومستدامة تعبّر عن وعي إستراتيجي، وتستلزم تكاتف الجهود بين القطاعين العام والخاص، وتبني تقنيات حديثة في تحلية المياه وإعادة الاستخدام، إلى جانب ترسيخ ثقافة الترشيد.

ثانيا، البطالة، التي باتت تؤرق الشباب الأردني، وتمثل تهديدا مباشرا للنمو والاستقرار. دعوة ولي العهد للتركيز على التشغيل وليس التوظيف، تفتح الباب لتبني سياسات جديدة تعزز مناخ ريادة الأعمال، وتحفز الاستثمار في القطاعات المنتجة مثل الزراعة، والصناعة والتكنولوجيا، والسياحة. المطلوب اليوم إصلاح جذري في التعليم والتدريب المهني، يربط مخرجاته بسوق العمل.

أما ثالث القضايا، فهي الحفاظ على الإرث الوطني، المادي واللامادي. فالأردن يزخر بإرث حضاري وثقافي متنوع، يشكّل ركيزة للهوية الوطنية ومورداً اقتصادياً عبر السياحة الثقافية. 

دعوة سموه تعيد الاعتبار لأهمية صون هذا الإرث من التعديات والإهمال، وتحويله إلى مصدر إلهام وفرص عمل من خلال التوثيق، والترميم، والترويج الذكي.

دعوات ولي العهد لم تأتِ من فراغ، بل تنبع من رؤية تؤمن بأن التحديات الكبرى تتطلب حلولاً جذرية وإرادة سياسية وشعبية صلبة. المطلوب اليوم أن تتحول هذه الدعوات إلى خطط تنفيذية قابلة للقياس، تتشارك فيها الدولة والمجتمع، فالمستقبل لا يُصنع بالأماني، بل بالعمل الجاد والمسؤول والتخطيط السليم من أصحاب الخبرة والاختصاص.