أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    10-Nov-2020

«التجارة».. هل ما زالت المديرة العامة؟*د. زيد حمزة

 الراي

وانا أُعدُّ لاصدار الجزء الثالث من كتابي «بين الطب والصحافة» ليضم وجبة أخرى من مقالاتي في $ على مدى الأعوام الثلاثة والاربعين الماضية استوقفني مقال كتبته عام ٢٠٠٢ وجدت انه قد يلقي ضوءا على جانب من الاقتصاد العالمي ويساعد في استكناه بعض تعقيداته الراهنة ورأيت ان أستل منه السطور التالية مع قليل من التصرف (... منذ آلاف السنين اثبتت التجارة انها الأصل وان الصناعة طارئة حتى وإن دخلت عالم الزراعة وطورتها بالمكننة الا ان الاولى بقيت (المديرة العامة) التي تتحكم في الاثنين معاً، ومنذ القدم كانت هناك سلطة تحكم المجتمعات البشرية تداخلت فيها القوى العائلية بالقَبَليَّة بالدينية لكن التجار كانوا دائماً يجدون فيها موطئ قدم، فمثلاً أدركوا مبكراً ان (الحدود) بين الإمارات والممالك والدوقيات والإقطاعيات هي عدوهم اللدود فحركوا الثورات ضد الاقطاع ليحطموا أسواره أو قادوا تحت شعارات القومية حروب التوحيد من أجل إزالة تلك الحدود لأن فيها جمارك وضرائب وبيروقراطية يصب الغاؤها في خانة تعظيم أرباحهم، كما استخدموا الدين لغزو الاخرين واحتلال بلادهم ونهب ثرواتها وأكبر مثل على ذلك الحروب الصليبية، واستغلوا فرية التفوق العنصري التي انطلت على الشعب الألماني لتحقيق الهدف الخفي وهو الاستيلاء على أسواق جديدة لا لمصلحة الجنس الآري (المُدّعَى أصلاً) وإنما للتجار الألمان ومعهم تجار آخرون ليسوا ألماناً!
 
صحيح ان التجارة لم تكن يوماً منفصلة عن الصناعة او الزراعة وقد شكلت معهما في كنف الاستعمار آخرَ مراحل الاقتصاد الرأسمالي بعناصره المختلفة من إدارة الاعمال والاستثمارات والبنوك وشركات التأمين والتمويل ومتعددة الجنسيات وثورة الاتصالات والإنترنت وشبكات النقل الدولي، وصحيح انها اثناء سعيها الدؤوب للتوسع وتخطي الحواجز قد اضطرت للإبطاء فترةً من الزمن انشغلت أثناءه بالدفاع عن نفسها أمام حركات التحرر الوطني التي فضحت دورها الحقيقي الجشع، أو بمقاومة التيارات الاشتراكية في أوروبا ثم محاولة احتواء النجاح الذي حققته الثورة البلشفية بقيام الاتحاد السوفييتي، وصحيح كذلك ان هدفها الدائم غير المعلن هو الوصول بواسطة المال الى مواقع السلطة والتشريع لتسخيرها في تحقيق مزيد من الأرباح و(من فمها تُدان) ما كتبته النيويورك تايمز الاسبوع الماضي (السياسة تعني التجارة في قاموس بوش فقد ملأ ادارته برؤساء مجالس ادارات شركاتٍ كبرى وعيّن في البنتاغون تحديداً ثلاثة مديرين تجاريين لإدارة شؤون الجيش والبحرية وسلاح الطيران!...)..
 
وبعد.. لعل ما كتبتُه قبل سنوات عن دور التجار في تاريخ اقتصاد المجتمعات البشرية كما فهمها ذوو الالباب وليس بالمعنى الضيق للكلمة، يفسر اليوم القلق الشديد الذي ينتابهم في زمن كورونا لأنهم لأول مرة منذ استحوذوا على (إنتاج) الزُرّاع (الفلاحين) لتحويله إلى سلعة في (السوق) لا لإطعام الناس والجياع منهم بخاصة بل لمن يملك الثمن (المال)، فأصبحوا في حيرة من أمرهم لا يدرون ما هم فاعلون.. حول العالم!