سيول: «الشرق الأوسط»
خفّض البنك المركزي الكوري الجنوبي سعر الفائدة للمرة الرابعة في إطار دورة التيسير النقدي الجارية، وذلك يوم الخميس، قبل أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية المبكرة، في محاولة لدعم الانتعاش الاقتصادي الذي تُثقل كاهله الرسوم الجمركية الأميركية.
وصوّت مجلس إدارة بنك كوريا، المؤلف من سبعة أعضاء، لصالح خفض سعر الفائدة الأساسي إلى 2.50 في المائة خلال اجتماع مراجعة السياسة النقدية، وهي نتيجة كانت متوقعة من قِبل جميع الاقتصاديين الـ36 الذين شملهم استطلاع «رويترز».
كما أصدر البنك المركزي توقعاته الفصلية المحدّثة للاقتصاد الكلي، مشيراً إلى نمو أضعف بكثير هذا العام عند 0.8 في المائة، انخفاضاً من التوقع السابق البالغ 1.5 في المائة في فبراير (شباط).
وكان البنك قد أبقى على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه السابق في أبريل (نيسان)، لكنه أشار حينها إلى أن ستة من أعضائه منفتحون على خفض الفائدة، في ظل المخاطر الاقتصادية المتزايدة الناجمة عن الرسوم الجمركية الأميركية.
ويأتي قرار الخميس قبل أقل من أسبوع من الانتخابات الرئاسية المبكرة المقررة في 3 يونيو (حزيران). ومن المرجح أن يلقى خفض الفائدة ترحيباً من كلا المرشحين الرئيسيين، الليبرالي الأوفر حظاً لي جاي ميونغ، والمحافظ كيم مون سو، اللذين تعهدا بزيادة الإنفاق لتحفيز النمو، بعد ستة أشهر من الاضطرابات السياسية التي بدأت بفرض الأحكام العرفية في 3 ديسمبر (كانون الأول).
ولم يسجل الوون الكوري أو العقود الآجلة على سندات الخزانة تغيرات كبيرة عقب الإعلان عن القرار. ويتوقع المحللون خفضين إضافيين في أسعار الفائدة بحلول نهاية العام الحالي.
ويستند هذا التوقع إلى تباطؤ التضخم الذي يقترب من هدف البنك البالغ 2 في المائة، وتدهور آفاق النشاط المحلي في ظل استمرار الضبابية العالمية.
وكان الاقتصاد الكوري الجنوبي قد انكمش بشكل مفاجئ في الربع الأول من العام، بفعل تباطؤ في الصادرات والاستهلاك نتيجة مخاوف مرتبطة بتداعيات الرسوم الجمركية الأميركية المشددة.
وقال بوم كي سون، الاقتصادي في بنك «باركليز»، والذي يتوقع خفضاً إضافياً بمقدار 25 نقطة أساس في أكتوبر (تشرين الأول): «نتوقع أن تكون وتيرة التخفيضات المستقبلية أبطأ من توقعات السوق»، مضيفاً أن «حزم التحفيز المالي التي تم الإعلان عنها قد تتبعها أخرى في النصف الثاني من العام. وفي ضوء محادثات التجارة الجارية مع الولايات المتحدة وتوقعاتنا بشأن تخفيضات الفائدة من قبل (الاحتياطي الفيدرالي) في ديسمبر (كانون الأول) 2025، نتوقع من بنك كوريا أن يتحرك بوتيرة تدريجية».
تأثير الرسوم على التجارة الكورية
قال البنك المركزي إن صادرات كوريا الجنوبية من السيارات والصلب وأشباه الموصلات ستتراجع مع دخول رسوم ترمب الجمركية حيز التنفيذ في وقت لاحق من العام.
وتوقع البنك في تقريره أن يُؤدي ضعف صادرات السيارات إلى انخفاض إجمالي الصادرات بنسبة 0.6 في المائة، وتراجع الصادرات إلى الولايات المتحدة بنسبة 4 في المائة، موضحاً أن شركات السيارات ما تزال تعتمد على مخزوناتها للتعامل مع رسوم الـ25 في المائة التي فرضتها واشنطن.
أما صادرات الصلب، فستتراجع بنسبة 0.3 في المائة، مع انخفاض بنسبة 1.4 في المائة في الشحنات إلى الولايات المتحدة، بحسب التقرير، الذي أشار إلى بدء التأثير في الربع الثالث بسبب تأخر الشحنات.
كما أشار التقرير إلى أن صادرات أشباه الموصلات ستتراجع بنسبة 0.2 في المائة، في ظل فرض رسوم أميركية متوقعة بنسبة 10 في المائة، رغم أن الطلبات المسبقة أسهمت حتى الآن في تقليص الأثر السلبي.
وفي السياق ذاته، قالت رابطة التجارة الدولية الكورية يوم الخميس إن الفوائض التجارية القياسية لكوريا الجنوبية مع الولايات المتحدة ستبدأ بالتقلص تدريجياً، مع استمرار الشركات في توسيع استثماراتها داخل السوق الأميركية.
وجاء في تقرير للرابطة: «من المرجح أن تشهد اختلالات الميزان التجاري بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة انحساراً تدريجياً، مع استمرار تدفق الاستثمارات طويلة الأجل في الولايات المتحدة».
وبحسب بيانات الرابطة، بلغت نسبة السلع الوسيطة المصدّرة إلى الولايات المتحدة 46.8 في المائة في عام 2024. وسجلت كوريا الجنوبية فائضاً تجارياً قياسياً بقيمة 55.6 مليار دولار مع الولايات المتحدة في 2024، بزيادة 25 في المائة عن عام 2023، مدفوعة بارتفاع صادرات السيارات، بحسب بيانات هيئة الجمارك الكورية.
وقد بدأت سيول بالفعل محادثات مع واشنطن منذ منتصف أبريل لصياغة حزمة تجارية تستهدف خفض الرسوم الجمركية بحلول 8 يوليو (تموز). وفي أحدث جولة محادثات الأسبوع الماضي، طالبت الولايات المتحدة كوريا الجنوبية بمعالجة الخلل الكبير في الميزان التجاري بين البلدين، حسبما أوردت وسائل إعلام محلية.
وأكدت الرابطة أن الفوائض التجارية المتزايدة لم تكن نتيجة ممارسات تجارية غير عادلة، بل ناجمة عن استبدال المنتجات الصينية في سلاسل التوريد الأميركية، وزيادة الطلب الأميركي، وتغيرات هيكلية في واردات الولايات المتحدة. وأوضحت أن 27.7 مليار دولار من أصل الزيادة البالغة 36.9 مليار دولار في الفوائض خلال السنوات الثلاث الماضية تُعزى لهذه العوامل.