أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    17-Sep-2018

مزارع ألماني في غانا يشبع رغبة المستهلكين الألمان في تناول الفاكهة الاستوائية

 د ب ا: لم يكن هيلموت لوتز يرغب مطلقا في أن يكون مزارعا. والده كان مزارعا، يقوم بزراعة الكرنب في السهول المحيطة ببلدة فيلدرشتات في جنوب غرب ألمانيا.

وقضى لوتز بعض الوقت كمتدرب لدى شركة «دايلمر» لصناعة السيارات، ولكن فكرة أن يقضي 30عاما في خطوط التجميع، لكي يحصل على ساعة ذهبية كمكافأة له عند التقاعد، لم تكن فكرته بشأن المعيشة التي يرغب فى أن يحياها. ويقول لوتز «أستطيع أن اشتري ساعة ذهبية لنفسي».
بدلا من ذلك، اتجه لوتز إلى آفاق بعيدة، وانتهى به الأمر في أفريقيا. ولكن، من المثير للدهشة، أنه أصبح مزارعا في نهاية المطاف. ففي غانا، يقوم لوتز بزراعة البابايا والأناناس، ويقوم من خلال صديق قديم يعمل كموزع بتصدير هذه الفاكهة إلى ألمانيا، حيث أصبح لدى المستهلكين مذاقا لتناول الفاكهة الغريبة.
ويقول لوتز (58عاما) «أفريقيا مثل الغرب البري» في إشارة إلى الغرب الأمريكي في مرحلة الاستيطان الأوروبي لأمريكا الشمالية. 
وتقع مزرعة لوتز «تروبيجا» على بعد أربع ساعات بالسيارةعن العاصمة أكرا، في منطقة نهر الفولتا. وفي كل مكان يقع نظرك عليه، هناك أشجار نخيل خضراء تنمو. في الليل، لا يمكن رؤية الطرق المليئة بالغبار في الظلام، ويمكن فقط سماع أصوات الصراصير. إنه عالم يختلف كثيرا عن عالم منطقة شوابيا موطن لوتز في ألمانيا. 
وفي مزرعة تبلغ مساحتها 200 هيكتار، يزرع لوتز الفاكهة الاستوائية حصريا للسوق الألماني. ويقوم بتصدير 500 إلى 1000 طن من البابايا إلى ألمانيا سنويا، وذلك وفقا لحساباته.
وفي السنوات الأخيرة أصبحت الفاكهة الاستوائية تكتسب شعبية متزايدة لدى الألمان. وخلال عام 2011، استوردت ألمانيا 7895 طنا من البابايا. وبعد أربعة أعوام، استوردت 12259طنا، وفقا للمكتب الاتحادي للزراعة والتغذية.
وتتميز فاكهة البابايا بلونها الأخضر من الخارج والأصفر من الداخل، ويشبه طعمها طعم المانغو والشمام أيضاً.
ويقول هيلفينج شفارتو، من الجمعية الألمانية للمعلومات الزراعية، أنه إلى جانب البابايا، أصبحت فاكهتا الأفوكادو والمانغو أيضا تكتسبان المزيد من الشعبية.
وأحد أسباب ذلك هو أن المزارعين والمصدرين طوروا سبلا أفضل لضمان أن تكون الفاكهة» جاهزة لتناولها» عندما تصل المتاجر- و هو أمر لا يمكن ضمانه لأن الفاكهة الاستوائية تبقى من ثلاثة إلى أربعة أسابيع على متن حاويات الشحن في البحر، لذلك يجب جنيها قبل أن تنضج بالكامل.
في الماضي، لم تكن مثل هذه الفاكهة الاستوائية ناضجة ويمكن تناولها عندما تصل إلى أرفف المتاجر، مما كان لا يشجع المستهلكين على شرائها. أما الآن، فإن الفاكهة تصل إلى ألمانيا وهي على وشك أن تكون ناضجة قبل بيعها للمتاجر. هذا يجعل الفاكهة أغلى بنحو 30 إلى 40% ، ولكن لا يبدو أن ذلك يزعج المستهلكين.
ويقول شفارتو «المستهلكون في ألمانيا يهتمون بصورة أكبر بالنكهة وعلى استعداد لأن يدفعوا مقابل ذلك».
ولذلك يتم نقل البابايا التي يزرعها لوتز جوا إلى ألمانيا وليس بحرا. إذ يتم جني الفاكهة ونقلها على متن شاحنات في نفس اليوم للمطار في أكرا. وتصل الفاكهة إلى بروكسل أو لوكسمبورغ في اليوم التالي، ثم تنقل بعد ذلك إلى ألمانيا للتوزيع. ويقول فريديلم بالمز، الشريك في ملكية الشركة التي تشتري بصورة حصرية منتجات مزرعة تروبيجا، أنه خلال 48 ساعة من جني الفاكهة، تكون البابايا في المتاجر، تماما كما لو أن الناس «اشتروها أثناء قضائهم عطلة في كوستاريكا أو غانا». في الوقت الحالي، تأتي معظم واردات البابايا لألمانيا من البرازيل، حيث قامت ألمانيا باستيراد 8932 طنا عام 2015. وتحتل غانا المرتبة الثالثة في قائمة مصدري البابايا لألمانيا، حيث يبلغ حجم صادراتها منها 907 أطنان، إذ يقول لوتز إن مرزعته تعد أكبر مصدر للفاكهة في غانا.
ولكي يتأكد من أن الأمور تجري بصورة جيدة في مزرعته، استعان لوتز ببعض العادات المتبعة في وطنه الأم ألمانيا. فعندما كان يعيش هناك، وجد أن بلاده تتبني مسارا أكثر نظاما وصرامة …» لافتة هنا ولافتة هناك» توضح للناس كيف يتصرفون. ومن ثم فإنه في المناطق النائية في غانا، يدير مرزعته وفقا للانضباط الألماني الصارم. ويقول لوتز « في دايلمر، هناك الكثير من الأمور التي لم أكن أحبها، على سبيل المثال الدقة». ولكنه الآن يعرف أنه بدونها لن يسير أي شيء على ما يرام «فالشحنة يجب أن تصل في وقتها» كما يكرر دائما. وهكذا أصبح صارما مع العاملين معه وعددهم 150. وأي شخص يصل متأخرا لعمله يتلقى تحذيرا. كما يقوم لوتز بمراقبة دقيقة لإنتاجيتهم. من ناحية أخرى، يقوم لوتز أيضا بدفع أجور مقابل العمل لوقت إضافي، كما أن العاملين يحصلون على إجازات وعلى ضعف الحد الادني للأجور تقريبا- وهي مزايا غير شائعة في غانا. وتعد المزرعة أحد أهم جهات العمل في المنطقة، حيث توفر سبل العيش لحوالي 10 آلاف شخص بصورة غير مباشرة، حسب ما قاله بالمز. وحقيقة أن العمل الجاد يؤتي ثماره هي أمر تعلمه لوتز من والديه، حيث يقول «إذا عملت بصورة جيدة، سوف تتلقى عائدا ماليا جيدا». لذلك فإنه سوف يستمر في العمل. ويقوم لوتز بتقديم منتجاته «جاهزة للأكل» مما يعني أنه يتم تقديم الفاكهة مقشرة ومقطعة ومعبأة بصورة منفردة. ويبدو ان تيار الميل لهذه الفاكهة الغريبة يسير في ذلك الاتجاه في ألمانيا، حسب أحد المشترين. وإلى جانب ذلك، يعتزم لوتز دخول أسواق جديدة وزراعة منتجات جديدة. فنحو 200 هيكتار من مزرعته غير مستخدمة حاليا. وحول ذلك يقول «نحن نبحث عن منتجات ليست ذات جاذبية كبيرة لغاية الآن بالنسبة للأسواق الكبرى». وفي الوقت الحالي، يفكر في زراعة القشطة الشائكة. لكن مازال لم يتضح ما إذا كان المستهلكون في ألمانيا سوف يحبون هذه الفاكهة. وعلى الرغم من الأعوام الكثيرة التي قضاها في غانا وجميع الفاكهة الغريبة المتاحة له، مازال لوتز يفضل الطعام الألماني. فقد قام بتعليم خادمته كيفية عمل كرات المعكرونة ورافيولي منطقة الشوابيا، ويقول لوتز» اعترف، إنني أعشق منتجات بلدتي».