أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    24-Sep-2016

إدراك إمكانات اقتصادات أفريقيا

الغد-ترجمة: ينال أبو زينة
 
عمان- تبقى أسس اقتصاد أفريقيا قوية، ولكن حكوماتها وشركاتها سوف تحتاج إلى بذل المزيد من الجهود لتبقي اقتصادات القارة السمراء تتقدم.
ويتساءل العديد من المراقبين حقيقة عما إذا كان التقدم الاقتصادي في أفريقيا قد بلغ ذروته أم لا. فقبل 5 سنوات، كان النمو يتسارع في جميع اقتصادات القارة الـ30 الأكبر تقريباً، لكن الصورة الأخيرة كانت مختلطة بعض الشيء أكثر: ففي حين تسارع النمو في حوالي نصف الاقتصادات الأفريقية، تباطأ بشكل جيد في بقيتها.
وفي الفترة ما بين العام 2010 و2015، بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي للقارة الأفريقية 3.3 % فقط، ما يعد أضعف بشكل جيد من نسبة الـ4.9 % المحققة سنوياً في الفترة ما بين العام 2000 والعام 2008. ولكن معدل النمو يُخفي تباينا ملحوظا، وفقا لتقرير "معهد ماكينزي العالمي"، الذي صدر حديثا بعنوان "الأسود تتحرك 2: إدراك إمكانات الاقتصادات الأفريقية".
وقد جر الأداء الاقتصادي الأقل إزدهارا بكثير لمجموعتين من الاقتصادات الأفريقية هذا المعدل إلى الأسفل أكثر، بحيث ضرب انخفاض أسعار النفط إلى جانب الإضرابات السياسية التي نشبت عن الربيع العربي (في مصر وتونس وليبيا) الدول المصدرة للنفط في القارة. وبالنسبة إلى بقية الدول هناك، فقد تسارع النمو فعلياً بنسبة 4,4 % من العام 2010 إلى 2015، صعوداً من 4.1 % المحققة من العام 2000 حتى 2010. وبالإضافة إلى ذلك، تبقى إمكانات القارة طويلة الأجل قوية، وهناك أيضاً سوق وفرص استثمارية كبيرة تتيحها القارة للمستثمرين وأصحاب المصالح.
ويمكن أن تدعم بعض العوامل النمو المستقبلي للقارة أيضاً، بما فيها تمتعها بأسرع معدل للتحضر في العالم، واحتمالية اكتسابها أكبر نسبة عمالة سكانية (تفوق الهند والصين) بحلول العام 2034. ويساعد تسريع التقدم التكنولوجي من جهته في فتح فرص جديدة للمستهلكين والشركات، لاسيما وأن أفريقيا تمتلك موارد وفيرة بطبيعتها. ويتوقع صندوق النقد الدولي أيضاً أن تصبح أفريقيا ثاني القارات من حيث سرعة النمو في العالم خلال الفترة الممتدة حتى العام 2020.
وعلى الرغم من الصدمات الأخيرة والتحديات التي تعرضت لها، يبلغ إنفاق المستهلكين إلى جانب الأعمال التجارية في أفريقيا 4 تريليون دولار سنوياً، وينمو بسرعة أيضاً.
ومن المتوقع أن ينمو الاستهلاك المنزلي بنسبة 3.8 % سنوياً إلى ما يقارب 2,1 تريليون دولار بحلول العام 2025. وتعد الشركات الأفريقية منفقاً أكبر بواقع الحال أيضاً، بحيث يتوقع لإنفاق الأعمال أن يصل إلى 3.5 تريليون دولار بحلول العام 2025، صعوداً من الـ2,5 تريليون دولار المحققة في العام 2015.
ويمكن لأفريقيا أن تضاعف ناتج الصناعات التحويلية لديها إلى 930 مليار دولار تقريباً في العام 2025، في ضوء أن دولها تتخذ تدابير حاسمة لخلق بيئة أفضل للشركات المُصنعة.
وقد تأتي ثلاثة أرباع هذه الإمكانيات من الشركات التي تُلبي الطلب المحلي وتتخذ من أفريقيا مقراً لها؛ واليوم، تستورد أفريقيا ثلث المواد الغذائية والمشروبات، وغيرها من السلع، التي تستهلكها من الخارج.
 والربع الأخير يمكن أن يتولد عبر تكثيفها التصدير. وسوف تنطوي فوائد تسريع التصنيع على زيادة الإنتاج من جهة، وخلق ما يصل إلى 14 مليون وظيفة مستقرة خلال العقد القادم من جهة أخرى.
وفي حين أن الإمكانات التي تتيحها أفريقيا لا ترقى إليها الشكوك، يبقى السؤال الدائر هو: هل ستتحقق هذه الإمكانات أم لا؟ الأمر يعتمد برمته على تكثيف الشركات والحكومات جهودها لاستغلال هذه الفرصة.
ومن جهة أخرى، تعد أفريقيا موطن 700 شركة بإيرادات سنوية تتجاوز الـ500 مليون دولار، بما فيها 400 من اللواتي يتمتعن بإيرادات سنوية تتجاوز المليار دولار، وهي تنمو جميعها بسرعة بينما تحقق أرباحاً تعظم نظرائها في العالم أيضاً. ولكن القارة السمراء بحاجة إلى المزيد منها، فلديها عدد قليل من الشركات الكبرى– وهي صغيرة الحجم في المتوسط- مما يتوقعه المرء بالنظر لمساحاتها الشاسعة مقارنةً بشركات المناطق الناشئة الأخرى.
وينبغي على الشركات الأفريقية مضاعفة أدائها للاستفادة بأكبر قدر ممكن من الفرص المتاحة أمامها.
وبالفعل، كللت أكبر 100 شركة أفريقية أعمالها بالنجاح عبر إنشاءها مركزاً قوياً لنفسها في أسواقها الوطنية قبل توسعها جغرافياً إلى ما هو أبعد من ذلك. وهذا بالإضافة إلى اعتمادها منظوراً طويل الأجل، واستهدافها القطاعات ذات الإمكانات العالية مع مستويات منخفضة من التركيز، فضلاً عن استثمارها في بناء والحفاظ على المواهب من الأيدي العاملة.
وسوف تحتاج الحكومات، في سياق متصل، إلى معالجة إنتاجية القارة وقيادة النمو من خلال التركيز على 6 أولويات أوضحها تقرير ماكنزي: وهي تعبئة المزيد من الموارد المحلية والتنويع الاقتصادي والتعجيل بتطوير البنية التحتية، فضلاً عن تعميق التكامل الإقليمي وتجهيز مواهب المستقبل وضمان التحضر الصحي.
وسيتطلب إنفاذ هذه الأولويات تحولا رئيسياً في نوعية القيادة العامة والمؤسسات في أفريقيا، بالإضافة إلى الحكم. وجميع هذه الضرورات تتطلب بدورها الرؤية المتميزة والعزم على تنفيذ إصلاحات بعيدة المدى في العديد من مجالات الحياة العامة.
 
المصدر:"ماكنزي آند كومباني"