أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Feb-2021

الصين: انتشال 800 مليون مواطن من الفقر منذ إطلاق الإصلاحات الاقتصادية أواخر السبعينيات

 أ ف ب: تقول الصين أنها انتشلت 800 مليون شخص من الفقر منذ إطلاق إصلاحاتها الاقتصادية في أواخر السبعينيات. وهكذا تراجع معدل الفقر المُطّلق من 88.3% من السكان في 1981 إلى 0.3% فقط في 2018.

وتقول السلطات الصينية أنه منذ وصول الرئيس شي جينبينغ إلى السلطة عام 2012 تم انتشال مئة مليون شخص من سكان الأرياف من حالة الفقر المُدّقع.
ويحدد خط الفقر المطلق بأنه دخل يقل عن 2.3 دولار يومياً للفرد، أي أعلى بقليل من الحد الأدنى المحدد من قبل البنك الدولي (1.9 دولار) للبلدان منخفضة الدخل، لكنه دون الحد الذي يوصي به البنك الدولي للبلدان متوسطة الدخل مثل الصين والبالغ 5.5 دولار. وإذا تم اتباع هذا المعيار، فإن ما يقرب من ربع سكان الصين يعيشون في الفقر حسب رايزر، مدير البنك الدولي في الصين.
لكن هذا التحديد لا يستند فقط إلى الدخل. ففي جميع أنحاء البلاد، قام مسؤولون حكوميون بزيارة المنازل لتقييم الوضع الاجتماعي للسكان حسب معايير مختلفة: الوضع الصحي، وضع المسكن، التغطية الصحية، وتعليم الأطفال وغيرها. وتم شطب عائلات تملك سيارة أو جراراً من لائحة الأسر الفقيرة.
وعملياً بات كل الأطفال الآن يكملون تعليمهم الإلزامي (15 عاماً) دون ان يضطروا إلى العمل لمساعدة أهلهم.
كما تراجع معدل وفيات الرضع في العشرين عاماً الماضية حسب بيانات منظمة الأمم المتحة لرعاية الأطفال «يونيسيف» في حين أن معدل اقتناء سيارة ارتفع بشكل كبير ليصل إلى 20% من السكان.
وقال مارتن رايزر مدير البنك الدولي في الصين «بالنسبة للغالبية العظمى من الصينيين، تحسن مستوى الحياة بشكل كبير في غضون جيل كامل».
ولكن نتقدين يقولون أن الإحصاءات الصينية غالباً ما تكون موضع تساؤل وأنها تكشف جانباً واحدا فقط من الواقع.
تقول تيري سيكولار، الخبيرة الاقتصادية المتخصصة بشؤون الصين في جامعة ويسترن أونتاريو في كندا، أن الأموال المخصصة لمكافحة الفقر «على الرغم من كونها كبيرة من حيث القيمة المطلقة، فإنها لا تشكل سوى جزء صغير من عائدات الدولة».
ويعترف القادة الصينيون إن النمو الاقتصادي الهائل الذي أدى إلى تغيير البلاد منذ 40 عاما لا يكفي لإخراج الجميع من الفقر.
فإذا كانت المناطق الساحلية المنفتحة على التجارة الدولية قد دخلت سريعاً طور الحداثة، فان الأرياف في الداخل فاتها في معظم الأحيان قطار النمو.
كما أنه اذا كان النمو الاقتصادي الهائل في الصين ساهم إلى حد كبير في خفض الفقر في العقود الماضية، فان تباطؤه في المقابل سيرغم السلطات على التفكير في حلول لدعم مستوى معيشة الاشخاص المتأثرين بذلك.
ففي العديد من المناطق، تجد المجتمعات المحلية التي قدمت مساهمة كبيرة في مكافحة الفقر نفسها في مواجهة موارد مالية محدودة وديون فادحة، بعد أن استثمرت في بعض الأحيان في مشاريع بنية تحتية ضخمة.
وقال رايزر «في المستقبل ، قد يعني الحد من الضعف الاقتصادي (للأكثر فقراً) زيادة التركيز على التدريب ومساعدة الناس على الانتقال إلى وظائف أكثر إنتاجية في المدن».
كيف تم ذلك؟
يعرض ليو تشينغيو (66 عاماً) المزارع من قرية ينفينغ في إقليم هونان (وسط) التي أصبحت ترتبط الآن ببقية أنحاء الصين من خلال «طريق الحد من الفقر» بالتفصيل كيف انتشلت الدولة المزارع وعائلته من الفقر.
ففي هذه القرية التي تبعد عن أي مدينة ساعتين في رحلة بالسيارة
تبدو منازل الفلاحين الصغيرة في تناقض صارخ مع ناطحات السحاب الشاهقة في شنغهاي أو بكين.
ويقول ليو تشينغيو أن المساعدة التي قدمتها السلطات مثل دعم المزارعين لشراء الحبوب ومساعدته لاستبدال أشجار البرتقال التي كان يزرعها لكنها لم تكن تدرّ كثيراً من المال، أسهمت في انتشاله وعائلته من براثن الفقر المدقع
 
التفاوت الاقتصادي
 
وقد دخلت عائلة هذا المزارع رسميا في فئة «الفقر» عام 2014 ، عندما تم وضع سياسة المساعدة المحددة الهدف وحين توجه موظفون رسميون إلى كل منزل لتقييم أوضاع الأسر.
في الوقت نفسه، تم تنفيذ أعمال كبرى في الأرياف من شمال البلاد إلى جنوبها. وبالتالي تم شق طريق يمر عبر تلال هونان الخضراء ويتيح لليو تشينغيو نقل برتقاله إلى أسواق المنطقة في فترة تقل بمعدل نصف الوقت مقارنة مع السابق.
وفي عام 2018، باتت عائلة ليو رسميا تعيش فوق مستوى الفقر المحدد عند 2.3 دولارا في اليوم، في بلد بلغ فيه متوسط الدخل اليومي6.8 دولار في 2019 في الأرياف.
لكن عائلة ليو المؤلفة من خمسة أفراد لا تزال بعيدة عن الأمان الاقتصادي، كما يتبين من عشرات الصناديق المليئة بالبرتقال غير المباع المتكدسة أمام منزله.
وأصرت السلطات المحلية على استبدال الأشجار القديمة في بستانه وتحويل جزء من المنطقة إلى نباتات الشاي، وهو إنتاج أكثر ربحية. لكن هذه المزروعات لا تزال بعيدة عن تحقيق ربحية كاملة ورقم الأعمال لاستغلالها تراجع.
وقال المزارع «قبل قطع الأشجار كنا نكسب ما بين 20 ألف و30 ألف يوان (2600 إلى 3800 يورو) سنويا» لكن عائداته باتت الآن بضعة آلاف من اليوان فقط.
ومع اقتراب الموعد النهائي لاحتفال الحزب الشيوعي الصيني بالذكرى المئوية لتأسيسه في 2021العام الحالي، كثف النظام مبادراته لتحديد الأسر المحتاجة وتوزيع الإعانات وإنجاز المشاريع الرئيسية.
وعلى المحك، شرعية دولة تأسست على أساس المساواة الاشتراكية ولكنها تحمل الرقم القياسي العالمي لعدد المليارديرات وثرواتهم المقدرة بالدولار.
لم يكن التفاوت الاجتماعي يثير جدلاً في العقود الأولى من وجود الصين الشيوعية حين كان جميع السكان يعيشون في شكل من أشكال الفاقة ضمن نظام جماعي.
لكن الإصلاحات الاقتصادية شهدت ظهور ثروات كبرى. واعتبر الزعيم آنذاك دنغ شياو بينغ في 1984 أنه «من الطبيعي» أن يصبح البعض أكثر ثراء من الآخرين.
ولتصحيح الوضع سعت السلطات إلى تطوير التحضر بالقوة في المناطق الريفية، ونقل إقامة قرويين إلى أبراج سكنية حيث لديهم كهرباء ومياه جارية لكنهم فقدوا اتجاهاتهم وأحيانا مصدر رزقهم.
وفي هونان مسقط رأس مؤسس النظام ماو تسي تونغ، أدى نقص الأموال إلى إبطاء تشييد الطريق البالغ طوله 63 كلم المؤدي إلى قرية عائلة ليو. لم تكتمل أعمال إنشاء الطريق إلا بعد عرض تقرير على التلفزيون الوطني تسبب بضغط على السلطات المحلية.
تقول شيانغ شيولي، وهي مزارعة تبلغ من العمر 53 عاماً، أن حجم مبيعاتها تضاعف منذ أن أصبح النقل أسهل وأنه أصبح بإمكانها بيع البرتقال بسهولة أكبر في المدينة. وتضيف «بات بإمكان أولادنا أن يرتادوا مدارس أفضل الآن».
ولمساعدة أهاليهم، كان يتم حرمان عدد من الأطفال وخصوصا البنات تقليديا من التعليم في الصين للعمل في الأرض، لكن كل هذا أصبح من الماضي.
كما أن كثيرين من الشباب الصغار تركوا في القرية لرعاية أجدادهم بعدما غادر أهاليهم للعمل في المدينة في هذا البلد الذي يوجد فيه حوالي 290 مليون عامل مهاجر داخلياً.
وفي إقليم هونان، تؤكد الأرقام الرسمية أن دخل الفرد في الأسر الفقيرة تضاعف خمس مرات في خمس سنوات ليصل إلى 12200 يوان (1500 يورو).
فعلى سبيل المثال يستعد مي جياشي وهو مزارع برتقال يبلغ من العمر 71 عاما تعتني زوجته بأحفاده في قرية أخرى للانتقال إلى منزل جديد أكبر اشتراه بنفسه بمساعدة أولاده.
ويقول «تمكنت من كسب 30 ألف إلى 40 ألف يوان» (3800 إلى 5100 يورو) في السنة مضيفاً «الأمور على ما يرام الآن».
 
عودة إلى الوراء؟
 
لكن يبقى السؤال هو معرفة ما اذا كان استئصال الفقر مُستداماً. فمع الارتفاع العام في مستويات المعيشة، يرتفع خط الفقر أيضاً. وقد يجد سكان مدن حسابياً أنفسهم تحته، كما يحذر مارتن رايزر مدير البنك الدولي في الصين.
وفيما أثر وباء كوفيد-19 بشدة على دخل الفئات الأكثر فقراً، تقر بكين بان هناك مخاطر في العودة إلى الوراء، لكن دون الحديث عن تهديد ببطالة او أمراض.
وقال مسؤول جهاز مكافحة الفقر او تشنغبينغ أن المستفيدين من الإعانات لم يتبق لديهم إمكانات لزيادة دخلهم أكثر في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وأضاف «حين تعلق سياسة مكافحة الفقر، سيواجهون مخاطر التراجع مجدداً».
في سنة 2020 وحدها خصصت الحكومة المركزية 146 مليار يوان (18.7 مليار يورو) لمكافحة الفقر. لكن هذا الرقم ليس سوى جزء من مبالغ إجمالية رصدتها المناطق والأقاليم.
ولتمويل هذه الاستثمارات اضطرت المجموعات المحلية إلى الاستدانة وباتت الفاتورة عالية: 800 مليار يورو على الأقل لتسديدها على مدى خمس سنوات.