أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    15-Dec-2017

الاستثمار المستدام *حسني عايش

 الغد-تكافح جميع البلدان المتخلفة والنامية من أجل الاستثمار المحلّي والأجنبي فيها، وتضع القوانين والأنظمة والتعليمات التشجيعية من أجل ذلك. ومع هذا لا يتقدم ما يكفي من المستثمرين للاستثمار فيها، فتعيد النظر في تشريعاتها المرة تلو المرة لإغرائهم وجذبهم، ومع هذا لا يأتي إلا القليل أو الصيادون أو لا يأتي أحد.

لماذا؟ لأن رجال الأعمال/ المستثمرين أذكياء يعرفون القِدرة "وغطاها" كما يقال، فلا يضحون بأموالهم ووقتهم وسمعتهم ومستقبلهم في الاستثمار في بيئة غير آمنة محلياً أو إقليمياً، أو في بلد غير عادل قضائياً، أو متعصب على نحو أو آخر. إنهم يستثمرون في بلد صفاته بالعكس.
نعم، قد يستثمر بعضهم في مجالات سريعة العائد كما في الأسواق المالية حيث يمكن أن يسحب المستثمر أمواله ويفّر بها عندما يلمح تطوراً سلبياً ما يهددها.
في استثماراتهم خارج بلدانهم لا يعتمد رجال الأعمال/ المستثمرون على القوانين والأنظمة والتعليمات فقط المسهلّة للاستثمار في بلد ما، وإنما يلجأون إلى المؤسسات الدولية والشركات الاستخبارية التي تعرف عن المجتمع أو البلد وما تخفيه القوانين والأنظمة والتعليمات من مشكلات وإشكالات وعيوب وأخطار.
عندما تفشل القوانين والأنظمة والتعليمات في بلد ما أو سياسة تشجيع الاستثمار فيه في جذبه فاعلم عدم إيمان رجال الأعمال/ المستثمرين بحاضره أو تشككهم في مستقبله، وأن أبناء البلد وبناته قد لا يستثمرون فيه، بل يحولّون أو يهرّبون أموالهم منه إلى الخارج ويستثمرون فيه.
ولما كان الأمر كذلك – وهو كذلك – فإن المكتوب يُقرأ من عنوانه، أي يعرف واقع البلد أو حتى مستقبله من عدد ونوع وعمق الاستثمار فيه. ومن ذلك أنه إذا كانت الاستثمارات فيه مالية وتجارية أو في مشروعات سريعة المردود أو قصيرة العمر، فإنها دليل على الشك أو عدم الإيمان في وضع البلد ومستقبله والعكس يدل على العكس وهو الاستثمار المستدام.
الغريب في الأمر من الناحية التاريخية والسياسية لجوء البلدان المستعمرة (بفتح الميم) إلى تأميم الاستثمارات الأجنبية فيها بعد الاستقلال كعلامة عليه، واستجداء الاستثمارات الأجنبية بعد فشله. مجرد لفت نظر أول أو تذكير.
***
أما لفت النظر أو التذكير الثاني ذو الدلالة الخفية على الناس التي تلح عليّ لإظهارها، فهي مستمدة من قصر نظر وسلوك طالبان والقاعدة وداعش التي تعمل باسم الإسلام، وتترجمه في الميدان نيابة عن المسلمين بتدمير الآثار التاريخية باعتبارها أصناماً أنشأها الكفار وبقيت قائمة إلى اليوم. ولأن التكفير يولّد الطاقة، فقد قامت هذه الجماعات بتدميرها في أفغانستان والعراق وسورية وليبيا وبحماسة شديدة جداً بزعم تقربهم إلى الله، وكأنها تنفذ إحدى الوصايا العشر الواردة في التوراة: قال يهوى مخاطباً "موسى عليه السلام": "أنا هو الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر ديار عبوديتك. لا يَكنْ لك آلهة أخرى سواي. لا تنحت لك تمثالا، ولا تصنع صورة ما مما في السماء من فوق، وما في الأرض من تحت، وما في الماء من أسفل الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهن، لأني أنا الرب إلهك، إله غيور" (سفر الخروج: الإصحاح 20/53).
ولما كانت فكرة الصنم وتجلياته الأثرية في نظر هؤلاء مستمرة، فإن من الخطورة بمكان على الآثار التاريخية وبخاصة في هذه المنطقة من العالم حيث انطلقت الحضارات الأولى كما في مصر وسورية والعراق، أن يصل هؤلاء أو أساتذتهم الذين فرخوهم في الأوكار وأطلقوهم في الأنصار، إلى الحكم، فيدمروا آثارها تماماً.
ولم لا فقد تتوسع في الفكرة، وتعتبر العمارات الشاهقة أو ناطحات السحاب أصناماً يجب تدميرها كما فعلت القاعدة بناطحتي السحاب في أميركا في 11/9/2001 وقد يصل التطرف الفكري الإرهابي عندها إلى حد اعتبار الكعبة صنماً يعبده المسلمون من دون الله ويدورون ليل ونهار حوله فيدمرونها كما فعل القرامطة وغيرهم من قبل.