أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    21-Mar-2023

مسؤولون موظفون*محمود الخطاطبة

 الغد

عندما تقوم بمراجعة لدائرة أو مؤسسة حكومية لإنجاز مُعاملة ما، فإنك ترى بأُم عينيك الحال التي وصل إليها القطاع العام من تراجع إلى درجة تجعل كُل حر غيور على وطنه يغضب وينتفض، وما القطاع الخاص في وطني عن ذلك ببعيد.
المشكلة أننا ليس أمام موظفين أو عاملين غير مُخلصين لمؤسساتهم، وإنما المُشكلة الكبرى تكمن في ذلك المسؤول، الذي لا يتحمل أبدًا المسؤولية، وما أكثرهم في وطني، إذ يعمل كأنه موظف، تم تعيينه حديثًا.
العديد من المسؤولين في الأردن، يعملون بلا هدف، وكأنهم بلا “بوصلة”، حتى بات يتخيل بأنهم لا يعلمون شيئًا عن أساسيات موقع المسؤولية الذين يُشغلونه، فأصبحوا عبارة عن موظفين يؤدون مهام أقل من عادية، يؤديها موظف في الدرجة السابعة أو السادسة.
هم مسؤولون لا يملكون أي صلاحيات، وكأنهم يعملون في مكتب خدمات، أو كأنهم “مُدخلو” بيانات، لا يفقهون شيئا منها، وكأنهم عبارة عن آلة مُبرمجة لغرض مُعين.. هم مسؤولون ينتظرون أن تؤشر عقارب الساعة إلى الثالثة والنصف مساء، لكي يقوموا بإغلاق المكتب، ثم يعاودون فتحه عند الثامنة والنصف من صباح اليوم التالي.
فالمسؤول يتوجب أن تكون له بصمة في النهج والتطبيق، يجب أن يحمل فكرًا مُعينًا، ويكون على دراية بأبجديات وأساسيات وفرعيات المؤسسة أو الإدارة أو المُديرية أو القسم الذي يرأسه.. إن المتتبع لمؤسسات ودوائر الدولة المختلفة، لا يكاد أو لا يستطيع أن يُفرق بين موظفيها أو مديريها أو رؤسائها.
لماذا أصحاب القرار في الدولة، غير مبالين أو غير مُهتمين لهذا المفصل الأساسي في بناء الوطن؟، ألا يترك ذلك غُصة في قلوبهم عندما يرون بأن المسؤول هو موظف عادي، بمسمى جديد، وامتيازات مادية وشخصية فقط.
لماذا تم التغاضي عن عمليات إنتاج صف ثان من القيادات والمسؤولين في الأردن؟ ولمصلحة من تم ذلك؟ أو لم يقرأوا قول أبو حامد الغزالي: “والبشر يألفون أرضهم على ما بها، ولو كانت قفرًا مستوحشًا، وحبُّ الوطن غريزة متأصلة في النفوس، تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه، ويحنُّ إليه إذا غاب عنه، ويدافع عنه إذا هُوجم، ويغضب له إذا انتقص».
لسان الحال في بلدي يُشير إلى أن المسؤول في واد، والمسؤولية التي يتحملها في واد آخر، وكأن ذلك المسؤول عبارة عن عامل مُياومة، لا يهتم إلا إلى «عداد» الساعة، كي يأخذ أجرته مع انتهاء عمله، بغض النظر عن عمليات الإتقان والإخلاص والانتماء.
أكاد أجزم بأن الكثير من المسؤولين في وطني لم يستطيعوا خلال الحُقبة الماضية أن يُحدثوا تغييرًا واضحًا في مؤسسات أو دوائر استلموا قيادتها، ولم يكن لهم تأثير يلمسه المواطن على أرض الواقع.
حب الوطن يحتاج إلى إخلاص وانتماء وولاء، حب الوطن بحاجة إلى قول الحقيقة مهما كانت قاسية أو ذات مرار، حب الوطن بحاجة إلى انتهاج أسلوب علمي عملي يعود بالنفع على الجميع، ولا نكتفي بالقول “احنا أحسن من غيرنا”.. فالأديب السوداني الطيب صالح يقول: «الأوطان هي التي تبقى، وإن الهدف يجب أن يكون بقاء الوطن..».