أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    07-Mar-2019

الجاج ودولة الإنتاج*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور-العنوان جادّ؛ وليس ساخرا، وثمة فيه مضامين مهمة، تعطينا مثالا قويا على إمكانية تطوير أدواتنا وقراراتنا وربما تشريعاتنا، لنكون دولة إنتاج ونخطو خطوات على طريق النهضة، وذلك إن نحن صممنا حقا على تغيير أنماط تعاطينا مع القضايا الوطنية التي تطرحها الحكومات..

قطاع الدواجن هو قطاع صناعي – زراعي في الوقت نفسه، وأصبحت صناعة الدواجن متطورة جدا في الأردن، وتقدم إنتاجا غزيرا، وبجودة عالية تنافس في الأسواق العالمية.. حيث أصبح الانتاج من الدجاج اللاحم يغطي الحاجة المحلية بل ويزيد عنها بنسبة أكثر من 20 %، ومع ذلك ما زلنا نستورد دجاجا مجمداً كاملا ومقطعا و»مقرمشا» !..فهل هذا الوضع طبيعي؟..أعني ماذا لو امتنعنا عن استيراد هذه السلعة وقمنا بتصنيعها محليا؟ فكم من فرصة عمل تتوفر، وكم من قطاع ومنطقة ستنتعش اقتصاديا؟.. يبدو أن العوائق حكومية وتخضع لقوى السوق..
أكد لي أكثر من صاحب شركة من الشركات والمصانع الأردنية المعروفة في الأردن، والتي تقدم انتاجها بشكل يومي للمستهلك الأردني، بأن ثمة حوالي 2000 فرصة عمال لعمال مهرة، قد تتوفر لو نحن اوقفنا استيراد بعض أنواع الدجاج المجمد، وقمنا بفتح المجال للمستثمرين بهذا القطاع ليفتحوا خطوط إنتاج جديدة لمثل هذه السلع، كالدجاج المسحب والزنجر والبرغر والمرتديلا وسائر الصناعات التي تعتمد على لحوم الدواجن، والتي تنتشر بكثافة في أسواقنا، علاوة على توفيرنا سيولة للدولة أكثر من تلك التي تتقاضاها كرسوم جمركية على استيراد هذه السلع من الخارج، وفي الوقت نفسه تخفف استنزاف العملات الصعبة الى خارج البلاد جراء الاستيراد !.
حضرت جانبا من اجتماع وزير الزراعة مع المستثمرين في هذا القطاع والذين يمثلون المصانع والشركات المعروفة لدى الأردنيين وضيوف الأردن أيضا، ويعرفها مواطنون في دول عربية شقيقة يعتمدون على انتاج هذه المصانع الأردنية في مائدتهم اليومية، وتجلّى المفهوم العملي المتقدم الذي تحاول وزارة الزراعة أن تحققه بشكل ملموس للناس وللدولة، وهو تعزيز الإنتاج المحلي وتعظيمه وتهيئته للمنافسة وتوفير فرص عمل للأردنيين، والتخلي عن كثير من المفاهيم الاستهلاكية التي تستنزف العملات الصعبة، وتحرم البلاد من فرص لتنمية اقتصادية حقيقية، حين تضيع فرص العمل هذه، وتتجمد أنماط التفكير والانتاج عند حدود بعض القرارات القديمة التي تكرّس الاستيراد من الخارج، وتجعلنا ندفع على السلع مبالغ طائلة بسبب القيمة المضافة على التصنيع والتبريد والتجميد والتقطيع التي تجري في الدول الأخرى، علما أن «طير الجاج» هو هو، وننتجه في الأردن بغزارة.. فلماذا لا يتم توسيع مجال الانتاج والتصنيع في الأردن ومن سلع أردنية بالكامل؟.. ولعل الإجابة على هذا السؤال توضح المفهوم الذي يتضمنه عنوان المقالة.
تتوجه وزارة الزراعة الى تهيئة كل الظروف لمنتجي ومزارعي ومصنعي «الدواجن»، من خلال تقليص حجم الاستيراد لبعض أنواع الدجاج المجمد المستورد، حيث يقول  أحد المستمرين في هذا القطاع: لو توقفنا عن استيراد 40 الف طن من الدجاج المقطع والمجمد والمسحب التي نستوردها سنويا من أسواق الخارج، وقمنا بتصنيعها داخل الأردن، فهذا سيوفر 1000 فرصة عمل، ويكون العائد على الدولة من الضرائب على «الأعلاف» أكثر من العائد عليها من الجمارك حين تستورد هذه الكمية من هذه السلعة، حيث أن مزارعي الدواجن سيتوسعوا في انتاج الدجاج الحي في مزارعهم لتغطية حاجة السوق من هذه السلعة، الأمر الذي يتطلب زيادة مشترياتهم من الأعلاف، ويفسح في الوقت نفسه المجال لكثير من المشاريع الصغيرة المتعلقة بهذه الصناعة المحلية..حيث يقوم المستثمرون بتوسيع مصانع وخطوط انتاجهم من المرتديلا والدجاج المسحب وكافة أنواع المأكولات التي يدخل فيها لحم الدجاج، وتتعزز ثقافة القيمة المضافة في التعليب والتغليف وغيرها ويدشن المستثمرون لها مشاغل ومصانع محلية وبأيد أردنية..
إذا فالعملية مطلوبة وسهلة وممكنة، وهي أصلا موجودة، لكنها ستتعزز أكثر وتفتح آفاقا أخرى كثيرة، توفر للناس فرص عمل ومصادر دخل..
لماذا لا نقدم كل التسهيلات لوزارة الزراعة ونتفاعل مع مثل هذه الأفكار وننفذها بشكل سريع؟ السؤال موجه للحكومة بالطبع ولكل من له علاقة بالاستثمار ويسعى لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويرسي مفاهيم دولة الانتاج.. 
في القطاع الزراعي الأردني فرص كثيرة، تؤكد بأنه أكبر قطاع مؤثر في الناتج المحلي حسب الإحصائيات الرسمية وغيرها..فلا تذعنوا لحيتان وهوامير السوق، والتفتوا الى الأرض الأردنية وبركتها، فهي ليست بعاقر ويمكن لأهلها أن يعيشوا فوقها من خيرها وأن يناموا تحتها بكرامة.