أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    02-Mar-2017

الصناعات الأميركية ترى وجهي ترامب

الغد-ترجمة: ينال أبو زينة
 
في وقت متأخر من موسم الانتخابات، في الوقت الذي حاول فيه بعض النقاد اختلاق حالة من عدم اليقين إزاء تنصيب كلينتون الذي لا مفر منه، وضع القليل من الأفراد ماذا سيحل بالأسواق المالية في حال تم انتخاب دونالد ترامب. وكانت الإجابة التي خرج بها الكثير منهم أليمة جداً: الإنهيار العظيم. وعلى عكس جميع التوقعات، تم انتخاب ترامب، ومن ثم، وفي الموعد المحدد ارتفعت أسهم البورصات إلى مستويات قياسية، أليس كذلك؟
أم ماذا؟
هذا هو السؤال الذي يثيره العديد من خبراء السياسة والاقتصاد في الوقت الراهن: لماذا تبدو الأسواق فرحة وسعيدة بترامب؟ في حين أن واشنطن تاهت –وربما ما تزال تتوه- في حالة من اليأس إزاء عدم كفاءة أيامه الأولى، عواصف التغريدات على "تويتر" في الأوقات المتأخرة من الليل، وفشله حتى في ملء الوظائف بالطاقم الذي يحتاجه لينجز أي شيء، والغياب الكامل لأي شيء يمكن أن يشبه خطة سياسية مفصلة، يبدو "وول-ستريت" وكأنه راض عن كيفية سير الأمور حتى الآن، لماذا هذا الإنقسام إذا؟
 لهذا السبب، عندما جلست أستمع إلى خطاب ترامب الأخير، سألت نفسي كيف سيبدو وقعه على آذان "وول-ستريت"، أو على أصحاب الأعمال والمصالح في أماكن أخرى. وكانت الإجابة التي خرجت بها أنه الخطاب ربما شابه إلى حد كبير تصريحات سابقة له: عبارات مختلطة بشكل لا ريب فيه.
 من ناحية، تخفيض الضرائب على الشركات، موافقات على خطوط الأنابيب، تريليون دولار من أجل البنية التحتية، إدارة أغذية وعقاقير أقل بطئا وصعوبة في التعامل معها، ومن الناحية الأخرى، تجارة عادلة (تعبر بصراحة عن "الحمائية")، وتدابير صارمة ضد الهجرة فضلا عن صرخات ومطالبات طويلة ضد أسعار صرف الأدوية "المرتفعة بشكل مصطنع". ومن أين سأتي بهذا التريليون دولار، على أية حال؟
 وبالنسبة للأعمال التجارية، بعبارة أخرى، هناك ترامب "الجيد" وترامب "السيئ". ويبدو أن "وول-ستريت" يملك إيمانا كبيرا وقويا بأن ترامب "الجيد" سيفعل ما تعهد به، في حين أن ترامب "السيئ" ربما يكون يقول ما يقول لإبقاء ناخبيه سلميين، في حين أنه لا يعني ما يقول فعليا.
مثل معظم سكان واشنطن، أعتقد أن "وول-ستريت" أساء جوهريا فهم كيف تجري الأمور في مدينتي. فترامب "الجيد" يعد بأمور ستكلف مبالغ فلكية، ومن أجل الإيفاء بهذه الوعود، سوف يحتاج لتمرير هذه الفواتير عبر الكونغرس، ومن ثم سيتعين على "مكتب الميزانية في الكونغرس" أن يقيمها، وهي الهيئة التي ستبلغ، بشكل صحيح، عن كونها ستكلف مبالغ فلكية بواقع الحال. وسيتوجب على ترامب الجيد أن يحدد الأولويات، أو أن يعترف لناخبيه أنه سيلزم أحفادهم بفاتورة هديته الشخصية إلى الشركة التي تشحن فرص العمل خارج البلاد.
 وترامب "السيئ"، من جهة أخرى، يعد بأمور تروق الجماهير والتي يغلب الظن أنها يمكن أن تنفذ عادة، على الأقل في جزء منها، من خلال السلطة التنفيذية دون الحاجة إلى قانون جديد. وإذا ما كان علي أن أراهن على أي "الترامبين" سيسود، سأضع نقودي على عداء المهاجرين، لا على الإصلاحات الضريبية.
لا يخلق الخطاب حتى فرقا، وبالطبع ليس الأعمال التجارية متجانسة بطبعها، فلا شك بأن بعض الصناعات كانت متلهفة لما قاله في خطابه الأخير، كشركات الرعاية الصحية –على سبيل المثال- التي كانت على الأغلب تركز على كل كلمة من كلماته طالما أنه ذكر تفاصيل مخططه لاستبدال نظام الرعاية الصحية تحت إدارة أوباما. (ليس بالتفصيل الممل، وكإعادة صياغة بشكل أساسي للتوافق المبدئي بين الجمهوريين، ليس أكثر من حبي طفل).
ليس هنالك شك في أن شركات الأدوية تنبهت إلى نقاشه حول أسعار الأغذية والعقاقير، رغم أني أشك بأن العديد منها ستتقبل مراقبة الأسعار عن طيب خاطر أو حتى تخفف حمايتها لبراءات الاختراع مقابل تحصيل الموافقات التنظيمية السريعة.
ولكن معظم الشركات التي تستفيد من السياسات التي حددها (شركات الإنشاءات الثقيلة والمصنعون الصغار الذين تهددهم المنافسة الأجنبية، على سبيل المثال) لم يسمعوا أي شيء جديد، رغم أنني على ثقة من أنهم كانوا مسرورين لتكرر ذكر مصالحهم في الخطاب. في حين كانت الشركات التي يبدو وأنها تخسر المعركة، مثل تلك التي توظف أعدادا كبيراً من المهاجرين ضعيفي المهارات، على الأغلب غير متفاجئة بسماعه يجدد رغباته بحماية العمال الأميركيين من المنافسة الأجنبية. 
وسوف أفاجئ نفسي إذا ما استجابت سوق الأسهم الأميركية لخطابه بقوة في أي جانب كان ذلك. وبالنسبة للوقت الحالي، فأنا أتوقع أن يواصل المستثمرون الرهان على ترامب "الجيد"، على الأقل حتى يثبت بنفسه أنهم كانوا على خطأ. وعند تلك النقطة، نقطة الإدراك المتأخر، سوف تتحول بعض التوقعات إلى كونها كانت خاطئة تماما، في حين أن أخرى –في ذات الزمان والمكان- ستكشف عن أمور غير عادية.