أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Nov-2020

لا لتسييس قرارات البنك المركزي*سامح المحاريق

 الراي

تتصاعد الانتقادات الموجهة للبنك المركزي الأردني على المستوى الشعبي، والخلاصة هي المطالبة بتأجيل الأقساط المصرفية المستحقة على المقترضين، وإذا كان الحديث عن الأثر الاقتصادي فيجب الإحاطة به من جميع الجهات، لا أن يتم التركيز على جانب من المعادلة وإهمال الآخر.
 
بداية يجب توضيح أن الأزمة الاقتصادية الراهنة تحتم على البنك المركزي التمسك بالدور الرئيسي الذي انطلقت فكرة تأسيس البنوك لأجله، وهو التحكم في عرض النقد في السوق، وحماية استقرار القطاع المصرفي، وبعبارة أخرى أموال المودعين، أما الدور التنموي فيمكن للبنك المركزي أن ينخرط في أداء مهامه لا أن يتحول إلى لاعب رئيسي في أدائه، وعليه ألا يزاحم الحكومة أو يتحمل نيابة عنها، فدوره يعبر الحكومات والأزمات ليكون جزءاً من تحقيق الأمن الاقتصادي.
 
ستتأثر المالية العامة خلال العام القادم بكثير من المعطيات، ومن أهمها تراجع أرباح البنوك نتيجة الإجراءات التي اتخذت منذ بداية أزمة كورونا، وهو ما سيترتب عليه انخفاض الضريبة المتحصلة على أعمالها.
 
لا تجد البنوك مشكلة في جدولة ديون المتضررين من الأزمة، وهذه عملية تُغرق الجميع في التفاصيل، ولكنها تبقى أفضل من تجميد السداد وترحيل المشكلة والأثر الاقتصادي لمرحلة لاحقة، يفترض أن يكون الاقتصاد وقتها مهيأ للتعافي.
 
العملية المرهقة والصعبة لتوفير الحلول للعملاء المتأثرين أمر لا مناص من خوضه بالنسبة للبنوك التي ليس لها مصلحة في استمرار التحصيل من أشخاص خسروا وظائفهم وتأثر دخلهم كلياً أو جزئياً، وكل ما تود البنوك الحصول عليه هو تصور كامل لمدى التأثر الحقيقي الذي لحق بالقطاعات الاقتصادية المختلفة، وعلى المتضررين أن يبادروا بفتح أوراقهم للبنوك من أجل التفاوض حول ذلك.
 
المفارقة أن دعوات كثيرة توجه للبنوك من أجل التوسع في الإقراض للشركات المتضررة لمساعدتها في تجاوز تبعات الأزمة وأثرها على القطاعات المختلفة، والتوسع في التمويل دون وجود أفق للتعافي من شأنه تعقيد المشكلة، والقفز بتكلفة الحلول مستقبلاً.
 
من السهل العمل على شيطنة البنوك، ولكن لنتصور كيف يمكن أن تتعطل العجلة الاقتصادية في حال عدم وجودها، وما هي البدائل عن البنوك حيث يتراجع دور السوق المالي منذ سنوات، وسلامة الأوضاع المالية للقطاع المصرفي بقي دائماً أحد المؤشرات التي تنبني عليها الثقة في الاقتصاد الأردني، وكانت نقطة ايجابية لدى أي تقييم من الجهات المقرضة، ويبقى الفارق بين القرار على مستوى الجهاز المصرفي والأجهزة الحكومية متمثلاً في تحرر البنوك نوعاً ما من اعتبارات ضغوطات الرأي العام في قراراتها، وهو الأمر الذي لا يمكن للحكومة أن تتجاهله، وثمة نقطة وسط وحل ممكن بين الجانبين.
 
تعميم البنك المركزي بتأجيل الأقساط للمتضررين، هو عملية توكيد على اجراءات قائمة أصلاً، لأن أي بنك يمكن أن يستخدم استراتيجيات التحصيل التقليدية في الظروف الاعتيادية أما الظروف الاستثنائية فتتطلب برنامجاً أوسع يجب أن يعمل على مراعاة المتضررين وقبل ذلك تحديدهم بدقة لكيلا يتسلق على أكتافهم فئات تحقق مكاسب من تأجيل سدادها لمجرد التأجيل والحصول على دورة اقتصادية اضافية غير مستحقة لأعمالها.
 
وجدت البنوك المركزية لكبح الجموح الاقتصادي للحكومات، ولذلك حظيت بالاستقلالية في قراراتها، ودون البنك المركزي ودوره لكان من السهل على أي حكومة إغراق أي بلد في أزمات تضخمية أو انكماشية، والمركزي الأردني يمتلك من الخبرة الكثير واستطاع أن يخدم الاقتصاد الأردني بكثير من المسؤولية والمهنية، وليس من مصلحة أحد تسييس قراراته أو دفعها لخانة الشعبوية، والحلول تكون من خلال الحوار وتقييم النتائج المباشرة وغير المباشرة لأي قرار وليس بمجرد المطالب المرسلة والأمنيات الطيبة.