محاولات مستميتة لدول كبرى لتهميش تداعيات تفشي وباء كورونا على الاقتصاد العالمي، الا ان الاجراءات والاحتياطات الوقائية تؤدي الى ابطاء التجارة بين الدول وعبرها، وتراجع حركة السياحة، ومع ازدياد اعداد المتوفين بالمئات والمصابين بالالاف، ووتائر المصابين والمتوفين على ازدياد، مع انتشار الوباء في اكثر من عشرين دولة وتسجيل وفيات خارج الصين، ومن الانعكاسات الاولية لذلك انخفاض اسعار النفط والمنتجات البترولية لادنى مستوى لها منذ 13 شهرا، وسط تحرك كبار المنتجين والمصدرين  للاتفاق على تخفيض جديد للانتاج للدفاع عن الاسعار.

الاقتصاد الاردني الذي يواجه تحديات قديمة جديدة بحتاج الى جرعة كبيرة من التحفيز وتسريع وتائر الأنشطة الاستثمارية والاسواق التجارية بما يعود بالمنفعة على القدرة الشرائية للمواطنين، ويحسن معدلات توزيع الاقتصاد في المجتمع، وافضل السبل الى تحقيق ذلك تحفيض تكاليف الانتاج والمعيشة، وافضل السياسات والقرارات المالية لبلوغ ذلك تخفيض اسعار السلع الارتكازية في مقدمتها المحروقات والطاقة خصوصا وان اسعار النفط انزلقت دون الحاجز النفسي لـ 55 دولارا للبرميل، والامر نفسه بالنسبة للغاز الطبيعي ( LNG ) اي ان تخفيض اسعار الطاقة لن يرتب تكاليف تذكر على الخزينة من جهة وفي نفس الوقت ينعكس ايجابيا على الاستثمار والاستهلاك والاقتصاد الكلي من جهة اخرى.

تفهم صندوق النقد لاحتياجات الاقتصاد الاردني بدا واضحا في تصميم آخر برنامج للتصحيح الاقتصادي والمالي للسنوات الاربع المقبلة، وان مراعاة التطورات الاقليمية والدولية يفترض ان يتم التعامل معها بمرونة وسرعة وبما ان البرنامج اعد محليا وبموافقة الصندوق فان اخذ قرارات في ظل الظروف الطارئة متاح بما يخدم الاقتصاد والمجتمع الاردني.

السياسات المالية خصوصا الضريبية منها يفترض ان تعمل وفق معطيات الاقتصاد ومتطلبات النمو، وهذه السياسات تفرض الضرائب بموجبها لضمان التوازن في الاقتصاد والمجتمع، وكذلك يتم تخفيضها لتنشيط الطلب وتحفيز الاقتصاد، لذلك التطورات العالمية تتطلب التحوط مسبقا باطلاق حزمة تحفيز تراعي المتغيرات العالمية تلافيا لأي تأخير قد يكلفنا اكثر، فالقرارات المبكرة تخفض الكلف وتعظم منافعها، وهذا ما نراه في الشركات الكبرى التي تتخذ اجراءات احتياطية للمحافظة على حصتها السوقية ودعم اسعار اسهمها في الاسواق المالية الاقليمية والعالمية.

مخزونات الاقتصاد الاردني غنية ووافرة، وان قدرة المواطنين على التحمل والتكيف ليست عالية، فالحكمة تستدعي توظيف هذه العناصر لزيادة الانتاج وتعميق الاعتماد على الذاتي قولا وفعلا، فالظروف الصعبة تمهد الطريق للسير نحو الافضل لتحقيق النجاح والافلات من تباطؤ وتراجع شبه مستمر منذ ثلاثة عقود.