أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    15-Apr-2024

"مصيدة" المهن الخطرة تفقد مشتركين وظائفهم طمعا بـ"التقاعد المبكر"

 الغد- هبة العيساوي

 لم يكن يعلم الممرض مهند الزيود، أنه سيقع في مصيدة التقاعد المبكر، بحجة أن مهنته كممرض في مركز صحي تابع للجامعة الهاشمية، تصنف من المهن الخطرة، ليتفاجأ بعد تقديم استقالته بأنه لن يحصل على راتب التقاعد المبكر.
 
 
وبرغم أن الزيود سأل المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي عبر النافذة الهاتفية، فيما إذا كانت مهنته خطرة، فأبلغوه بأنها خطرة، دون أن يشرحوا له بأن مهنة التمريض المصنفة كمهنة خطرة، محصورة بممرضي الجراحة والعناية الحثيثة والتعقيم في غرف العمليات بالمستشفيات، وهنا الخطأ الأول.
 
يشار إلى أن قانون الضمان الاجتماعي يعرف "المهن الخطرة" بأنها (المهن التي تؤدي إلى الإضرار بصحة أو حياة المؤمن عليه، نتيجة تعرضه لعوامل أو ظروف خطرة في بيئة العمل على الرغم من تطبيق شروط ومعايير السلامة والصحة المهنية).
نظام المنافع التأمينية الصادر بموجب قانون الضمان، يدرج ضمنه 42 مهنة خطرة رئيسة   (يمكن الاطلاع على قائمتها عبر بعد الدخول إلى زاوية: التشريعات/ نظام المنافع التأمينية، في موقع مؤسسة الضمان الإلكتروني www.ssc.gov.jo)، وقد أتاح القانون للمؤمن عليه في هذه الحالة، أن يطلب تخصيص راتب التقاعد المبكر له عند إكماله سن الـ55، شريطة أن تتوافر له مدة اشتراك لا تقل عن 18 عاما للذكور و15 عاما للإناث.
إلى ذلك، قدم الزيود استقالته من الجامعة الهاشمية وجرى قبولها، ليتقدم لمؤسسة الضمان للحصول على راتب التقاعد المبكر المستوفي لشروطه، كونه مسجلا كعامل في مهنة خطرة، ففوجئ بقرار المؤسسة الصادم له بأن مهنته غير خطرة، وغير مدرجة في النظام، وبالتالي فهو لا يستحق راتب التقاعد المبكر ضمن شروط العاملين في المهن الخطرة.
وقال الزيود إن "الجامعة قصرت بتصويب الأوضاع، لأن الضمان الاجتماعي أخبروني بأنهم يبعثون نشرات ورسائل هاتفية دوریة للتوعية، والخطأ كان من ضباط الارتباط بمتابعة من الجامعة، وهكذا علقت في المنتصف بين الجهتين، لقد كان التقصير مشتركا".
الغريب في القصة أن الزيود الذي كان يعمل ممرضا بمركز صحي الجامعة لـ17 عاما، وله اشتراكات سابقة في الضمان أيضا، وكان مسجلا بالجامعة ومؤسسة الضمان كمؤمن عليه عاملا في مهنة خطرة، وكانت الجامعة تدفع عنه النسبة الإضافية المحددة في القانون عن كل من يعمل في مهنة خطرة والبالغة 1 % من أجره الخاضع لاقتطاع الضمان، واستمر ذلك لأعوام.
وأخيرا خسر الزيود وظيفته في الجامعة التي رفضت إعادته للعمل، بالرغم من قرار الضمان الواضح بأن تسجيله في مهنة خطرة من الجامعة لم يكن صحيحا، وبالتالي خسر  أيضا فرصة الحصول على راتب التقاعد.
والآن فإن الزيود بانتظار الرد من مؤسسة الضمان، فقد قدم للمؤسسة طالبا قبول انتسابه بصفة اختيارية بأثر رجعي من تاريخ استقالته، لاستكمال مدة الاشتراك القليلة المتبقية لاستحقاقه راتب التقاعد المبكر لغير العاملين في المهن الخطرة، ويفترض بأن تقبل المؤسسة طلبه من باب التسهيل واستدراك الخطأ وتخفيف نتائجه.
ضحية أخرى من ضحايا المهن الخطرة، هو الموظف نضال يوسف الزين، والذي كان يعمل مديرا للعمليات والأمن والسلامة العامة في قرية العقبة للخدمات اللوجستية منذ العام 2015.
وبناء على تعميم جاء من رئاسة الوزراء في العام 2016، بأن منطقة العقبة، بخاصة مناطق الموانئ يوجد فيها مخاطر وحوادث، لذلك طلبوا من سلطة منطقة العقبة الاقتصادية متابعة الموضوع، وكانت تأتي لجانا من مؤسسة الضمان للكشف والتفتيش.
وقررت المؤسسة، أن عاملين في القرية ومنهم الزين، هم من المهن الخطرة، يجب أن يدفع صاحب العمل عنهم وبأثر رجعي نسبة 1 %، وأيضا مع مخالفة. وبعد مفاوضات بين القرية والمؤسسة توصلوا لاتفاقية المخالفة والنسب بأثر رجعي.
ولكن بعد نحو 5 أعوام ونصف العام، تحول الزين بقرار من شركته إلى مدير عمليات فقط، وخاطبوا المؤسسة كي لا يدفعوا عنه نسبة 1 %، وبعد 9 أشهر أخبره المدير بأنه سينهي خدماته لكي يتقاعد مبكرا على المهن الخطرة.
ولكي يتأكد من وضعه، زار الزين فرع المؤسسة في العقبة، فأكدوا له أنه في مستهل تشرين الثاني (نوفمبر) 2022، يستوفي شروط التقاعد المبكر على المهن الخطرة. وأكد عليه موظف الضمان، أنه ليس لديه أي مشكلة لكن يترتب عليه فقط دفع اشتراكات اختيارية وبعدها يتقدم للتقاعد المبكر.
ولكن الزين تفاجأ بوجود أخطاء متراكمة وأمور غير مفهومة بين شركته والضمان وضابط الارتباط، جعلت منه ضحية أخرى لهذا النوع من التقاعد. 
الناطق الإعلامي باسم مؤسسة الضمان محمود المعايطة، قال يجب على المؤمن عليه، قبل تقديم استقالته التأكد من المؤسسة التي يعمل بها أولا، ومن الضمان ثانيا، بأن مهنته مصنفة كمهنة خطرة.
وأضاف المعايطة، أن الخطأ قد يكون من المؤمن عليه الذي يرغب بالحصول على التقاعد المبكر دون التأكد من أن مهنته خطرة، وربما يكون الخطأ أيضا من ضابط الارتباط بين مؤسسة الضمان والمؤسسة التي يعمل بها المؤمن عليه، بحيث لم يكن على دراية بتصنيف المهنة.
وأكد على أن مؤسسة الضمان، تنشر حملات توعية باستمرار حول هذا الأمر، وتشدد على المؤمن عليهم في التأكد من تصنيف مهنتهم قبل تقديم الاستقالة من مكان عملهم للحصول على التقاعد المبكر.
يشار إلى أن قانون الضمان، أجاز للمؤمن عليهم العاملين في أي من المهن الخطرة المعتمدة في النظام، طلب التقدم للحصول على راتب التقاعد المبكر في حال انتهاء خدماتهم، شريطة إكمالهم سن الـ45 مع فترة خدمة أقل من سواهم من العاملين بالمهن الأخرى، بحيث لا تقل اشتراكات المؤمن عليهم عن الـ180 اشتراكا، وألا تقل اشتراكات المؤمن عليهم عن الـ216 اشتراكا. 
ويشترط أيضا أن تؤدي المنشأة التي كان يعمل المؤمن عليه لديها 1 % من أجره زيادة على اشتراكات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة لمدة لا تقل عن 60 شهرا (اشتراكا) خلال الأعوام العشر السابقة على طلبه، تخصيص هذا الراتب.
خبير التأمينات والحماية الاجتماعية موسى الصبيحي أكد أن العديد من المؤمن عليهم يتقدمون لطلبات الحصول على راتب التقاعد المبكر، كونهم كانوا مسجلين لدى الضمان كعاملين في مهن خطرة، ثم يفاجأون بعد أن تتحقق مؤسسة الضمان من مهنهم بأنها لم تنصف ضمن المهن الخطرة، وأنهم بالتالي لا يستحقون راتب التقاعد المبكر ضمن شروط الحصول عليه للعاملين في أي من المهن الخطرة، المدرجة على جدول خاص والمعتمدة وفقا لنظام المنافع التأمينية الصادر بموجب قانون الضمان.
ورأى الصبيحي، أن جميع هذه الأطراف كانت شريكة في الخطأ، وكلها تتحمل المسؤولية، فعلى العامل أن يتحقق من أن مهنته خطرة فعلا ومن أنه مستوف تماما لشروط الحصول على التقاعد المبكر كعامل في مهنة خطرة قبل أن يقدم استقالته من مكان عمله.
وأوضح أن على ضابط ارتباط في مكان العمل مع الضمان، بأن يكون أكثر فهما ودقة وإلماما بتفاصيل قانون الضمان وأنظمته، وأن يتحقق عبر تواصله مع الضمان فيما إذا كانت هذه المهنة خطرة أم لا، وفقا للمعتمد لدى الضمان.
وقال إنه على مؤسسة الضمان أيضا، ألا تسجله كعامل في مهنة خطرة إلا بعد التأكد والتحقق من مهنته وألا تتقاضى من مكان العمل نسبة الاشتراك الإضافية عنه (1 % من أجره) إلا بعد التحقق.
وبين أن على مكان العمل ألا يقبل بإنهاء خدماته، إلا بعد التحقق من استيفائه لشروط التقاعد المبكر للعاملين في المهن الخطرة. مبينا أنه لكي لا يقع العامل ضحية كل هذه الأخطاء، ويقع غيره مثله أيضا، وحتى لا تضيع فرصة العامل في التقاعد المبكر، فيجب أن يكون هناك وضوح أكثر بين جميع الاطراف المسؤولة.
وقال الصبيحي "نصيحتي لكل مؤمن عليه مسجل لدى الضمان كعامل في مهنة خطرة، لا تخرج على التقاعد كونك تعمل في هذه المهنة حتى لو انطبقت عليك الشروط، ما لم تكن اشتراكاتك في الضمان بشكل عام تقل عن (28) عاما وزاد عمرك على الـ50، أو إذا كنت مضطرا لذلك من ناحية صحية".
ورأى أن التقاعد المبكر للعاملين في مهن خطرة ليس فيه أي ميزة على الإطلاق سوى الخروج من سوق العمل بسن مبكرة، فهو راتب خاضع للتخفيض الكبير ولا سيما عند سن الـ45، وغالبا ما تكون مدة الاشتراك قليلة للعاملين في المهن الخطرة، بحيث يتيح لهم القانون بشروط ميسرة من ناحية مدة الاشتراك في حدها الأدنى (18 عاما للذكور، و15 عاما للإناث)، وهذا بالتأكيد سينتج عنه راتب تقاعدي إجمالي "شامل للزيادات كافة" ضعيف قد لا يزيد على 47 % من متوسط الأجر الذي احتسب على أساسه.
وحذر الصبيحي المؤمن عليهم العاملين في مهن خطرة، من اللجوء إلى طلب التقاعد المبكر حتى لا يفاجأوا براتب تقاعد غير مُرضٍ.
يشار إلى أن مصطلح المهن الخطرة دخل إلى قانون الضمان لأول مرة في القانون رقم (1) لسنة 2014، والذي بدأ العمل بهفي مستهل آذار (مارس) 2014، وعمل بالأحكام الخاصة بالتقاعد المبكر للعاملين في المهن الخطرة في آذار (مارس) 2015، وحددت هذه المهن بجدول خاص، ملحق بنظام المنافع التأمينية لمؤسسة الضمان.