أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    17-Jun-2020

فرص حقيقية أم استعراضات حماسية..؟*ابراهيم القيسي

 الدستور

الإنسجام؛ هو التعبير الذي يردده مختصون عند وصفهم لأداء المؤسسات الحكومية أثناء جائحة كورونا، وصف، يعبر إلى حد بعيد عن الحقيقة، لكن هل هذا النموذج من الأداء يمكننا أن نتوقعه لو لم يكن هناك قانون دفاع وحالة استثنائية؟ السؤال ليس جدليا، لأن دولتنا دولة قانون ومؤسسات، وفيها جهات رقابية دستورية، لم تكن تعمل أثناء تلك الفترة، ومن الطبيعي أن يتم طرح هذا السؤال على الحكومات وفي الرأي العام، وهذا لا يؤثر على حقيقة «الانسجام» والشفافية والرشاقة والسرعة في تنفيذ الإجراءات التي رصدناها في الأشهر الثلاثة الماضية، بل إن مثل هذه الحالة تعتبر واحدة من الإيجابيات التي لم نلمسها سابقا ونتمنى دوامها، وهذا ما يجب تعميمه عند عودة كل أطراف الحياة العامة للعمل وفق الدستور والقوانين.
 
تتوالى الأنباء غير معروفة المصادر، والتحليلات والاستنتاجات الحائرة التي تتحدث عن محاولة الحكومة تحويل التهديدات الى فرص، وتتحدث عن مساع حكومية لو صحت الأخبار بشأنها ستضعنا أمام احتمالين، أحدهما سيئ مرفوض ولن تقبل به الحكومة نفسها، والآخر مطلوب، نتمنى أن تنجح الحكومات في الوصول إليه، لأنه إصلاح إداري وسياسي يقدم فرصة تاريخية لحل مشاكل الترهل والبيروقراطية، ومكافحة كثير من مظاهر الضعف في الأداء، التي سرعان ما تصبح نوافذ للفساد، ويتسبب في مزيد من الإرباك والأزمات متعددة الرؤوس.
 
صدرت كثير من التعليمات عن أوامر الدفاع، لحماية مختلف القطاعات، وقد ظهر رئيس الوزراء في أكثر من تصريح، وأوصل فكرة مفادها بأننا نعلم بأن بعض الإجراءات قاسية على الناس وعلى الموظفين في القطاعين، وأن هذا من التداعيات الطبيعية التي تفرضها هذه الأزمة وأية أزمة مشابهة، وهنا لا ننسى بأن كثيرا من الإجراءات والتعليمات قدمت في الوقت نفسه دعما وتسهيلات للناس ولمختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والمهنية، وهذا تذكير تتطلبه الموضوعية.
 
والموضوعية نفسها تتطلب أيضا التحذير من إجراءات تمس القطاع العام لو صحت الأخبار بشأنها، وهي المتعلقة بوقف خدمات وجهود موظفي القطاع العام، حين يقدمونها لمؤسسات حكومية أخرى، وهي موجودة في كل القطاعات، في التعليم والصحة والثقافة والاعلام وفي مجالس الادارات وبين المؤسسات العسكرية والحكومية، وتأتي من باب الاستفادة من خبرات موظفي القطاع العام في القطاع العام نفسه، وهذا ليس بالأمر الجديد لا على الأردن ولا على اية دولة حسب معلوماتي، وتلجأ إليه الحكومات والمؤسسات الرسمية لأسباب كثيرة وكلها وجيهة، وثمة قوانين كثيرة تعطي الأولوية لموظفي القطاع العام في كثير من المجالات للاستفادة من خبرتهم وجهودهم في القطاع نفسه، ولا يعني هذا جمعا بين وظيفتين، بل يجري الأمر بتعويض الموظفين بمكافآت بسيطة وحوافز لقاء تقديمهم هذه الجهود، وهن اك عشرات الآلاف من الموظفين الذين يقدمون مثل هذه الأعمال بين مؤسسات من ذات الاختصاص أو تتقاطع مع بعضها في مجال ما.
 
الخطورة في الأمر قد لا تظهر اليوم وفي عهد الحكومة الحالية، أو أية حكومة تشرع بمثل هذا الإيقاف لهذا النوع من العمل الحكومي، بل سرعان ما سيستغل هذا حكومات أخرى وقوى سياسية وأخرى ضاغطة على الحكومات، وتقوم بإحلال كفاءات جديدة في مثل هذه المواقع التي تتطلب خبرات في مجالات ما، وهذا بدوره علاوة على أنه سيكون سببا جديدا في ازدهار الواسطات والمحسوبيات والتنفيع، سيكلف الدولة نفقات أكثر مما كانت تقدمه لموظفي القطاع الحكومي الذي يقدمون تلك الخدمات حين يتم إحلال كفاءات وخبرات أخرى من القطاع الخاص، علاوة على تأثر هؤلاء الموظفين العاملين حاليا بمثل هذا الإجراء لأنهم سيفقدون جزءا من دخولهم المالية، وهذا سيكون له انعكاس على أدائهم في وظائفهم الأصلية.