أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    30-Oct-2014

التنمية بدلاً من المواجهة والصراعات*عماد عبد الرحمن

الراي-يكمن السر في التنمية الشاملة واللافتة التي حققتها الصين خلال العقود الثلاثة الاخيرة، ما وضعته هذه الدولة لنفسها من اولوية اعتبرت فيها التنمية خيارها الاول والاهم، بدلا من المواجهةولصراعات،في بلد يضم عشرات الاعراق والديانات ومئات اللغات والثقافات، لحل مشاكل ربع سكان العالم اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، من خلال تمسكها بمنهج الاصلاح التدريجي لتجنيب المجتمع مخاطر التغير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي المفاجئ.
الروافع والمرتكزات التي انتهجتها الصين تتشابه الى حد كبير مع ما تنتهجه الدولة الاردنية، التي تمكنت من المحافظة على أداء سياسي واقتصادي مستقر، والتعامل مع تحديات اقتصادية وسياسية تأثرت، بدون شك، بما يحصل من تحديات اقليمية ضاغطة جدا، جعلت من اقليمنا عنوانا للااستقرار والفوضى، بعد ان فقدت الكثير من دوله سيادتها الوطنية التي كانت متوفرة حتى سنوات قليلة مضت، فأصبحت المملكة منارة مضيئة وسط محيط مظلم، فاثارت اعجاب الكثيرين حول العالم.
الاهم من كل ذلك، انتهاج الاردن والصين سياسة تنبذ العنف والتطرف والفكر المتشدد، ونشر ثقافة التسامح والاعتدال، بدون اراقة ولا نقطة دم واحدة، او تعطيل مؤسسات او اعلان حالة الطوارئ، او ابعاد سياسيه، فوجه الاردن جهوده نحو التحول الديمقراطي بالتوافق، والتداول الديمقراطي للحكومات فاجرى تعديلات دستورية عام 2011 شملت نحو ثلث مواد الدستور، وحافظ على تماسك نسيجه الاجتماعي، واعطيت المؤسسات أدوارا جديدة تتناسب وتجربتها وخبراتها، كما وسعت قواعد المشاركة الشعبية في الحكم.
ما يهمنا عند الحديث عن «التجربة الصينية» والتي كانت مدار بحث ونقاش عميق في مركز «الرأي «للدراسات، قبل ايام، الاستفادة من النجاحات الاقتصادية التي حققتها الصين، التي زارها جلالة الملك ثماني مرات منذ توليه سلطاته الدستورية، فهذا البلد الذي تجاوزت حجم تجارتنا معه نحو مليار و700 مليون دينار، اي ما يقارب مليارين ونصف المليار دولار، يستحق ان نقف كثيرا عند هذه الارقام، ومحاولة بناء علاقة من التوازن الاقتصادي، خصوصا واننا نصدر لها ما قيمته 250 مليون دولار، حسب ارقام عام 2013، حيث اصبحت الصين شريكنا الاقتصادي الثالث.
توازن التبادل الاقتصادي، اثار اهتمام الحكومتين الاردنية والصينية وقنواتهما التجارية، ومن اجل ردم الهوة الشاسعة، دخلت الصين اخيرا باستثمارات اقتصادية كبرى، فوقعت أخيرا مذكرة تفاهم لاستثمار يقدر بنحو 300 مليون دولار لانتاج الاسمدة العضوية، واخرى لتشغيل السكك الحديد، كما وقعت اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع شركات صينية كبرى لتوليد الطاقة الكهربائية من الصخر الزيتي، وأخرى لتوليد الطاقة من خلال استغلال طاقة الرياح.
ولا يقل التعاون الاقتصادي عن التعاون الثقافي والتعليمي، فهناك أكثر من الف طالب يدرسون في الجامعات الصينية، وهناك مئات الطلبة الصينيين الذين يدرسون في جامعاتنا ومعاهدنا، ايضا يمكننا الاستفادة من التجربة الصينية في مجال الادارة العامة والمحاسبة ومحاربة الفساد، فلديهم نظام صارم لمحاسبة المقصرين في عملهم او المستهترين او المتجاوزين على القانون، او المعتدين على سيادة الدولة، فعاقبت الدولة الصينية نحو 50 موظفا بدرجة وزير باحكام قاسية جدا، ممن سقطوا بسبب قضايا فساد او رشوة او تقصير وظيفي اودى بحياة مواطنين.
اوجه التشابه والتنوع كثيرة ومتشعبة بين تجربتي البلدين تنمويا وحضاريا، وكما حققت الصين معجزتها الاقتصادية ونموذجها الخاص، يمكن للاردن استكشاف نمط تنموي خاص به، يخرجه من حالة الركود والانكماش الاقتصادي الذي يعانيه بسبب محيطه الملتهب، ليحافظ على استثنائية الامن والاستقرار والرغبة في المحافظة على امن مواطنيه ورفاهيتهم ورخائهم رغم كل التحديات.