أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    23-Jun-2019

طخفيظاط ..!*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور-للمرة الثانية؛ يثيرني الصديق الفنان داود جلاجل برسالة ثانية على الواتساب، الأولى كتبنا عنها، والثانية أيضا لها علاقة بالقيم الطبيعية الصحيحة حتى لا نكتفي بقول الجميلة، ولا أستغرب تندر الفنان النجم جلاجل على اندثار القيم الأصيلة واستبدالها بنقيضها الأسود فهو أصيل من حراس الأصالة والجمال..

الرسالة كانت صورة، لمحل تجاري في أحد المناطق ولا أجزم بأنه في الأردن لكن المثير في الصورة أن صاحب المحل يقدم عروضا وتنزيلات على أسعار السلع في محله، فيضع قطعة من القماش المطبوع بعناية، وأبعادها حوالي مترين ونصف طولا وربما متر عرضا، وتغطي تقريبا واجهة كبيرة من بابين لمحلين متجاورين، ومكتوب عليها (طخفيظاط) تعلوها كلمة  (50 % up )، لكن مكتوب على الصورة كلها من قبل مرسلها الأول عبارات مثل (دقيقة صمت حدادا على وفاة اللغة العربية)!
نحن نعلم أن اللغة ومعانيها وقيمها الجميلة غادرتنا، وصدقوني أنا لا أرثي لها هنا ولا أطارد سقطات المتحدثين بها فكل الأمة تهجرها تنازلا للعولمة، إنما أتحدث عن قيم أخرى غادرتنا وحلت بدلا عنها قيم أخرى، يكون مؤسفا حقا حين يذعن لها النخبة ويعتمدونها في حياتهم وعملهم.. ويكون الأمر مؤلما فوق الأسف حين تكون هذه النخبة مسؤولة سواء في القطاع العام أو الخاص..لأنها عندئذ ستصبح من معاول هدم العدالة والنزاهة وسائر القيم الانسانية والوطنية والإدارية المطلوب منا حراستها وتعزيزها في بلد يستحق منا الأفضل، تماما كما يقوم داود جلاجل وغيره من النخبة الإبداعية الأصيلة بحراسة القيم الأصيلة المثلى في مجتمع نظيف، ولديه هويته الثقافية والإنسانية.
مثلا؛ لم يعد خبر ولا شيئ مستغربا أن يتم استبدال مسؤول يحمل شهادة دكتوراه في اختصاصه، بآخر لا يحمل ثانوية عامة، وقد يكون الأمر خاصا حين يقرر صاحب مال بمثل هذا التغيير الإجرامي، فقد قيل «من حكم بماله ما ظلم» علما أنه قول ليس صحيحا فقرار صاحب المال قد يصطدم بالقانون أيضا، لكن حين يجري مثل هذا الأمر في القطاع العام، فالدولة هي الضحية أولا، ثم المجتمع والشعب وأصحاب الاختصاص..
عندما تجري (التخفيظاط) على قيم ومبادىء وقوانين وحقوق بهذا الحجم، ولا يقاومها نخبوي ولا جهة رقابية ولا يعترض عليها من يجب أن يكونوا في مقدمة القرار أو الرأي، فإن خللا كبيرا يحدث، ويتعمق في جسد الدولة، ويضع الجميع في موقع الاتهام بل الإجرام الذي يعاقب عليه القانون، ويصبح التواطؤ والصمت جريمتهم الأكبر، فكيف يقبل أي نخبوي أو مسؤول محترم بأن يكون زميله أميا متخلفا، ويشاركه الرأي والقرار، وماذا يسمي نفسه من يدعم مثل هذه «التخفيظاط»!.
يسهل خداع المجتمع أو الناخبين، حين يتم تسويق قليلي الشأن أو حتى الفاسدين والمجرمين عليهم، ومثل هذه الثقافة عانينا منها، وكانت هناك جهات منتخبة  عانت من مثل هذا الفرز الموبوء، لكن كان وما زال هناك حارس للبلاد وصاحب قرار دستوري نظيف، هو جلالة الملك الذي حمى الدولة والمجتمع من رداءة الأداء وخطورته على ثقة الناس بالدولة وبقياداتها، كما حمى الفضيلة والعدالة والنزاهة والمنطق أيضا، فنحن نعلم بأنه حين يتم توكيل الأمر لغير أهله فالنتائج معروفة، لا سيما حين نتحدث عن دولة.
الذين لا يملكون مؤهلا واحدا لموقع ما من المسؤولية في القطاع العام أو الخاص، بل ويترك لهم الأمر للتعامل بنفس «انتخابي» مع وظائفهم قال محبوبين في سوق رخيصة !.. ويتم التغاضي عن سقطاتهم وأخطائهم، قد يعبرون ويفلتون من بعض الرقابات بسبب بساطة أو جهل أو قلة «حيلة» بعض موظفيها، لكنهم لم يعبروا حقا فالحراس كثر، ولا يمكن التغاضي عنهم وكنا وما زلنا في هذه المهنة وقبلها وبعدها، من أشد الرافضين لها ..ونحن ربما نتسوق من سوق جيدة وأسعارها مناسبة، لكننا لن نغض الطرف عن يافطة «التخفيظاط» المكتوبة فوق رؤوسنا، وبطبيعة الحال لا يحتاج الأمر الى تفكير حين تكون البضاعة رديئة ومغشوشة أو غير أصلية، وبلا جودة تذكر..
أوقفوا «التخفيظاط» ولا تتسوقوا من متاجر لا تحترم ولا تعرف لغتكم ولا تقتنع او تعتمد معاييركم في الجودة والمنفعة.