أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    23-Feb-2017

ابن خلدون والحكومة ورفع الأسعار !*محمد كعوش

الراي-يقول الخبر أن اللجنة النيابية لمتابعة تعديل الأسعار توصلت في تقريرها الى أن ما ترفده قرارات الحكومة للخزينة نتيجة رفع الأسعار بلغ حوالي 445مليون دينار. هذا لا يعني أننا تجاوزنا الأزمة ، ولا يمثل حلا جذريا مستقبليا ، اذا استمرت الأزمة الأقليمية والتوتر العام الذي عطل حركة النمو وعجلة الأنتاج في معظم دول المنطقة المأزومة... ما هو الحل ؟
 
في لقائه مع رؤساء الكتل النيابية يوم الأحد الماضي قال الملك عبد الله الثاني بكل صراحة ووضوح أن « المرحلة صعبة والجميع شركاء في تحمل المسؤولية « ، وهذا يعني مسؤولية الحكومة والمجتمع والقطاع العام والقطاع الخاص ، وكل السلطات والمؤسسات ، لتمكين البلاد من العبور الى بر الأمان والسلامة..
 
تعالوا نبحث عن حل بالحوار الهادىء ونعالج الأزمة بحكمة وعقلانية لأنها اصبحت قضية وطن ، ولأن المساعدات الخارجية اصبحت شحيحة وربما توقفت لأنها مشروطة بفاتورة سياسية قد يصعب دفعها ، لأنها تلامس المصالح الأردنية العليا.
 
نعم هي مرحلة صعبة وتحتاج الى قرارات صعبة ، وقد تكون غير شعبية وموجعة ، ويجب أن تكون مدروسة لأن سياسة الفزعة الآنية لا تنفع ولا تحل المشكلة حلا جذريا ، كما أن اصلاح وانقاذ الوضع المالي والأقتصادي عملية معقدة قد يكون لها آثارها الجانبية على الصعيد الأجتماعي ، ولأن الأصلاح برفع الأسعار « العلاج بالكي « سيؤدي الى تآكل الطبقة الوسطى وتوسيع مساحة الطبقة الفقيرة ، وهذا يعني حدوث الخلل الأجتماعي.
 
وفي مثل هذه الأوضاع من المفروض أن تطلب الحكومة من المجلس الأقتصادي والأجتماعي أن يعد تقريرا عن حجم الآثار الأجتماعية الناتجة عن عملية رفع الأسعار، لأن المفروض أن يرسم المجلس المذكور السياسة الأقتصادية والأجتماعية للحكومة ، كما هو الحال في الدول المتقدمة ، لأن الأكتفاء بخفض النفقات له آثاره الجانبية السلبية ايضا ، لذلك نحتاج الى خطة عمل مدروسة وخريطة طريق مستندة على توجيهات جلالته التي وردت في الورقة الاصلاحية الأدارية والأقتصادية قبل السياسية.
 
يقول ابن خلدون في « مقدمته « وهو العالم الأجتماعي الأشهر في التاريخ: « أن الدولة هي السوق ألأعظم ، واذا قلت نفقاتها يقع الكساد في الأسواق ، وتضعف الأرباح في المتاجر فيقل الخراج ، لأن الخراج والجباية تكون من الأعمار والمعاملات والأنفاق في الأسواق ، وطلب الناس للفوائد والأرباح، ووبال ذلك عائد على الدولة «.
 
ويحذر ابن خلدون من المبالغة في الأنفاق وتجاوز الحدود بالبذخ ، فيقصر دخل الدولة عن خرجها ويطرق الخلل ويحصل العجز. ويتحدث عن التحولات في المجتمع أي مدى تأثير الخلل الأقتصادي على الواقع الأجتماعي ، أي أنه يحذر من المبالغة في الأستهلاك. وهنا يحضرني رئيس الحكومة الراحل عبد الحميد شرف الذي اطلق مشروع ترشيد الأستهلاك في المؤتمر الصحفي في مقر الحكومة قرب الدوار الثالث في العام 1979.
 
هو المشروع الذي يؤكد أن الراحل « ابو ناصر « سبق جيله في رؤيته المستقبلية ، فاستشعر الأزمة قبل حدوثها بزمن طويل ، لأنه أدرك حجم قدراتنا الأقتصادية ، في حين كنا ، وما زلنا ، نعيش رفاهية المجتمعات الأستهلاكية التي خلقتها طفرة النفط ، فجاء مشروعه لضبط النفقات وترشيد الأستهلاك على الصعيد الحكومي والشعبي... بالتقشف وشد الحزام ، أي كما يقول المثل الشعبي « قد لحافك مد رجليك «.
 
لذلك يجب أن نعيد طرح برنامج ترشيد الأستهلاك الرسمي والشعبي ، ويجب ان يكون للحكومة دورها الواضح الشفاف، وللمجتمع دوره المتفهم ، من أجل الخروج من ألأزمة على قاعدة اصلاحية سليمة ، شرط عدم المساس قوت الطبقة الفقيرة ، ومستوى حياة المواطن محدود الدخل.
 
كذلك يجب اعادة بناء اقتصادنا الوطني بقدراتنا الذاتية، والتركيز على انشاء مشروعات انتاجية ، تساعد على خلق فرص عمل جديدة، واعتقد أننا واجهنا مراحل صعبة، وربما أصعب، وخرجنا من عين العاصفة أقوى وأصلب بالعمل والأيمان وليس بالصوت العالي، واستشهد هنا بقول جلال الدين الرومي للمرة الثانية «المطر هو الذي ينبت الزرع وليس الرعد».