أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    06-Apr-2020

الاختلالات في الاقتصاد الأردني!؟*محمد البشير

 الراي

يعاني الاقتصاد الأردني من أزمة هيكلية تتمثل بارتفاع حصة الخدمات من الناتج المحلي الاجمالي (67%) والصناعة والزراعة بحدود (33%) انعكاساً لازمة المالية العامة التي عصفت في الاردن منذ ثلاثة عقود، فيما يلي قراءة لبنود هذه الاختلالات:
 
أ. ارتفاع النفقات العامة وخاصة الجارية في الموازنة العامة وتراجع النفقات الرأسمالية مما شكل ضغطاً كبيراً على الضرائب والرسوم والمديونية على حدٍ سواء ووفق ما يلي:
 
1. ارتفاع بند الرواتب ومشتقاتها لتشكل ما نسبتها (46%) من النفقات العامة حيث تضمن هذا البند اختلالات تتمثل بفجوة كبيرة بين رواتب موظفي القطاع العام بشكل عام بينها وبين رواتب موظفي الوحدات المستقلة على وجه الخصوص.
 
2. ارتفاع نفقات وزارة الدفاع بشكل ملحوظ رغم اهمية دعم القوات المسلحة من موارد بشرية او تسليح بما يحقق الامن الوطني اولاً ودائماً.
 
3. ارتفاع فاتورة التقاعد المدني خاصة بعد ان قامت الحكومة الحالية باحالة من وصل الستين من العمر او وصلت خدمته الى (30) عاما الى التقاعد.
 
4. ارتفاع خدمة المديونية والتي قاربت فاتورة التقاعد سنوياً.
 
5. التفقات الاخرى والتي تنوعت ما بين الدعم النقدي والمعالجات والجامعات واعادة الهيكلة وتسديد التزامات سابقة!؟
 
6. تواضع بند النفقات الرأسمالية مما خفض من نفقات البنية التحتية (الصحة، التعليم، النقل) واثر بالنتيجة على البيئة الاستثمارية التي يحتاجها المستثمرون.
 
ب. العبث بالضرائب
 
منذ عقدين ونصف من الزمن عبثت الحكومات بالملف الضريبي انعكاساً لسيطرة قوى اقتصادية وقيادات سياسية تقليدية على القرار في الاردن بعد ان قامت الحكومات او مجالس النواب بالتلاعب بالملف الضريبي حيث تم احلال قانون ضريبة المبيعات بدلاً من قانون ضريبة الدخل من حيث تغيير معادلة التحصيلات الضريبية فالضريبة على المبيعات المرتفعة التي تبدأ على مدخلات الانتاج، وعلى المنتج النهائي، والضريبة على قطاع الطاقة والاتصالات بالنسب المعروفة ساهمت في ارتفاع كلف السلع والخدمات المقدمة بشكل عام مما عزز من تنافسية السلع المستوردة في السوق المحلي للصناعة الوطنية من جهة وعدم قدرة سلعنا المصدرة من منافسة السلع الاجنبية في الاسواق الخارجية من جهة اخرى بالاضافة الى ان هذا العبث ادى الى اختفاء مدخرات الافراد والمؤسسات على حدٍ سواء ورفع من ودائع الاغنياء في البنوك حيث وصلت الى ارقام غير مسبوقة لا بل ادى هذا الواقع الى انكماش اقتصادي ومديونية وصلت الى (27) مليار دينار على الافراد والمؤسسات.
 
ج. المديونية
 
هذه السياسات المالية (ارتفاع النفقات والعبث في الضرائب) زادت بموجبها ضريبة المبيعات والجمارك (4) اضعاف ضريبة الدخل ودفع الحكومات الى اللجوء للمديونية حيث وصلت خلال العقدين الماضيين الى (30) مليار دينار وبمبلغ قريب من الناتج المحلي الاجمالي....
 
هذه السياسات المالية (نفقات، ضرائب، مديونية) عكست نفسها عبر التشريعات الاقتصادية على القطاعات الاقتصادية الثلاثة (الصناعة، الزراعة، الخدمات) حيث تأثرت قطاعات الزراعة والصناعة لخضوعها مباشرة للضرائب غير المباشرة مما حد من مساهمتها في الناتج المحلي الاجمالي وخفض من نسبة النمو ورفع العجز في الميزان التجاري واثر على ميزان المدفوعات ورفع من نسبة البطالة والفقر وادى بالنتيجة الى الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي نعيش والى توسيع الفجوة بين صانع القرار بسلطاته المختلفة ومختلف فئات الشعب وقواه المختلفة سواء كانت ضريبية او مهنية عمالية او تعاونية، خيرية او غيرها.
 
ان نجاح الحكومة واجهزة الدولة المختلفة في احتواء كورونا ضيّق من فجوة الثقة التي عانت منها الدولة بشكل عام وإن تفاعل الناس التزاماً بقرارات الدفاع والحكومة على حدٍ سواء، خلقت فرصة تاريخية لاعادة قراءة المشهد من جديد، واصبح المطلب الوطني الحقيقي برأيي يبدأ باصلاح سياسي قائم على :
 
1. قانون احزاب ديمقراطي مرن يعطي للاحزاب دوراً في الحياة السياسية وتكون الاحزاب عمادها ومرجعاً للانتخابات النيابية وتشكيل الحكومات واداة من ادوات الرقابة على اداء مؤسسات الدولة المختلفة مع باقي مؤسسات المجتمع الرقابية الاخرى.
 
2. قانون انتخاب ديمقراطي يعزز من دور الاحزاب ويحقق العدالة من خلال نظام انتخابي يساهم في التخفيف من دور العصبيات الضيقة سواء كانت عشائرية او جغرافية او طائفية....الخ.
 
3. تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات والتأكيد على حصانة الجهاز القضائي ومنحه الاستقلال المالي والاداري وكف يد السلطات التنفيذية واجهزتها في التدخل بعمله، هذا هو مدخلنا لاصلاح اقتصادي يتضمن:
 
• هيكلة النفقات الجارية سواء كان ذلك في القطاع المدني او العسكري وخاصة منها فجوة الرواتب في الوحدات الحكومية او المستقلة من خلال تسقيف الرواتب وازالة التشوهات التي احدثتها الحكومة عبر وحداتها المختلفة.
 
• معالجة الخلل الضريبي بتخفيف ضريبة المبيعات على السلع الاساسية ذات المساس الواسع بالطبقة الوسطى والدنيا واعفاء مدخلات الانتاج الصناعي والزراعي من ضريبة المبيعات والاستعاضة عنها بضريبة تصاعدية مرتفعة على السلع الراقية والمسماة نخب اول وتخفيضها على السلع الشعبية ورفع ضريبة الدخل على الارباح وتصاعدياً بحيث تشمل النسب والشرائح تصاعداً يعفي صغار الكَسَبة ومتوسطي الدخول من الضريبة ويرفعها على الشرائح العليا لتحقيق موارد للخزينة تعيد من توزيع الثروة وتحقق انتعاشاً اقتصادياً يأمن من خلال تخفيض كلف المنتجات الزراعية والصناعية والخدمية نظراً لتأثير الضريبة على السلع والطاقة والمياه والاتصالات... الخ.
 
• معالجة المديونية وعبئها من خلال تكثيف الجهد للاستفادة من خطة دعم مجموعة العشرين التي رصدت (5) ترليون لدعم الدول المتضرة من آفة كورونا خاصة الدين الخارجي والعمل على جدولة المتبقي من المديونية بفوائد صفرية او لا تزيد عن (2%) علماً ان ازمة المالية العامة بمعالجة المديونية وهيكلتها كفيلة بتسديد اقساط الدين وخدمته واصلاح ازمة الاقتصاد الاردني بشكل عام.
 
هذه الاجراءات واعادة التشريعات الناظمة لذلك سترفع من اهمية قطاع الزراعة والصناعة البيئة الحقيقية لتخفيض نسب البطالة، فالتوجه نحو الزراعة، الصناعة بعد تخفيض كلف منتجاتها سيساعد في تشكيل خطوط الانتاج وسيستقطب الاستثمارات في هذين القطاعين وسينعش كذلك قطاع الخدمات وهذا مرهون بقدرتنا على تشكيل فريق سياسي واقتصادي شعاره استقلال في القرار وتقدم في الحياة السياسية القائمة على الديمقراطية مدخلنا الى اصلاح اقتصادي اجتماعي والاردن الذي نريد.