أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    28-Aug-2018

إيطاليا على أعتاب أزمة مصرفية عميقة
مباشر -  نهى النحاس  -
 
 تجدد الاضطراب في الأسواق المالية يجب أن يبعث برسالة عاجلة إلى القادة الإيطاليين مفداها أنه يجب تسريع إصلاح مكلف وقد يكون مدمر للبنوك الضعيفة لمنع تكاليف وأزمات أكبر في وقت لاحق.
 
ويرى تحليل نشره موقع "بلومبرج أوبينيون" أنه حينما تهاوت العملة التركية في الأسبوع قبل الماضي فإن السندات الإيطالية وأسهم البنوك كانت ضمن أول الأصول التي شعرت بالتداعيات، بالرغم من إيطاليا محدودة التعرض للمخاطر التركية.
 
ويكمن السبب الرئيسي في ذعر الأسواق بسبب آخر وهو أن عاصفة اقتصادية ومالية كاملة بدأت تُجمع شتاتها.
 
وتشهد تكاليف الاقتراض حالة من الارتفاع مع إنهاء البنوك المركزية حول العالم لبرامجها التحفيزية، حيث أن البنك المركزي الأوروبي وعبر برنامجه لشراء السندات أبقى معدلات الفائدة الإيطالية منخفضة بشكل غير عادي.
 
وبدأ الارتفاع الحتمي في عوائد السندات الإيطالية حيث تسببت التوترات السياسية في البلاد في قفزة العوائد مؤخراً، وخلال الأشهر المقبلة ستسير معدلات الفائدة الإيطالية في طريق واحد فقط وهو ارتفاع أكبر.
 
وفي الوقت نفسه فإن الاقتصاد الإيطالي بتباطأ، حيث نما الناتج الإجمالي المحلي بنحو 1.2% على أساس سنوي في الربع الثاني من 2018 مقابل 1.8% في الربع الرابع من 2017.
 
وبينما يستمر الاقتصاد الصيني في التباطؤ فإن وتيرة نمو التجارة العالمية ستتراجع، الأمر الذي يعني بالنسبة لإيطاليا احتمال توقف نمو الناتج الإجمالي المحلي لديها في النصف الثاني من العام الجاري.
 
وسوف يضع هذا المزيج المتمثل في زيادة معدلات الفائدة وتباطؤ النمو الاقتصادي ضغوطاً مالية على الحكومة التي سيتعين عليها إعادة تمويل ديون بأكثر من 300 مليار يورو عند معدلات فائدة أعلى قبل نهاية 2019.
 
في الوقت نفسه فإن ضعف النمو الاقتصادي سيؤدي إلى تآكل في إيرادات الضرائب وزيادة الطلب على الإنفاق الاجتماعي وفي النهاية سيشهد عبء الديون ارتفاعاً أكبر.
 
لكن بقدر ما تكون المشاكل المالية خطيرة فإن العاصفة سوف تتسبب كما تفعل دائماً في فوضى قصوى في الهيكل الأكثر هشاشة وهو النظام المصرفي.
 
وتستثمر البنوك الإيطالية بغزارة في السندات الحكومية لتخلق هيكل متآكل من خلاله تعاني البنوك من الخسائر حينما ترتفع الفائدة كما أن المخاوف بشأن الموارد المالية للحكومة تجعل السندات تفقد قيمتها ويتآكل رأس مال البنوك.
 
والأسوأ هو أن تباطؤ الاقتصاد سيكبد البنوك مزيدا من القروض المتعثرة، كما أن المشتريين المحتملين لسندات البنوك سوف يبتعدون عنها، وبما أن البنوك الضعيفة تصبح أكثر اعتماداً على الحكومة فإن الهيكل المتأكل سيزداد.
 
ويشير التحليل إلى أنه عند الاقتراب من الأزمة المالية فإن كل الخيارات المتاحة تُصبح سيئة، لكن المقولة التاريخية تقول أن تأخير التدابير يؤدي إلى تكاليف أعلى فيما بعد.
 
ومثل سابقتها، فإن الحكومة الجديدة غير راغبة في إلحاق الأذى بالمقترضين المقصرين أو الدائنين المتهورين في البنوك الإيطالية، ومتخذي القرار مستمرون في آمالهم في أن موجة موسعة من انخفاض أسعار الفائدة ونمو اقتصادي مطرد سوف يؤدي إلى حل أزمات المقترضين والسماح بسداد أموال الدائنين و"هذا التفاؤل المضلل دائمًا أصبح الآن خادعًا".
 
وفي النصف الثاني من 2017 والأشهر الأولى من العام الجاري تذوقت إيطاليا لحظات إيجابية وجيزة حيث كانت معدلات الفائدة مستمرة في انخفاضها ما أدى إلى طفرة نادرة من النمو العالمي المتزامن وتسبب في النهاية في نمو اقتصادها.
 
وأتاح ذلك للبنوك الإيطالية أن تجد مشتريين لبعض قروضها السيئة عند 10% إلى 35% من القيمة الاسمية للسند، كما ساعدت الحكومة عبر توفير بعض الضمانات المحدودة على القروض.
 
وكان هناك خطوات على الطريق الصحيح حيث أن البنوك الإيطالية تداركت الخسائر وبدأت حركة بطيئة تجاه العمل بشكل طبيعي.
 
ومع بدء انحسار تلك الفترة المضيئة فإن على الحكومة التصرف بسرعة، وعليها أن تسارع بإشهار إفلاس المقترضين المتعثرين، ومطالبة البنوك بزيادة مخصصاتها ضد القروض المعدومة.
 
وبطبيعة الحال فإن تلك التحركات ستؤجج حدة توترات السوق لكن في الوقت نفسه هناك ضرورة للحد من أن يصبح التوتر غير محتمل في الأشهر المقبلة.
 
وليس ذلك فقط، فإيطاليا تعد مبالغ فيها في عدد البنوك وصرحت "دانيلي نوي" رئيس المراقبة المصرفية للمركزي الأوروبي أعلنت أن بعض المؤسسات "بكل بساطة يجب تموت بطريقة منظمة"، فمحاولة دمج هذه البنوك في مصارف أقوى ليس كافياً.
 
وينطبق في إيطاليا ذلك الآن وبشكل خاص على بنك "مونتي دي باتشي" حيث تمتلك الحكومة الآن نحو 70% من البنك، وليس هناك سبباً مقنعا للإبقاء عليه.
 
والسلطات الإيطالية بحاجة إلى أن تستيقظ، فمجرد النضال ضد المضاربين لن يوقف الأزمة، فاقتصاد الدولة وأموالها معرضة للخطر بشكل كبير، نتيجة لعقود من الحزبية والغيبوبة السياسية.
 
وتعزيز السقف قبل العاصفة دائماً ما يبدو أمراً إيجابياً، لكن مخاطر التقاعس كبيرة وبناء مأوى بمجرد هبوب العاصفة سوف يثبت بعد ذلك إنه شيء مستحيل.