أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    20-Sep-2018

القَضية ليست في الضريبة*سلامة الدرعاوي

 الدستور-قِلَّة قَليلة من المُشاركين في اللقاءاتِ الحكوميّة من تَحَدَّثوا عن مشروعِ قانونِ الضَريبة وأبدوا مُلاحَظاتهم السَلبيّة عليه. 

الباقي وجدوا في تلك اللقاءات فرصةً كبيرة لِجعلها مَنَصات رَسميّة لِحواراتهم وانتقاداتِهم واِستيائهم من الوضعِ العام، للحديثِ عن كُلّ ما يخطرُ بِبالهم من مشاكل محليّة او إقليميّة ودوليّة ليصبّوا جام غضبهم على الحكومة وسياساتها المُختلفة. 
غالبيةُ الحديث كانت تتّجه بوصلته نحو مواضيعَ مُحددة، مِنهم من ركّزَ على المؤامرة على الأردن وصَفقة القَرن ووضع المملكة الإقليميّ، والحِصارُ الذي يَتعرض لهُ بشكل غيرُ مُباشر من الأصدقاءِ والحُلَفاء.
البعضُ الآخر شنَّ هُجوماً كبيراً على صندوقِ النقد الدولي، وان شروطه الاقتصاديّة على الحكومة هي نوعٌ من تركيعِ الأردن تَمهيداً لإخضاعه لمشروعٍ سياسيّ كبير يرفضُ النظامُ السياسيّ في المملكة الانخراط به او حتى المشاركة به لأسبابٍ مُختلفة.
آخرونَ وجهّوا أكبرَ النقد للحكومة وللفريق الوزاري على فَشَلهم في إيجادِ فُرصِ عمل لآلاف الشباب العاطلِ عن العمل، وعدم وجود تَنمية حقيقية في المُحافظات تحديداً، وانتشار جيوب الفقر بشكلٍ كبير خلال السَنَوات القَليلة الماضية.
أما البَعضُ الآخر، فَكانَ التركّيزُ على موضوعِ الفَساد، واحتلَ الأخير مَساحة كبيرة من حديث اللقاءات الوزارية، فاسترجاعُ الكردي وعوني مطيع واسترداد الأموال  منهما كان عاملاً مُشتركاً للكثيرِ من المشاركين، لا بل أن البعض ذَهَبَ لأبعدَ من ذلك عندما طالَبَ الحُكومة باسترجاع ما تم خصخصته من مشاريع مُختلفة على اعتبار أن ما حَدَثَ بها كان تَجاوزاً على القانون وفيه من الفَسَادِ ما أضاعَ على الاردنيين الاحتفاظَ بثرواتهم الطبيعيّة ومواردهم التي بيعت بأثمان بَخسة لا تتناسبُ أبداً مع قيمتهم الحقيقية حسبَ رأيهم واعتقادهم.
حتى مَسألةُ الولاية العامة وصلاحيات الحكومة، كان لها نصيبٌ وافر من حديث المُشاركينَ في اللقاءاتِ، وَجَميعُها كانت سلبيّة دون اِستثناء، والكثير انتقد الحكومة في هذا الأمر ووصفها بأبشع الأوصاف، واتهموها علناً بأنها غيرُ قادرة على إدارةِ البلاد او تحقيق مَطالب الشّارع، حتى أن البعض رأى أنها خالفت عهودها بحمايةِ الأمن المَعيشيّ للمواطنين.
قد يكون ما تحدث به البعضُ صحيحاً، وقد يكون خاطئاً، لكن في النهاية يتضحُ أن طبيعة النقاشات خرجت عن الموضوعِ الرئيسي التي عُقدت من أجلها اللقاءات الوزارية، وهو توسيّع قاعدة الحوار الوطني بين الحكومة والشّارع حولَ مشروع قانون ضريبة الدخل والذي مازال مُتطلباً أساسياً لاِستكمال جهودِ المملكة في إعادة جدولة مديونيتها وتسيير حصولها على منحٍ وقروض مُيسرة من المانحين والمؤسسات المالية الدولية حتى يتجنبَ الاقتصاد الدخولَ في أزمة ماليّة شبيهة أو أسوأ من أزمة الدينار سنة 1989.
نعم الكثيرُ من انتقاداتِ المواطنين للسياسات الحكومية صحيحة، لكن هذه  السياسات ليست وليدة حكومةِ الرزاز التي لم يُمضّ عليها 100 يوم ، هي سياساتٌ مُتراكمة يَجني المواطن والحكومة معاً تداعياتها السلبيّة، ولن تسطيع اي حكومة حل تلك المشاكل المُتراكمة بين ليلةٍ وضحاها، ولن يثقّ المواطن بأي خطابٍ رسميّ في الإصلاح نتيجة العهود التي خذلتها الحُكُومات السابقة المختلفة في هذا الشأن، وهم معذورون، ومشهد الاحتقان على حديث الوزراء هو ترجمة حقيقة للسلبية التي  يعيشها المواطن منذ سنوات وإلى عدمِ تَحسن مستوى معيشته او حتى مُشاركته في العملية السياسيّة والاقتصاديّة.
نعم كل العُذر للمواطنين وانتقاداتهم، لكن الإصلاح لا يمكن ان يُنجز بين ليلة وضحاها كما قُلنا سابقاً، لكن الأمر بحاجة الى بناء جدار الثقةً، والكُرة في ملعبِ الحكومة تحديداً في هذا المجال، وليكن ما حدث في اللقاءات الاخيرة درساً لها في فتحِ الحوارات في كافةِ المجالات وعدم حَصرها بمواسم الأزمات الاقتصاديّة كالضريبة والعجز مثلا.