انظر إلى الجدول التالي والذي يوضح النتائج المدققة للشركة في الأعوام المالية المنتهية في يونيو 2008 و2009 و2010.
النتائج المالية المبلغ عنها من قبل "أولفاك" في أعوام 2008 و2009 و2010 |
||||||
(بالمليون ين ياباني) |
العام المالي 2008 |
العام المالي 2009 |
نسبة التغير |
العام المالي 2009 |
العام المالي 2010 |
نسبة التغير |
المبيعات |
241212 |
223825 |
(-7 %) |
223825 |
221804 |
(-1 %) |
الربح التشغيلي |
9081 |
3483 |
(-62 %) |
3483 |
4809 |
38 % |
حين تدقق في الجدول السابق ستلاحظ أنه بعد مرور "أولفاك" بفترة صعبة خلال عام 2009 الذي شهد انخفاض المبيعات بنسبة 7% وانهيار الربح التشغيلي بأكثر من 60%، جاء عام 2010 حاملًا بشرى سعيدة للشركة ومساهميها، ففي تحول مثير جدًا للإعجاب نجحت الشركة في الحفاظ على مبيعاتها عند نفس المستوى تقريبًا، ورفع أرباحها التشغيلية بنسبة 38%.
للوهلة الأولى، يبدو للجميع أن هذه الريمونتادا المثيرة للإعجاب يقف وراءها على الأغلب إدارة محترفة كانت قادرة على خفض التكاليف، وهذا هو التفسير الأكثر منطقية في ضوء ثبات المبيعات نسبيًا وارتفاع الربح التشغيلي بهذا الشكل. ولكن للأسف لم يكن هذا هو الحال، بل إن كل ما في الأمر هو أن الشركة تلاعبت بسياساتها المحاسبية لكي تبدو بياناتها المالية في حال أفضل مما هي عليه في الواقع.
كيف فعلتها؟ هذا هو السؤال
ما قامت به "أولفاك" ببساطة هو تغير طريقة اعترافها بإيراداتها في بياناتها المالية من طريقة "العقد المنجز" (Completed-contract) إلى طريقة "نسبة الإتمام أو الإنجاز" (Percentage of Completion) والتي تسمح للشركة بإثبات الإيرادات المترتبة على العقود طويلة الأجل على أساس نسبة تكاليف ما تم إنجازه خلال تلك الفترة إلى إجمالي التكاليف التقديرية اللازمة لإنجاز تلك العقود، وذلك على عكس الطريقة الأولى التي لا تسمح بتسجيل الإيرادات إلا بعد إكمال العقد.
وهكذا تمكنت "أولفاك" من الاعتراف بإيراداتها في موعد أبكر من المعتاد، وبالنسبة التي تريدها.
يوضح الجدول التالي كيف كانت ستبدو نتائج "أولفاك" لو التزمت بنفس طريقة الاعتراف بالإيرادات التي تتبعها دائمًا قبل أن تتحول فجأة إلى طريقة نسبة الإنجاز.
نتائج أولفاك في عامي 2009 و2010 في حال عدم تغيير السياسة المحاسبية |
|||||
بالمليون ين ياباني |
بيانات الشركة لعام 2009 |
بيانات الشركة لعام 1010 |
الفارق بين طريقتي الاعتراف بالإيرادات |
النتائج المعدلة للشركة لعام 2010 |
نسبة التغير المعدلة |
المبيعات |
223825 |
221804 |
(44037) |
177767 |
(-21 %) |
الربح التشغيلي |
3483 |
4809 |
(12033) |
(7224) |
(-307 %) |
من الجدول السابق يستطيع المستثمر أن يستنتج أن المبيعات لم تكن مستقرة نسبيًا في عام 2010 كما توحي البيانات المالية الصادرة عن الشركة، بل إنها في حقيقة الأمر تدهورت بأكثر من 20%. ونفس الأمر بالنسبة للربح التشغيلي، والذي انهار بأكثر من 300% ولم يتحسن كما تحاول الشركة أن توهم المستثمرين.
ولكن لعدم رغبتها في رؤية الصدمة على وجوه المستثمرين حين يعرفون حقيقة الأداء المالي للشركة، وجدت إدارة "أولفاك" حلاً متمثلًا في تغيير سياسة الاعتراف بالإيرادات لديها وتحويلها إلى طريقة "نسبة الإنجاز". ومشكلة هذه الطريقة هي أن الشركة إلى حد كبير هي من تقدر نسبة ما تم إنجازه في العقد، وعلى هذا الأساس تسجل الإيرادات في بياناتها المالية.
لو نظر المستثمر تحت قدميه
المثير للاهتمام هو أن شركة المراجعة المسؤولة عن تدقيق بيانات "أولفاك" لم تقف كثيرًا عند التغيير المفاجئ الذي شهدته السياسة المحاسبية للشركة، وقبلت التفسيرات غير المقنعة من قبل الشركة اليابانية لسبب إقدامها على هذا الإجراء، ووافقت على صدور البيانات المالية للشركة بهذا الشكل.
أما الجزء الأكثر إثارة للدهشة والسخرية في هذه القصة فهو أن "أولفاك" اليابانية أشارت في ركن الإيضاحات أسفل بياناتها المالية لعام 2010 إلى أنه وفق سياسة الاعتراف بالإيرادات التي كانت تتبعها دائمًا فإن المبيعات تراجعت بنسبة 21% في عام 2010 وسجلت خسارة صافية!
ولكن لم ينتبه أحد لهذه المعلومة والتي جاءت في سطر واحد تقريبًا وسط عشرات السطور الموجودة في جزء الإيضاحات الممل عادة والذي نادرًا ما ينتبه إليه المستثمر، وظل العنوان الرئيسي الذي يتداول ويستثمر على أساسه السوق: "أولفاك" حققت في عام 2010 أداءً استثنائيًا مسجلة ريمونتادا قوية من عام 2009 الصعب.
قد يشتكي المستثمر من أن العنوان السابق مضلل وغير حقيقي، وهو كذلك فعلًا، ولكن في هذه الحالة تحديدًا كانت هذه هي مسؤولية المستثمرين وليست مسؤولية الشركة التي أعفت نفسها بخبث حين ذكرت الحقيقة في الإيضاحات، وهذا هو سبب عدم مواجهتها لأي تبعات أو مشاكل قانونية. ولكن في النهاية يبقى السؤال: هل يحمي السوق المغفلين؟