أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    10-May-2017

استقواء على الدولة* سلامة الدرعاوي
المقر - 
المطالب المالية الاستثنائية لعمال بعض الشركات الخاسرة هو نوع من التآمر على المؤسسات من قبل بعض المنتفعين والمتنفذين، وهو انتحار اقتصادي، والحكومة مطالبة بحماية الاستثمار الأجنبي حتى تتجنب المحاكم الدولية.
ماذا يعني أن يطالب عمال شركة بزيادات استثنائية رغم أن شركتهم تعاني من خسائر كبيرة وتسير نحو التصفية الإجبارية ، بعد أن تراكمت خسائرها الإجمالية؟.
هل يعقل أن يقوم العمال بتدمير مصدر رزقهم والإسراع في تصفية الشركة بمطالبهم التي لا تتلاءم مع الواقع الاقتصادي للشركة وإنتاجها؟.
في الأردن كان ما يسمى بالربيع العربي فاتحة خير على بعض المطالب العمالية الحقوقية العادلة والتي تمكنت من خلالها النقابات العمالية من تحقيقها لمنتسبيها، لكن للأسف تمادت بعض المطالب إلى التعجرف والتطاول على أرباب العمل بعقلية الانتقام والثأر ، لا بل إنها في بعض الأحيان وصلت إلى حالة الاستقواء على الدولة برمتها، مستغلة المرونة التي أبدتها الأجهزة المعنية المختلفة تجاه الحراكات والمظاهرات التي عمت البلاد عقب عام 2010.
أذكر جيدا أن أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت باتجاه بيع صحيفة العرب اليوم أن بعض العاملين فيها من الذين كانوا يشكلون عبئا إداريا وإنتاجيا على الصحيفة؛ أخذوا يتقدمون بمطالبات مالية غريبة عجيبة تتمثل في زيادات مالية مقطوعة، على الرغم من أن واقع الصحيفة المالي كان متأزما، وكانت إدارة الشركة ملتزمة بالزيادات السنوية وبعض الزيادات للمبدعين من الإعلاميين الذين يحملون الصحيفة على عاتقهم، ما جعل إدارة الصحفية ترى في تصرف بعض العاملين هو عدم تقدير لدور الإدارة والمالك في حماية هذه المنشأة واستمراريتها لأكثر من 10 سنوات رغم خسائرها المالية الكبيرة، هنا بدأت إدارة الصحيفة فعلا تفكر في التخلي عن هذا الحمل المالي الكبير وعندما سنحت لها الفرصة الأولى باعت المنشأة كاملة.
حتى صحيفة "الرأي" التي عانت من قرارات إدارية كلفتها عشرات الملايين من الدولارات وحملتها أعباء مالية كبيرة دفعت العاملين فيها إلى الانتقام المالي من إدارتها السابقة من خلال الضغوطات غير المسبوقة التي مارسوها على الحكومات والضمان الاجتماعي للحصول على راتب السادس عشر في الوقت الذي بدا منحنى الخسائر يحيط بأنشطة الشركة، واستجابت إدارة الصحيفة لتلك الضغوطات ومولت نفقات الراتب الإضافي الجديد من قروض برهن أصولها، ما كبدها خسائر إضافية حملها أعباء مالية لم تعد قادرة على تحمل تبعاتها، والمحصلة تأخر في الرواتب وصعوبات في سداد القروض والفوائد، وخسائر متراكمة تجاوزت رأس المال، ما يهدد وجودها كاملة.
الآن، عمال مصنع الاسمنت بالرشادية، يعتصمون للحصول على زيادات استثنائية، وحوافز مالية جديدة، رغم أن الشركة تمنح العاملين فيها 16 راتبا ، ومعدل الراتب للعامل فيها 1700 دينار، وتأمين صحي شامل مدى الحياة للعامل وعائلته بشكل غير مسبوق في الدولة الاردنية كاملة، لا بل إن الشركة أغلقت مصنعها الرئيسي في منطقة الفحيص منذ 3 سنوات، ورغم الإغلاق وتوقف الإنتاج لأسباب مختلفة، فإنها ما زالت تدفع رواتب وعلاوات وحوافز 250 عاملا فيه وكان المصنع يعمل ، لا بل إنهم يحصلون وهم لا يعملون على الزيادات السنوية وجميع الحوافز بكلفة إجمالية تبلغ حوالي 7 ملايين دينار سنويا، لا بل إنها تدفع تعويضات بيئية نتيجة القضايا المرفوعة عليها من قبل سكان المنطقة بقيمة تتراوح بين 5-6 ملايين دينار سنويا، وهذا كله ومصنع الفحيص متوقف كليا عن العمل، والشركة تسجل خسائر تراكمية تجاوزت نسبته 55 بالمائة من رأسمالها، ومع ذلك يصر العاملون على الاعتصامات والإضرابات للمطالبة بزيادات استثنائية.
والأمر لا يختلف كثيرا في شركات التعدين وشركات خدمية كبرى لم تعد قادرة على التعاطي مع القضايا العمالية بنفس النهج السابق.
بعض المطالب العمالية هي نوع من الانتحار الاقتصادي، يقوده البعض من أرباب النقابات الذين يعملون لصالحهم وجيوبهم الشخصية، وكثير منهم يعملون بتلك الشركات برواتب فلكية، وهم أساس الابتزاز العمالي للمؤسسات الاقتصادية، وهو ما يستدعي من الحكومة التحرك سريعا لحماية تلك المنشآت وعدم تركها فريسة لبعض المتنفعين من جهة، وحماية جهود الأردن في الترويج الاستثماري أمام المجتمع الدولي من جهة أخرى.