الغد
هل الخريجون الجدد جاهزون للعمل في القطاع المصرفي؟ دراسة أعدتها جمعية البنوك في الأردن مؤخرا، طرحت هذا السؤال وقدّمت إجابات مبنية على بيانات دقيقة.
الدراسة أظهرت أن البنوك العاملة في الأردن قامت بتعيين 2613 موظفاً خلال عام 2024، منهم 1283 من الخريجين الجدد، أي ما يعادل 49 % من إجمالي التعيينات، وهذه النسبة تعكس انفتاحاً إيجابياً من القطاع المصرفي على الكفاءات الشابة، لكنها في الوقت نفسه تطرح تساؤلات حول مدى توافق هذه الكفاءات مع متطلبات العمل الفعلي في البنوك.
الدراسة بيّنت وجود توجه واضح نحو التوسع في الوظائف الرقمية والتحليلية، مدفوعا بالتحول الرقمي الذي يشهده القطاع، كوظائف تحليل البيانات، والأمن السيبراني، وتطوير التطبيقات المصرفية، والدعم التقني والتي أصبحت محوراً أساسياً في التوظيف، وأكدت البنوك ايضا أن أبرز المهارات المطلوبة لدى الخريجين تشمل التواصل الفعّال، واللغة الإنجليزية، والمهارات الرقمية، والتفكير التحليلي، والقدرة على العمل ضمن فريق.
ومع هذا التوجه الإيجابي، كشفت الدراسة عن وجود فجوة واضحة بين مخرجات التعليم الجامعي واحتياجات القطاع المصرفي، حيث تمثلت هذه الفجوة في ضعف المهارات التطبيقية والتقنية والسلوكية لدى الخريجين، إضافة إلى قلة الإلمام بأساليب العمل المصرفي الحديث، وهذا التباين بين ما يتعلمه الطلبة في الجامعات وما يتطلبه العمل الفعلي يحد من فاعلية اندماجهم السريع في سوق العمل.
وبحسب البيانات، فقد بلغ العدد الإجمالي للعاملين في البنوك العاملة في الأردن نحو 23 ألف موظف بنهاية عام 2024، منهم نحو 14.8 ألف موظف من الذكور، ما يمثل 64.5 % من إجمالي عدد الموظفين، مقابل نحو 8 الاف موظفة من الإناث، أي ما نسبته 35.5 %.
وتُعد نسبة الإناث في القطاع المصرفي الأعلى مقارنة بباقي القطاعات في الأردن، وأعلى كذلك من المتوسط الوطني، وأعلى بقليل مقارنة مع المتوسط الإقليمي، مما يعكس بيئة عمل مصرفية أكثر انفتاحاً على تمكين المرأة.
الدراسة دعت إلى ضرورة أن تركز الجامعات على تطوير مهارات التواصل واللغة الإنجليزية بشكل تطبيقي، وتعزيز التدريب العملي على الحاسوب والبرمجيات وتحليل البيانات، إلى جانب إعداد الطلبة للاختبارات المعرفية واللغوية المطلوبة في المقابلات، وتشجيع المشاريع الجماعية لتقوية مهارات العمل الجماعي والتفكير التحليلي، كما شددت على أهمية إدماج المهارات الشخصية ضمن المناهج الجامعية بطريقة ممنهجة.
وأشارت الدراسة إلى أن نحو 63 % من البنوك أكدت وجود تعاون أو برامج تدريبية مع الجامعات، مما يدل على اهتمام واضح من البنوك بدعم انتقال الخريجين إلى سوق العمل المصرفي.
ومع توقعات بتوسع في وظائف جديدة مثل محلل بيانات، واختصاصي ذكاء اصطناعي، واختصاصي أمن سيبراني، فإن الأمر يتطلب إعادة هيكلة البرامج الأكاديمية لتشمل هذه المهارات المستقبلية.
وبالمحصلة، فإن تطوير المناهج لم يعد خياراً بل ضرورة، وعلى الجامعات أن تتفاعل بجدية مع هذه التغيرات لضمان جاهزية حقيقية للخريجين في سوق عمل مصرفي يتطور باستمرار.