أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    17-Jan-2023

أزمة الغذاء ..وغياب التنسيق الدولي*لما جمال العبسه

 الدستور

يوما بعد الاخر تطالعنا تقارير الأمم المتحدة والمنظمة العالمية للأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «الفاو»، أرقام صادمة عن ارتفاع نسبة الجوع في العالم، وما سيشهده العام 2023 من تفاقم هذه الازمة المتجددة، وكانت آخر تقديرات «الفاو» ان 50 مليون انسان على شفا مجاعة العام الحالي.
ازمة الغذاء العالمي جاءت نتاجا لازمات متتالية تفاقمت في العام 2022، حيث كانت لاسباب جيو سياسية واقتصادية وأخرى طبيعية وهو السبب الأكثر تعقيدا، فرتفاع درجات الحرارة بشكل كبير، الفياضانات، والجفاف الناجم عن تغير المناخ احدث انقلابا في نوعية المنتج الغذائي في الكثير من المناطق حول العالم، ومن ثم جاءت جائحة كورونا وما تسببت به من أزمات اقتصادية، وثم العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا شباط الماضي، لتجعل جملة هذه الأسباب من المراقبين يتوقعون انهيار في الإمدادات الغذائية وبالطبع ارتفاعا في الاسعار بشكل كبير.
اذا ما نظرنا الى الصورة بأكملها فان هذه الازمة مسؤولية تقع على عاتق المجتمع الدولي عموما والدول المتقدمة بشكل خاص، ولا تحتاج الى بيانات تحذر من المستقبل المعتم بالنسبة لعديد من الدول حول العالم، انما بحاجة لأن تنظر الدول الكبرى لما حولها وما يعانيه العالم بسبب قراراتها التي صدمت الاقتصاد العالمي بشكل فج وعميق حتى وصلت لأن تكون أحد أسباب الجوع حول العالم.
كان من السهل على الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية ان تعلق ازمة الغذاء خارج حدود التغير المناخ أي روسيا وحربها على اوكرانيا، و دول الناتو بقيادتها اتخذت عقوبات صارمة على موسكو لإيقاف الحرب، وهذا لم يحدث انما هذه العقوبات اثرت على الاقتصاد العالمي وبالتالي على قدرت الكثير من الحكومات على توفير الامن الغذائي لمواطنيها.
التحكم الغربي في جغرافية العالم ادى الى نشوب هذه الازمة والتي معها زادت اضطرابات سلاسل التوريد التي بدت واضحة خلال ازمة «كورونا»، وعرقلة إنتاج المحاصيل، علما بأن روسيا وأوكرانيا تمثلان ما يقدر بنحو 30% من الصادرات العالمية من القمح، و20% من الذرة، و76% من عباد الشمس، وبالطبع مع تواصل الحرب بينهما حدث ارتفاع هائل في تكاليف الغذاء في 2022.
واذا ما استمرت العقوبات الغربية على روسيا بهذه الفظاظة فانها ستعمق اكثر فاكثر من ازمة الغذاء في 2023 ،خاصة وان روسيا أكبر مصدر للنتروجين في العالم، وثاني مصدر للبوتاسيوم والثالث في سماد الفوسفور، ومسؤولة عن ما يقرب من خمس صادرات الأسمدة العالمية، فاذا ما خفضت روسيا واوكرانيا من صادراتهما بشكل كبير من المواد الغذائية والأسمدة، فالعودة الى المربع الاول لفقد المنتج الغذائي قائمة.
وهناك عوامل اخرى لا تقل تأثيراتها اهمية في تعمق ازمة الغذاء، فمع تزايد نسب التضخم العالمي وارتفاع سعر الدولار وزيادة نسب الفائدة جعل الكثير من الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط والمستوردة للغذاء غير قادرة على مواصلة الاستيراد، بسبب ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة العملات المحلية مقابل الدولار الأمريكي، كما ان أن الإنتاج العالمي من الغذاء معرض أيضا للتراجع، ما يزيد من تعقيدات المشكلة الغذائية.
مشهد الوضع الغذائي العالمي في 2023 صعبا للغاية في ظل توقعات بتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي الذي بالتبعية سينتج عنه تراجع قدرة الدول على تمويل فاتورة الغذاء، ما يعني ضرورة ان تتراجع لدول الكبرى قليلا عن لعب دور المنتصر والمتحكم على حساب ارواح قد تفنى جوعا وان تحكم العقل، بدل حشد الجيوش على حدود روسيا والتضحية بالملايين مقابل التعنت بالرآي لفرض الهيمنة السيطرة على العالم اجمع، وللعلم فان الامن الغذائي حق انساني لمن يدعي حماية حقوق الانسان.