أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    30-Aug-2019

أفق النمو الاقتصادي الأردني بين التحديات والفرص*د. محمد أبوحمور

 الراي-تنطوي أبعاد تحفيز النمو الاقتصادي في الأردن على معطيات مهمة حول التحديات الاقتصادية الحالية والمستقبلية، والتي لا تنفصل عن المناخات السياسية والاقتصادية الإقليمية والدولية مما مررنا به خلال أكثر من عقدين، ولعل أعمقها أثراً التحديات التي فرضتها اضطرابات «الربيع العربي» منذ بداية العقد الحالي، وتأثير التداخل والتشابك بين العوامل الإقليمية والتداعيات والانهيارات جراء الأزمات العالمية التي امتدت ظلالها إلى المنطقة، ولا سيما الأزمة المالية العالمية عام 2008، وإنْ كان الأردن من بين الدول التي نجت من تداعيات هذه الأزمة بالذات وتأثيراتها السلبية.

 
ورغم التحديات التي واجهناها لأسباب خارجية وداخلية، وما نزال نواجهها، في مجالات النمو الاقتصادي وما يتعلق بها من جوانب وقضايا، مثل ارتفاع معدلات البطالة، والمديونية، والتنافسية وجذب الاستثمارات الأجنبية، والشراكة بين القطاعين العام والخاص؛ فإن الخيارات والفرص ما تزال أيضاً متاحة أمامنا لإيجاد حلول يمكننا من خلالها استعادة القدرة على معالجة المشكلات وتجاوز العقبات التي تفرضها التحديات، مسترشدين بمبدأ تحويل التحديات إلى فرص الذي تحدث عنه جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم في أكثر من مناسبة.
 
بيّنت في أكثر من لقاء ومقابلة مع وسائل الإعلام المختلفة أنَّ حجم الدين العام هو مرآة لعجز الموازنة، فقد تجاوز الدين العام حاجز 29 مليار دينار حتى شهر أيار من العام الحالي (2019). وذكرت أن هناك نظرية اقتصادية تقول بأن تخفيض الضرائب على القطاعات الاقتصادية يؤدي إلى تحفيز هذه القطاعات وتوليد نموّ اقتصادي أعلى. وهذه النظرية أو الرؤية عملت بها عندما كنت وزيراً للمالية في العام 2010، من خلال تخفيض رسوم نقل المُلكية، وإلغاء 11 قانوناً ضريبياً وتخفيض ضريبة الدخل على مختلف القطاعات والفئات، وضبط الإنفاق، وكانت النتائج انخفاضاً في عجز الموازنة بمقدار 500 مليون خلال عام واحد.
 
لا شك أن ارتفاع معدل النمو الاقتصادي وزيادة نسبة الاستثمارات يشكلان الحل الأمثل للمشكلات الاقتصادية. فارتفاع النمو الاقتصادي يعني تخفيض نسبة البطالة، وتخفيض عجز الموازنة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، كما أن المديونية ستنخفض بالنتيجة، إضافة إلى أن مستوى معيشة المواطن الذي شهد تراجعاً خلال السنوات الست الماضية سيبدأ بالتحسن.
 
كان من الواضح أن السنوات الماضية شهدت سيراً في الاتجاه الخاطىء على مستوى المؤشرات الاقتصادية؛ فالمديونية ارتفعت من 11,5 مليار دينار (وهو قيمة الرصيد غير المسدَّد من الديون منذ تأسيس المملكة) إلى ما يزيد على 29 مليار خلال النصف الأول من العام 2019، وتراجع الاستثمار الأجنبي بحدود 50%، وتراجع النمو الاقتصادي إلى مستوى 2%، وهو أقل من معدل النمو السكاني 2,3%، ما أدى إلى تراجع مستوى معيشة المواطن بنسبة تصل إلى حوالي الربع خلال الأعوام الأخيرة، وكذلك ارتفاع معدلات البطالة والفقر إلى مستويات غير مسبوقة.
 
واقع الأمر أن معدل النمو الاقتصادي في أحسن الحالات لم يتجاوز 2,5%، فيما يفترض أن لا يقل عن 7% حتى يتسنى للمواطن أن يحسِّن من مستوى معيشته. وفي الأحوال العادية ينبغي أن يكون النمو الاقتصادي بحد أدنى في مستوى 2,3% لكي يحافظ المواطن على مستوى معيشته دون تراجع، إلا أن تدفق اللجوء السوري أدى إلى زيادة النمو السكاني الحقيقي 5 درجات بالمئة ليصبح أكثر من 7%، وتمثل هذه النسبة مجمل النمو السكاني الطبيعي للأردنيين مضافاً إليها الزيادة الناتجة عن اللجوء السوري.
 
في الآونة الأخيرة هنالك تحسُّن في بعض المؤشرات الاقتصادية، كالسياحة وحوالات العاملين والصادرات والتي ينبغي دراستها وتحليلها ومعرفة أسبابها، وهل هي متكررة للسنوات المقبلة، أم لمرة واحدة كما يحدث مع حوالات العاملين مثلاً حيث لم يزد عدد الأردنيين العاملين في الخارج ولم ترتفع رواتبهم، وبالتالي وبسبب الظروف الاقتصادية التي تعيشها دول الخليج العربي بدأ عدد منهم يعود إلى الوطن ومعه تعويضاته، وهي دفعة واحدة لن تتكرر، وهذا يعني تراجع حوالات العاملين الأردنيين في الخارج في المستقبل، إلا إذا استمرت عملية عودتهم إلى وطنهم خلال السنوات القادمة.
 
في كل الأحوال يجب القول إن أمامنا فرصة لحلول استثنائية تعزّز هذا التحسن، وأهمها برأيي أن نعمد إلى الدين منخفض أسعار الفائدة بدلاً من الدين الحالي المرتفع أسعار الفائدة، مع الحرص على عدم التوجه للاقتراض الداخلي بسبب المنافسة بين القطاع الخاص والقطاع العام في هذا الجانب، فضلاً عن تحفيز النمو من خلال جلب الاستثمارات الأجنبية، وقبل ذلك تحسين البيئة والمنظومة التشريعية للاستثمار، بما في ذلك الحفاظ على الاستقرار التشريعي للقوانين، ولا سيما تلك التي تهمّ المستثمرين وفي مقدمتها قانون ضريبة الدخل. ثم التأكيد على الأسس السليمة للعلاقة التعاقدية طويلة الأجل في الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، لأن هذا القطاع الخاص يمثل ثلثي الاقتصاد تقريباً، بينما تمثل الحكومة الثلث كقيمة مضافة.
 
هذه إشارات حول مجالات الفرص والأفق الذي يمكننا التحرك في مداه بطموحات مبنيّة على بيانات ومؤشرات تساعد على توقّع نسب النجاح الذي نرجوه، وتحقيق أكبر قدر من النتائج الإيجابية، ضمن رؤية شمولية وخطة استراتيجية واضحة المعالم، وللحديث بقية.