أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    18-Sep-2017

«المساءلة الطبية».. صراع مصلحي.. وقواعد متشابكة *احمد حمد الحسبان

 الدستور-من افضل ما سمعت عن مناقشات الأطراف المعنية بقانون المساءلة الطبية وصفها بانها تشبه» المصارعة»، ولكن دون حلبة، ودون أرضية محددة تنحصر فيها النقاشات ضمن أطر، يمكن ضبطها، والبناء عليها. 

فعلى الرغم من مضي عقود من الزمن على بدء مناقشات القانون كفكرة، ومن ثم كمقترحات، ومن بعدها كمسودة، ثم كمشروع قانون، ما زالت الأرضية التي تجري عليها الاحداث غير محددة، وما زالت الأمور تدور حول المربع الأول، وتعود الى ذلك المربع بعد كل خطوة الى الامام. 
السبب في ذلك هو صراع المصالح من جهة، وعدم قدرة الطرف المقابل على الاعتراف بمنطقية بعض الطروحات من جهة أخرى، والنتيجة الحتمية هنا ان المريض هو من يدفع الثمن.
فالمصلحية واضحة من خلال طروحات النقابات الطبية، وتحديدا نقابة الأطباء التي ترى ان مهمتها أولا الدفاع عن مصلحة منتسبيها، فالنقابة تريد ان يقر القانون دون ان يكون على الطبيب اية مسؤولية عن اية أخطاء تحدث الا اذا ثبت انها أخطاء متعمدة، وهذا غير ممكن؛ لانه لا يمكن ان نجد طبيبا يتعمد الأخطاء بحق مريضه. 
والنقابة بالتالي تريد ان تقوم جهات أخرى بالتامين على المريض ضد الأخطاء، كان تقوم مؤسسته التي ينتمي اليها، او شركة التامين التي هو مؤمن عندها باجراء التامين، وترى ان الزام الطبيب بالتامين على مرضاه ضد الأخطاء الطبية يساوي ارتفاع الكلفة بحكم اضطراره الى طلب فحوصات وإجراءات ليست ذات أولوية كنوع من التحوط وخوفا من الوقوع في الخطأ.
وفي المقابل يأتي الرد بإن الزام المؤسسة او شركة التامين بهذه المهمة من شانه ان يرفع الكلفة، بمعنى ان على المريض ان يتحمل كلفة ذلك القانون كاملة. 
هناك أمور منطقية تتهرب منها الجهات الرسمية، وتتمسك بها الأطراف الأخرى، وتتمثل بتهيئة الظروف المناسبة لعدم حدوث الأخطاء الطبية. 
فالقطاع الطبي يثير قضية في غاية الأهمية، وتتمثل بالطلب الكبير على الخدمات الصحية في القطاع العام، مقابل شح في الإمكانيات، والكوادر اللازمة، بحيث يضطر الطبيب الى فحص ومعالجة مئات المرضى يوميا.
وفي ظل مثل هذا العدد من المراجعين لا يمكن لاي طبيب ان يقدم الخدمة الطبية كاملة، ولا يمكن الا ان تقع بعض الأخطاء، وقد تكون أخطاء قاتلة في الكثير من الأحيان. 
هنا، من غير المنطق ان نحمل الطبيب وحده المسؤولية عن الأخطاء الطبية، ومن غير المقبول ان يبيح القانون مثل تلك الأخطاء. 
وهنا يبدو المشهد اكثر تعقيدا، فلا الحكومة قادرة على تطوير خدماتها بما يتماشى مع المعايير الدولية اللازمة، ولا هي قادرة على ضبط إيقاع المشهد بصورته العامة بما يضمن حق المريض. 
وفي المقابل، يتمسك القطاع الطبي بمبرراته لرفض القانون، ويواصل المريض دفع ثمن كل تلك التناقضات. 
كل ذلك لا يعني التراجع عن وضع قانون للمساءلة الطبية، ففي المحصلة هناك سلطة تشريعية، الأصل فيها انها قادرة على المواءمة بين كل تلك التقاطعات وصولا الى قانون ينصف الأطراف المعنية ولو كان الانصاف نسبيا.