الغد
وقفة تأمل وتفاؤل مع إطلالة العام الجديد 2025 على فرص الاستثمار المتاحة أمام الصناعة المصرفية الإسلامية خاصة في البلدان العربية، فهي مقبلة على فرص هائلة للاستثمار في مجمل القطاعات الاقتصادية وفي إطار التنمية المستدامة، أو فيما يتعلق في إعمار ما دمرته النكبات التي حلت في بعض من هذه الأقطار، أضف لذلك الخسائر الهائلة التي تسببت بها الأزمات الاقتصادية سواء على مستوى تراجع الإنتاج أو على تزايد أعداد العاطلين عن العمل والذين يقدر عددهم بحوالي الـ 10 ملايين مواطن فقدوا عملهم أو وظائفهم بسبب هذه الأزمات، ثم تزايد أعداد الفقراء في مجتمعاتنا العربية، وتشير بعض التقديرات إلى أن حاجة الوطن العربي ما قبل أزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية إلى ما يقارب الـ100 مليون فرصة عمل، إذن سنكون بحاجة إلى حجم هائل من التمويل لتغطية حاجاتنا لهذه المتطلبات التمويلية، إذن علينا الاستعداد كمؤسسات مالية ومصرفية إسلامية للمساهمة الفاعلة في هذه المرحلة والاستعداد لتغطية الساحات التي غُيبت عنها فرص التمويل، لكون البيئة الاقتصادية والشرعية مهيئة بانتظار أن تنضج البيئة القانونية والتشريعية لمزاولة هذا القطاع في البلدان التي لا زالت مترددة أو ظروفها السياسية غير جاهزة.
ما أردنا قوله إن الدول العربية التي تشهد غيابا واضحا للصناعة المصرفية الإسلامية تمثل في مجموع سكانها ما يزيد على ثلثي سكان الوطن العربي وما تعانيه اقتصادياتها من ضعف للبنية التحتية انعكس على اقتصاديات بقية الدول، وتراجع لأدائها، حيث يقدر معدل البطالة بحوالي 17 %، وتراجع للنشاطات الاستثمارية في كلا القطاعين العام والخاص، إضافة إلى عدم قدرتها على جذب أو الاحتفاظ بالاستثمارات الأجنبية لديها، وما رافق ذلك من تراجع للاستثمارات العربية البينية في كافة القطاعات، مع ذلك لا زلنا نتطلع إلى انطلاقة أقوى للصناعة المصرفية الإسلامية، خاصة في بعض الدول العربية مثل مصر ودول المغرب العربي والتي لم تسجل فيها مصارفنا الإسلامية حضوراً ينسجم مع هويتها الإسلامية وعدد سكانها إضافة إلى حجم حاجتها من التمويل كما هو حضورها في العديد من الدول العربية والإسلامية الأخرى ولا حتى على مستوى حضورها في بعض الدول الغربية كما رأينا في حالة التنافس الشديد بين بعض عواصم هذه الدول لتكون مركزاً عالمياً للتمويل الإسلامي ونشاط مؤسساته والسماح لها بأن تنشط على أراضيها، أضف إلى ذلك النشاط الإعلامي على أراضي هذه الدول مثل عقد المؤتمرات والملتقيات الدولية المخصصة لقطاع التمويل الإسلامي، وبعد أن ترسخت القناعة لديهم بحقيقة الصناعة المصرفية الإسلامية وفاعلية أدواتها التمويلية في المساهمة في الاستقرار الاقتصادي، خاصة بعد الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الأخيرة، وكما كان لغياب دول عربية أخرى عن هذه الصناعة ولو كان بتواجد خجول مثل سورية والعراق ولبنان وليبيا واليمن بسبب الظروف السياسة وتداعيات الاضطرابات الأمنية والسياسية التي تشهدها هذه البلدان مما تسبب بحرمان الصناعة المصرفية الإسلامية لأسواق مهمة، وحرمان مجتمعاتها من الخدمات المالية المقدمة من هذا القطاع والملتزم بأحكام الشريعة الإسلامية.
عندما يسهم هذا القطاع في خلق بيئة اقتصادية سليمة من خلال استعداده لتقديم التمويل اللازم للنهوض باقتصاداتنا العربية ويتصرف بمسؤولية أخلاقية في مساعدة مجتمعاتنا وتلبية حاجاتها من الاستثمار، فإنه ومما لا شك فيه سيجد فرص استثمار أفضل يسعى من خلالها لزيادة حصته من الأرباح ويحقق أهدافه التي وجد من أجلها، علما بأن الجهاز المصرفي أو قطاع البنوك، إن جاز التعبير، هو المسؤول عن التقدم الاقتصادي في اليابان والعديد من الدول الأوروبية والصين، كما حافظ على قطاع إنتاج ينمو بشكل متواصل عزز المكانة الاقتصادية لهذه الدول وغيرها من الدول التي حققت تقدما ونموا اقتصاديا، لهذا فإننا ننتظر دورا رياديا ومبادرا لمصارفنا الإسلامية والاستعداد لمستقبل الاستثمار الواعد على امتداد ساحة الوطن العربي.