أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    29-May-2025

الشركات المساهمة: الأداء أولا.. لا وعود ورقية*رامي خريسات

 الغد

تشكل الشركات المساهمة العامة ركيزة أساسية في تعزيز النمو الاقتصادي وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، لما تمتلكه من قدرة على خلق فرص عمل واسعة تسهم في الحد من البطالة. إلا أن التجربة المؤلمة التي مرت بها البورصة، خصوصًا بعد أزمة 2008 التي شهدت تصفية عشرات الشركات المساهمة حيث يصعب تقديم حصيلة رقمية نهائية، مما ألحق ضررًا كبيرًا بثقة المستثمرين.
 
 
 قصتنا بدأت في 2008 حين دفع الحماس للنمو الاقتصادي توافد الطلبات العديدة لوزارة الصناعة والتجارة متضمنة دراسات جدوى ورقية، تبين لاحقاً أنها غير محقة على أرض الواقع، مما نجم عنه لاحقاً أن تم تصفية تلك الشركات المتعثرة. 
 النتيجة عاد الآلاف إلى صفوف البطالة، وتباطأ النمو الاقتصادي، إلى جانب تراجع الإيرادات المتأتية للخزينة العامة، فضلًا عن انتقال الأثر السلبي إلى القطاعين العقاري والتجاري. ومنذ ذلك الحين، توقف تأسيس شركات مساهمة جديدة، وجفت سوق الإدراجات والاكتتابات. 
وهنا مربط الفرس، الاكتتابات التي تحتاج لتطوير في مفهومها ليقوم على أساس نجاح الشركات الخاصة على أكتاف مؤسسيها أولاً ثم تطرح للاكتتاب، بعد إثبات الربحية وتقييم محايد للأصول واستقرار في الأداء لعدة سنوات.
ومن المهم أيضًا التوجه لتشجيع الشركات الخاصة، بما في ذلك الشركات العائلية، وكذلك الشركات الحكومية الرابحة، على التحول إلى شركات مساهمة عامة عبر الطرح العام الأولي (IPO) وبعلاوة إصدار مستحقة، مع الحفاظ على حقوق المؤسسين في ملكية مؤثرة ومقاعد بمجلس الإدارة، لضمان استمرارية الرؤية والإدارة. هذا النموذج يعزز ثقة المستثمرين ويعتمد الأداء المثبت بدلًا من الاكتفاء بوعود ورقية.
 وبالاستناد إلى تجارب الدول المتقدمة، من الأنسب أن تتولى وزارة الصناعة والتجارة إجراءات تأسيس واعلان تصفية الشركات فقط، في حين تُناط بهيئة الأوراق المالية صلاحيات ما بعد التأسيس، بما يشمل مراجعة دراسات الجدوى، ونشرات الإصدار وتحديد علاوتها، وتنظيم إجراءات الاكتتاب والتخصيص، والإفصاح، ومتابعة مكافآت الإدارة ومجالسها، إضافة إلى الرقابة على اجتماعات الهيئات العامة السنوية.
بمعنى آخر من المهم اتباع أحكام الرقابة الحصيفة أثناء ولادة الشركة، ومنها اعتماد آلية «بناء السجل» (Bookbuilding)  وهي من أهم الأساليب العالمية لتحديد السعر الاسترشادي قبل الطرح، بناءً على حجم الطلب الحقيقي وقوى السوق وقيمة الشركة الجوهرية.
وكإجراءات احترازية إضافية مستقبلية، من الضروري أن تتضمن التشريعات إجراءات إنذار مبكر للشركات المتعثرة تبدأ قبل بلوغ الخسائر نسبة 50 % من رأس المال كما هو معمول به في عدد من الأسواق المتقدمة والناشئة، فهناك بعض الأسواق تطالب الشركات بالتحرك عند بلوغ الخسائر 25-30 % تشمل إجراءات تصاعدية أهمها الإفصاح الخطط التصحيحية الأولية.
لقد حان الوقت لتحديث قانوني الأوراق المالية والشركات، وخاصة فيما يخص تنظيم الشركات المساهمة العامة، وإدخال المقترحات سابقة الذكر المتماشية مع أفضل الممارسات الدولية. وللعلم الارتقاء بمنصة الاقتصاد الوطني يقوم على أربع أذرع رئيسة تشكل دعائم النهوض أهمها الحكومة بإجراءاتها التحفيزية الداعمة، والجهات الحكومية المعنية بتطبيق قوانين الاستثمار والشركات والأوراق المالية. 
باختصار لكي تستعيد السوق الأولية نشاطها ودورها التنموي، من الضروري تطوير فلسفة الاكتتاب العام، ونحن على ثقة بأن الحكومة بما تملكه من إرادة تطوير وكفاءة ومجلس نواب متحمس، قادرة على قيادة هذا الإصلاح الضروري.